الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسوأ ما في أردوغان السيئ


لم أقتنع يوما بزعامة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم تلك الآلة الإعلامية الهائلة التي عملت على "تلميع" الرجل وتسويقه عبر سنوات طويلة، مقدمة إياه محقق نهضة تركيا، وراسمة إياه صانع معجزة في العالم الإسلامي، ومبشرة به عائدا بتاريخ إسلامي تليد.

إن عدم اقتناعي برجب طيب أردوغان كان مبنيا على أسباب موضوعية، فمن يحقق نهضة حقيقية لبلاده لا يلعق أحذية الأوروبيين - بطرق مختلفة - لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي مستخدما كافة الوسائل، ولاعبا بمختلف الأوراق، فلو أن هذه النهضة حقيقية، لسعى الأوروبيون سعيا لانضمامه إلى ناديهم، أما من يصنع معجزة فالأولى بشعبه أن يهنأ بهذا الإنجاز الكبير، أما وأن هذا الشعب يعاني المرارة، فإن هذه المعجزة المذكورة ليست إلا من صنع الخيال، وبالنسبة للتاريخ الإسلامي التليد، فلا يمكن أن يعود مع من لا يتخذ من القيم الإسلامية التي هي إنسانية خالصة منهج حياة، وأسلوب عمل، أما وأن يتخذ أردوغان البراجماتية له فلسفة، والتقية له نهجا، والعدوان له طريقا، فإن بين هذا والقيم الجوهرية للإسلام العظيم بون شاسع.

كل يوم يمر يثبت أن عدم اقتناعي هذا، بهذا الرجل كان عين الصواب، وهناك من الأمثلة اللا نهائية ما يؤكد فساد نهج هذا الرجل، مما تثبت لكل من له عينان أن الرجل كان يُعَدُّ لكي يلعب دورا قذرا في لعبة أكثر قذارة، هي ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كانت قد رسمته ببراعة أياد شيطانية بالولايات المتحدة الأمريكية وحظيَ بدعم وتأييد عالمي، ولكن كان لله سبحانه وتعالى مشيئة أخرى، تحققت على يد أبناء الشعب المصري، بحماية الجيش المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

مغامرات السلطان المزعوم رجب طيب أردوغان لم تنته، ولا تنتهي، فلا يلبث أن يفشل في مغامرة، إلا وقادته خيالاته المريضة إلى مغامرة فاشلة جديدة، حاول السلطان المريض نفسيا بكل جهد أن يتدخل في شؤون دول المنطقة؛ مرة من وراء ستار، وأخرى تدخل مباشر، وفي كل مرة يعود بخفيِّ حنين، ومع ذلك يظل أنصاره في حالة من تغييب العقل والوعي، لا يستطيعون معها أي نوع من التمييز.

في آخر مغامراته التي أكدت فشلا ذريعا، مهما حاول أن يصدِّر غير ذلك، مغامرته في التدخل العسكري بعفرين في عملية أطلق عليها ظلما وعدوانا " غصن الزيتون "، فلقد صوَّر أو تصور أنها ستكون نزهة، وإذا به يدخل في نفق مظلم، يُحْصَد فيه العديد من أرواح جنوده، ولا يحقق شيئا ذال بال حتى اللحظة، اللهم إلا ما يعانيه المدنيون من تقتيل، وما ذاقته عفرين من ويلات، والغوطة من عذابات.

إن أسوأ ما ظهر من أردوغان السيئ هو ذلك التماهي بينه وبين الجماعات الإرهابية وعلى رأسها الجماعة الأكثر دموية في التاريخ "داعش"، حيث ظهر ذلك جليا في استغلال الأطفال عند كليهما، فكما شاهدنا داعشيين يدفعون أطفالا لتفجير أنفسهم فإننا نجد أردوغان يستغل الأطفال بنفس منطق الإرهابيين، الذين يرون في التضحية بهؤلاء الأطفال شهادة لهم.

فمنذ بداية الهجمة العسكرية التي أطلقها الرئيس التركي قبل أربعين يومًا والتي سخر جميع الإمكانات الإعلامية والدينية والسياسية وحتى الرياضية فيها وبعد فشله في تحقيق تقدم واضح على الأرض بعد أربعين يومًا من الهجمات البرية والجوية العنيفة يأتي هذا الإرهابي ليستغل براءة الأطفال في معركة عفرين.

وما تجاهله الجميع هو أن هذه الطفلة التي ظهرت على وسائل الإعلام ومن شدة خوفها من الزي العسكري الذي يبدو واضحًا بأنها أُرغمت على ارتدائه قد بدأت بالبكاء عندما تحدث أردوغان بأنها ستكون شهيدة اذا قُتلت في المعركة التي يشنها الجيش التركي في عفرين وأن رفاقها سيزفون ويرفع العلم التركي التي يتواجد في جيبها وعند الاقتراب بدا الخوف واضحًا على ملامح الطفلة كما ظهر في الصورة.

لقد قدم أردوغان دليلا لا يقبل الشك أو التأويل في أنه ينهل من نفس منهل الجماعات الإرهابية التي لا تتورع من فعل أي شيء للحصول على ما تبتغيه من أغراض هي دنيوية مهما حاولوا كسيها بكساء ديني، بينهم وبينه مسافات شاسعة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط