الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفهوم التغيير فى حرية التعبير


المجتمعات المتقدمة لا تقوم على الرأى الواحد، وإنما تؤمن بالتعدد الفكرى، وتكفل حرية الرأى والتعبير، التى تقوم بدورها على الإيمان بالوطن، والعمل على ارتقائه وسموه.

ولهذا الهدف، نظمت تلك المجتمعات حرية الرأى والتعبير، ووضعت لها آليات وقوانين، بعضها يتماشى مع الأوضاع الداخلية، والبعض الآخر فرضته الظروف الدولية، والتى تتحكم فيها إلى درجة ما، القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

هذا النهج هو ما تريد بلادى مصر السير عليه، وهو ما أكدت عليه القيادة السياسية، التى دعت فى أكثر من مناسبة، إلى ضرورة المساهمة فى بناء الدولة، بتقديم الرأى والنصيحة، الخالصة من المصالح الشخصية، وخدمة قوى الشر الخارجية.

فدعت القيادة السياسية إلى تقوية التجربة الحزبية، على اعتبار أنها تمثل المعارضة الحقيقية، التى تساهم فى إعادة بناء الدولة، غير أن ضعف الأحزاب، وخروجها عن النص السياسى، جعل منها كيانات "كرتونية"، خالية من الكوادر السياسية، القادرة على تقديم البدائل، والمقترحات لحلول الأزمات التى تواجهها الدولة.

كفلت الدولة أيضا حرية الرأى والتعبير، لوسائل الإعلام، وفتحت المجال أمام الجميع، لإبداء الرأى فى سياسات الدولة، رغم ما يواجهها من تحديات خطيرة، يأتى فى مقدمتها الإرهاب الأسود الذى يريد أن يأتى على الأخضر واليابس، ومن فرط الحرية تحول كل مقدم برنامج إلى رئيس تحرير نفسه، بعد أن فقد الإعداد، فى كثير من البرامج الإعلامية، القدرة على تقديم رسالة إعلامية تخدم الدولة، وتحقق أهداف المجتمع.

ولأنه لا توجد ضوابط، أو التزام بالمعايير المهنية، أو القوانين المنظمة للإعلام والصحافة، تحول الأمر إلى ضرب من الهذيان، فالكل تحول الى خبير، وعالم، ومحلل، وخرج الأمر عن كونه حرية تعبير، إلى رفض الوصاية، على الدولة، وهو الأمر الذى أضر بالمهنة، وألحق الخسارة بالدولة وبالمجتمع على حد سواء.

ولضبط الأداء، والسير فى الاتجاه الصحيح لحرية التعبير، ظهرت معايير جديدة، كان آخرها ما أعلنت عنه النيابة العامة، من ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط حرية التعبير، بما لا يخل بمؤسسات الدولة أو ينال منها، أو يخدم قوى الشر التى لا تريد خيرا للبلاد ولا للعباد.

غير أن تلك المعايير، لم يفهمها البعض، وأساء استخدامها، حتى تحول المفهوم لديهم، من كفالة حرية الرأى والتعبير، إلى الترهيب، وتذنيب الإعلاميين والصحفيين، وهو ما كشفته كثير من الأحداث خلال الفترة الأخيرة، و التى شهدت تحويل العديد إلى النيابة العامة، بتهمة الإساءة إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها، ونشر قيم تتنافى مع مبادئ المجتمع وسياسة الدولة.

وقد يكون – عندى – أن الإفراط فى الولاء، هو الذى يدفع الكثيرين إلى التقدم للنيابة العامة ببلاغات ضد هذا أو ذاك، وهو أسلوب – فى تصورنا- لن يفيد المجتمع أو يخدم الدولة، لأنه يسد الطريق على أى محاولة لإبداء الرأى والتعبير، ويقنن لفكرة الرأى الواحد، وهو أسلوب ثبت عبر التاريخ فشله، وتنبهت له القيادة السياسية فى الوقت الحالى، التى تؤمن بأهمية المشاركة الشعبية، بكل أشكالها، فى إعادة البناء.

ومن أسف أن هذا الأسلوب يتم، فى حين لدينا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو الجهة العليا لتنظيم الصحافة والإعلام، ويقوم بدوره فى ضبط حرية الرأى والتعبير، وكذلك الأداء الإعلامى، متبعا الأساليب التى تخدم الدولة والمهنة، وذلك باتباع الأساليب القانونية، حيال المخالفات، فى وقت لم يلجأ فيه إلى ترهيب الإعلاميين، ببلاغات للنيابة العامة.

مفهوم التغيير فى حرية التعبير، إذن، عنصر لا يزال غائبا لدى الكثيرين، الذين لازالت مفاهيم الأداء الإعلامى ورسالته بعيدة عن مداركهم، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى دور هؤلاء، وكذلك فى دور وسائل الإعلام، حتى يسير الجميع فى طريق الإصلاح.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط