الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ولا تفرقوا


في دراسة مقارنة بين السنة والشيعة الجعفرية والايزيدية للمستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالي تفسير مفصل للعلاقة بين تنازع المسلمين الداخلي وشتاتهم الخارجي، وهي تمكن القارئ من التأمل في أسباب ما حل بنا من إنهزام أمام العالم . وهي دراسة وافية يمكن الإستناد إليها لتجميع شتات المسلمين وإعادة روح الإتحاد بين الأمم الإسلامية.

ويرجع العقالي بداية الخلاف بين المسلمين إلي فترة ما بعد وفاة نبي الأمة الإسلامية محمد صلي الله عليه وسلم والإختلاف علي الإمامة والتي إنتهت بعد مشاورات وتحاور إلي القبول بسيدنا أبي بكر الصديق كأول خليفة للمسلمين ، وكانت تلك الفترة هي أول فترة تباين للآراء وتقسيم المسلمين إلي فرق متباينة حتي إنتهي الخلاف واجتمعت الآراء علي أبو بكر الصديق.

وكان هذا الخلاف هو أول إنشقاق عقائدي يضرب أمة الإسلام ويفرقهما أحزابًا وشيعًا ، وأول الفرق الإسلامية التي قامت بدراسات مفصلة عن الإمامة كانت الشيعة ، أما أهل السنة فلم يتطرقوا إلي هذا الموضوع إلا للرد علي تساؤلات وشبهات الشيعة وغيرهم. 

وانقسمت الشيعة إلي فرق عدة وأحزاب تبقي منها في وقتنا الحاضر ثلاث فرق هي الشيعة الإمامية الإثنا عشرية الملقبة بالجعفرية والشيعة الايزيدية والشيعة الإسماعيلية.

وكانت الشيعة الإثنا عشرية هم أصحاب السبق في بحث الإمامة وتقوم نظريتهم علي حق الإمام علي في الإمامة. ويعتبر الايزيدية أقرب الفرق الشيعية إلي أهل السنة وتقوم نظريتهم علي أن النبي لم يعين خليفته بنص بل عرفه المسلمون بالوصف، ويعتبر الايزيدية، المذهب الشيعي الوحيد الذي به كثير من الحلول التي تصلح لتهيئة أرضية مشتركة للتعايش بين المذاهب الاسلامية .

وفي منتصف القرن الماضي تم إنشاء دار التقريب بين المذاهب الإسلامية وهي تجمع علماء و مفكرين من المذاهب الثلاثة أهل السنة والجعفرية والزيدية محاولة منهم لحل الخلاف التاريخي بين المذاهب الثلاثة ، وكان أهل السنة والجماعة يتصورون الشيعة من الغلاة مع العلم بأن الشيعة تكفر الغلاة وفِي المقابل تصور الشيعة أن أهل السنة من النواصب أي الذين يناصبون أهل بني المصطفي العداء علي الرغم من حب أهل السنة لآل البيت وكان هدف دار التقريب  إزالة الخلافات بين المذاهب وتوحيد الأمة الاسلامية ، واتفق علماء الدار علي الإلتفاف حول العقائد والأصول المتفق عليها و أن يعذر بعضهم بعضًا فيما وراء ذلك من أمور.

ويحاول الأزهر أن يمارس هذا التوجه بالتقريب وقد أتاح دراسة فقه المذاهب الإسلامية السنية والشيعية ضمن مناهج الدراسة بجامعة الأزهر ، وأجاز الإمام الاكبر محمود شلتوت التعبد بمذهب الشيعة الإمامية ، ووصفه بأنه كسائر مذاهب أهل السنة ،ولكن السياسة والتعاملات بين الدول أفسدت المبادئ التي أرستها دار التقريب ، وظهرت العصبية المقيته وانتشرت دعاوي التكفير والتفسيق ، وقد ساعد في ذلك إنتشار الحروب في المنطقة ،و تسببت الدول المستعمرة في نشر الفتنة بين المذاهب المختلفة و إحداث شرخ كبير في أمتنا الاسلامية ، وقاطعت الدول بعضها البعض وإزداد التشدد والهوس المذهبي.

وتظهر دراسة العقالي معتقدات كل مذهب من المذاهب السابق ذكرها للوصول إلي هدف محدد وهو أن المسلمين إذا تعارفوا تكاشفوا وإذا تكاشفوا تواصفوا علاج أدوائهم ويظهر لهم أن التآلف والاتحاد أهم بكثير من التعصب والإبتعاد ، وأن السبيل الحقيقي للتقريب بين مذاهب المسلمين الإبتعاد عن الظن والتكذيب والإتهامات المطلقة ، وفِي النهاية البحثية يفيد العقالي أن الوحدة بين المسلمين لها أكبر الأثر في نشر الدعوة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وليتذكر جموع المسلمين قول المولي عز وجل في كتابه الكريم وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط