الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«كاتالونيا».. حلم قطر وجماعة الإخوان في عودة الأندلس(2-2)


كانت مذبحة "لارامبلا" التي دهس خلاله متطرف العشرات بسيارة فى 17 أغسطس في برشلونة راح ضحيتها 14 قتيلا وأكثر من 120 مصابا، بالتوازي مع هجوم فاشل بالمتفجرات وقع في منتجع كامبرليس القريب ..

حتى أن العاهل الإسباني فيليبي السادس خرج على التقاليد الملكية ليكون أول ملك ينضم إلى تظاهرة من هذا النوع تندد بالإرهاب والإرهابيين منذ إعادة النظام الملكى في 1975.

هذا الحادث أعاد للأذهان مذبحة مدريد، وأيقظ شعورا لدى أجهزة الأمن الإسبانية بضرورة تبنى نهج مغاير يتوافق مع حجم وشكل التهديد الإرهابي الجديد، وبدأت أنظار السلطات تتجه تدريجيا لمراقبة انشطة واستثمارات قطر وجماعة الإخوان المسلمين!

وعلى الفور قامت وحدة الاستخبارات التابعة لشرطة كاتالونيا المعروفة باسم ( موسوس دى سكوادرا ) بتعيين فريق متخصص في رصد الأموال التي يتم ضخها لحسابات قادة التنظيم والاستثمارات القطرية، بالإضافة إلى متابعة المساجد والجمعيات التابعة لهم في الإقليم بعد أن أصبحت منطقة كاتالونيا "منطقة تمثل خطرا محدقا على إسبانيا بل وأوروبا" فقد أصبحت مرتعا للإرهابيين طبقا لتقاريرهم الاستخباراتية، فالعقل المدبر لعملية برشلونة كان إمام مسجد، في حين تبقى عملية مدريد هى اللغز الشاغل، والتي لاتزال تؤرق السلطات الأمنية الإسبانية رغم مرور 13 عاما عليها !

فهناك معلومات غير موثقة أن أبطالها يعيشون ما بين فرنسا وكاتالونيا وتحديدا الجنوب الفرنسي القريب والصديق لكاتالونيا، ومنهم أبو مصعب السورى صاحب الكتاب الشهير في الوسط الجهادي الذي يحمل عنوانا "دعوة للمقاومة الأسلامية" وهو يعرف في أسبانيا بإسم " مصطفى ست مريم"، وقد دخل إسبانيا عام 1985 وتزوج من إسبانية ليحصل على الجنسية الإسبانية عام 1887 و ظل لمدة عشر سنوات حتى عام 1995 باسبانيا بعدها غادر إلى أفغانستان،ـ على الرغم أنه اتهم من قدومه إلى إسبانيا أنه كان وراء تفجير أحد المطاعم بمدريد لكنه استطاع أن يفلت من العقاب وتمت تبرئته، وظل أبو مصعب السورى يتحرك تحت أسماء مستعارة لتجنب المراقبة الأمنية مثل عمر عبد القادر وعمر عبد الحكيم فى حين أن اسمه لدى الاستخبارات الإسبانية هو مصطفى ست مريم!

لدى وقوع تفجيرات عام 2004 أثير اسمه خلال التحقيقات فى وقت قد غادر فيها البلاد الى وجهة مجهولة ربما تكون قطر أو تركيا، وهناك هواجس تؤكد أنه يعيش فى كاتالونيا بأسماء مستعارة.

أما الشخص الثاني أيضا الذي يؤرق أسبانيا، هو الأندونيسى بارلنجودان سيريجار، وهو فى العقد السادس من عمره يعرف لدى الدوائر الأمنية بإسبانيا باسم "بالين" أو الصينى درس فى جامعة مدريد الهندسة الجوية بمنحة من الحكومة الإسبانية ووكالة التعاون الأسباني وكان زميلا لسرحان عبد المجيد المعروف بالتونسي الذي يعتقد أنه أحد الرؤوس والعناصر المدبرة لتفجيرات مدريد واسم " بالين اليوم على رأس قائمة المطلوبين لدى أسبانيا والاستخبارات الأوروبية،  ورغم أنه قيل قد غادر البلاد عام 2001، لكن بصماته وجدت أثناء التحقيقات في تفجيرات مدريد 2004 إذ كان وراء تطوير بعض التقنيات التي استعملت في تفجير القطارات وكشفت التحقيقات مع أفراد الخلية التي كان يتزعمها السوري عماد الدين بركات جركس التي تعرف بخلية الدحداح " فقد كان " بالين " أحد المتورطين والمشاركين فيها وهو من أخطر العناصر الإرهابية الإندونيسية حتى ان سلطات جاكرتا تعتبر أكثر الإرهابيين خطرا وتتساءل السلطات الأسبانية هل عاد " بلين " إلى مأوى الإرهابيين في كاتالونيا ؟!

ويأتي الشخص الثالث الذي يؤرق سلطات أسبانيا وهو المغربى سعيد براج الذي ينعت بأنه "الحلقة المفقودة" في تفجير القطارات الأربعة، وتكمن أهمية هذا المغربي الذي أصدرت مدريد مذكرة توقيف دولية فى مارس 2004، كونه الشاهد الوحيد ضمن الخلية التي بقيت على قيد الحياة بعد تلك التفجيرات والتي انتحر أربعة من أعضائها داخل مسكنهم في حي بمدريد في أبريل 2004 بعد محاولة اعتقاله.

فقد أصبحت كتالونيا نقطة اشتعال ليس فقط لأسبانيا إنما لأوروبا كلها لذا وقفت أغلب الدول الأوروبية ضد انفصال هذا الإقليم الذي سيتم اختطافه ليصبح دولة تعج بالإرهابيين وسط أوروبا طبقا لتقارير استخباراتية.

مثلما فعلت قطر في فرنسا عبر شبكة إمبراطوريتها المالية والاستثمارية من خلال الرشاوى والعمليات والصفقات المشبوهة لتمكين جماعة الأخوان،  حيث استطاعت السيطرة على إتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا المعروف بـ" لواف" ومكنت قيادات التنظيم من السيطرة على مقاعد مجلس إدارتها ما ترتب عليه أن غالبية الجالية المسلمة ( 6 مليون نسمة ) من معتنقي فكر جماعة الإخوان الإرهابية، وبنفس السيناريو تقوم قطر بمحاولة انتزاع الجالية المسلمة في كاتالونيا والتي تشكل أكثر من 6% من سيطرة السلفيين لتدخل بيت الطاعة "الإخوانى"!.

وحتى تحقق قطر خطة التمكين بدأت لعبة المساومة مع السلطات الكاتالونية بتعزيز مساندة ودعم الجالية المسلمة فى كاتالونيا لنزعة الاستقلال والانفصال علاوة على الدعم المادى واللوجيستى والإعلامي والسياسي مقابل حصول قطر والتنظيم الدولى للإخوان على ساحة "بلازا دي توردس مونومنتال دى برشلونة" وهي الساحة التاريخية الرائعة التي شيدت عام 1914 في كاتالونيا وكانت مخصصة لمصارعة الثيران التي حظرتها إدارة الاقليم عام 2011 وأصبحت خالية فقط يتم تأجيرها للمهرجانات والفعاليات وذلك بتبرع الشيخ تميم بملياري يورو (5و2 مليار دولار ) لتحويل ساحة ( لو مونومنتال 9 إلى مسجد ضخم بحلول 2020 يتسع لنحو 40 ألف مصل ما يجعله أكبر مساجد أوروبا ويكون مركزا لتنظيم جماعة الإخوان في أوروبا!.

فقد ظل حلم قطر والتنظيم الدولى للإخوان منذ عشرات السنين لاسترداد الأندلس وإقامة دولة الخلافة المزعومة فى خطوات تتباطئ حينا وتتسارع أحيانا!، ولعب جهاز قطر للاستثمار الدور المحورى لتحقيق هذا الحلم الذي يراودهم وقد نجحت قطر في التهام فرنسا عبر إمبراطوريتها المالية بكل طرق الاحتيال لتمكين التنظيم الدولى من السيطرة على الجالية الإسلامية في فرنسا واستطاعت قطر ان تلعب في كافة مجالات الاستثمار السياحية والدوائية والصناعية والتجارية والبترولية والتكنولوجية وحتى الرياضية، حيث اشترت بثمن بخث 50 مليون يورو نادى باريس سان جيرمان pSG والاستحواذ على كامل اسهمه وبنفس السيناريو حاولت شراء نادى برشلونة، لكنها لم تقدر حتى الآن لكنها في محاول للالتفاف وقعت عقدا دعائيا لمدة 4 سنوات ( 2012 -2016 ) باسم هيئة السياحة القطرية لفريق برشلونة كرشوة مقابل 200 مليون يورو سنويا، كما وضع شعار الخطوط الجوية القطرية بين عامي( 2013-و2016) على قمصان اللاعبين في صفقة إجمالية بلغت 300 مليون يورو حتى جاءت الصفقة الكبرى بشراء اللاعب "نيمار" من نادي برشلونة في أكبر صفقة في تاريخ الرياضة في العالم بلغت 263 مليون دولار في الوقت الذي قامت فيه قطر عام 2014 بالحصول على حق استضافة بطولة العالم لألعاب القوى 2019 في قطر من خلال حزمة تمويلية كبيرة من بنك قطر بـ30 مليون دولار، إضافة إلى "رشوة " بوعو التبرع بـ7 مليون دولار للاتحاد الدولى لألعاب القوى من أجل هذا حصلت على 15 صوتا داعما لقطر من بين 27 أعضاء الاتحاد لتتفوق على برشلونة ! فى حين أن رئيس وزراء قطر الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثان كان قد اشترى نادي "ملقا" الإسباني بـ25 مليون يورو لينقذ النادى من حافة الإفلاس !!

ربما التقارير الاستخباراتية التى ترصد تحركات قطر والتنظيم الدولى للإخوان بعد حوادث الدهس والتفجيرات وخريطة الدم المرسومة، جعلت الحكومة الاسبانية، وتحديدا زعيم الحزب الشعبي ورئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي يقف موقف التحدى أمام محاولات انفصال إقليم كاتالونيا وإعلانها جمهورية مستقلة،  خاصة وهى من أغنى المناطق الإسبانية تمثل 25% من إجمالي صادرات إسبانيا عبر أمرائها وتنتج 20% من الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا.

 والأهم أن كاتالونيا تقع فى أقصى الشمال الشرقي لإسبانيا تفصلها عن الجنوب الفرنسى جبال البرانس والجنوب الفرنسي يرتبط أكثر بكاتالونيا لذا فهى "لقمة" سائغة في أفواه الإرهابيين برعاية قطر والتنظيم الدولى للإخوان،  ولذا كانت التظاهرات العارمة ضد الانفصال عن إسبانيا على الرغم من الرواسب القديمة التاريخية وعقدة " فرانكو " الذي حاول قمع هوية الكاتالونيين والتى تدير الآن عملية المنافسة الشرسة بين نادي برشلونة ونادي مدريد رغم أنهم على قمة الكرة الاسبانية !

لكن قطر وجماعات الإخوان لن يستسلموا لقرارات السلطة في إسبانيا وقرارات ماريانو راخوي رئيس الوزراء بتفعيل المادة 155 من الدستور التي تضع كاتالونيا تحت وصاية مدريد،  وهي المرة الأولى التي يتم استخدام هذه المادة وأعلن عن إقالة كارلوس بودجيمون رئيس الاقليم وحل البرلمان الكاتالوني ( 135 نائبا ) والذى أقر إعلان الجمهورية بغالبية 70 صوتا برئاسة كارمى فوركاديل، رئيسة البرلمان، كما أقال وزير الداخلية الإسبانى خوان أجناس يؤثر ابيرو رئيس قوة شرطة كاتالونيا، الذي يخضع للتحقيق واقدم راخوى عن عزل حكومة كاتالونيا بكاملها في إجراءات صارمة وحل البرلمان على أن تجرى انتخابات جديدة في الإقليم يوم 21 ديسمبر القادم وأعلن أنه رئيس الإقليم.

من المؤكد أن التظاهرات الاخرى على الجانب الاخر التى تعترف بالاستقلال وتحدى حكومة راخوي في اسبانيا ونبرات العنف التى قد تبدو بطلة الأيام القادمة لن تكون قطر ولا التنظيم الدولى للإخوان بعيدين عنها،  عبر دعم وتحريض حركة المجتمع المدنى الكاتالوني حتى بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم الاعتراف بهذا الاستفتاء،  ويبقى جماعة الإخوان فى حالة انتظار داخل حصان طروادة وهو "كارلوس بودجمون" رئيس الإقليم المقال ماذا تحمله الأيام القادمة.

فمن المؤكد مثلما تقول تقارير أمنية أن ماحدث لن يمر مرور الكرام متوقعين عمليات إرهابية هنا أو هناك لإرباك المشهد السياسي وإحراج حكومة راخوي، لكن الأيام القادمة حبلى بما سوف يحدث ويظل الحلم الإخواني القطري باستعادة الأندلس في انتظار تحقيقه عبر حصان طروادة !!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط