الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«انطلاق السباق النووي في المنطقة».. منافسة حادة بين «موسكو» و«واشنطن» للفوز بعقود المحطات.. «روسيا» تقيم مكتبا لوكالتها فى «أبو ظبي» و«أمريكا» أعدت مشروعها لإنشاء 40 مفاعلا محتملا..وقلق فى «تل أبيب»

محطة براكة النووية
محطة براكة النووية في الإمارات

  • مراقبون:
  • الاتفاق الإيراني أعطى الحق للعرب في امتلاك التكنولوجيا النووية
  • خيار استراتيجي أمثل للحصول على الطاقة الرخيصة
  • قلق إسرائيلي من امتلاك دول المنطقة برامج نووية
  • مصر والسعودية والإمارات والأردن مرشحون بقوة لدخول النادي النووي خلال أقل من عشر سنوات

أكد مراقبون أن الاتفاق النووي الإيراني أسس بالفعل لسباق نووي في المنطقة، يرتكز أساسا على ممارسة حق تخصيب اليورانيوم، على غرار الصيغة التي أتيحت لإيران، وهذا الحق أقرته معاهدة حظر الانتشار النووي.

وقال المراقبون إن ما يثير حفيظة بعض الدول خاصة إسرائيل، هو أن الدول العربية قد تستخدم برامجها النووية المزمع إنشاؤها لإنتاج أسلحة نووية في وقت ما في المستقبل.

وأوضح هؤلاء أن السعودية على وجه الخصوص لم تكن لتقف مكتوفة الأيدي، ولذلك بادرت بالسعي لبناء مشروعها النووي الخاص والذي يتضمن إنشاء 16 مفاعلا بحلول عام 2032 ووقعت الرياض اتفاقات مع الصين وروسيا وكوريا الجنوبية ودول أخرى.

من جهة أخرى، أفادت وسائل إعلام بأن الإدارة الأمريكية تنوي إطلاق مفاوضات مع السعودية لعقد صفقة خاصة بالتعاون النووي، وذلك مع الارتباط بالاتفاق الموقع بين إيران والمجتمع الدولي عام 2015.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، عن مسئولين اثنين في البيت الأبيض وثلاثة مستشارين تأكيدهم أن المباحثات انطلقت في العاصمة البريطانية لندن الجمعة الماضي، حيث ترأس وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري الوفد المشترك بين الوكالات من الجانب الأمريكي.

ذكرت الوكالة أن الرهان في هذه المفاوضات على عقود بقيمة مليارات الدولارات للشركات الأمريكية من جانب، ومزيد من التساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة على منع أصدقائها وحلفائها من امتلاك الترسانة النووية العسكرية من جانب آخر.

وأفادت الوكالة بأن رحلة بيري تتعلق بإمكانية إبرام ما يعرف بـاتفاقية "123"، وهى خاصة بالصفقات النووية بين الولايات المتحدة ودول أجنبية.

من جانبها، أوضحت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية أن الصفقة المفترضة تتيح للشركات الأمريكية، أكبرها "Westinghouse Electric Co" بناء مفاعلات نووية في السعودية، مؤكدة أن البيت الأبيض ينظر في إمكانية السماح للسعوديين بتخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم في تطوير برنامجهم النووي السلمي.

نقلت الوكالة عن مصدرين مطلعين تأكيدهما أن بيري ألغى زيارته المقررة إلى الهند الأسبوع الماضي، بغية حضور المشاورات بخصوص الصفقة مع السعودية في البيت الأبيض، وقالت إن وزير الطاقة الأمريكي سيجتمع في لندن مع نظيره السعودي خالد الفالح، ما يعتبر خطوة هامة في المشاورات المستمرة بين الطرفين على مدار الأشهر الأخيرة.

وأضافت "أسوشيتد برس" أن المفاوضات بين واشنطن والرياض مرتبطة إلى حد كبير مع الصفقة النووية المبرمة بين إيران ومجموعة "5+1" عام 2015، ونقلت عن مسئولين سعوديين لم يكشف عن أسمائهم قولهم إن المملكة قد تقبل قيودا على برنامجها النووي، في حال جعل الاتفاق النووي مع طهران أكثر صرامة.

وأوضحت الوكالة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبح في موقف صعب، إذ وافق سلفه باراك أوباما على السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية بموجب الاتفاق النووي، ما استدعى تساؤلات من قبل حلفاء واشنطن الإقليميين بشأن القيود التي ما زالت مفروضة عليهم في هذا المجال.

وتمنع بعض "اتفاقات 123" المبرمة بين الولايات المتحدة ودول أخرى تلك البلدان من تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم لأغراض سلمية.

في هذا السياق، باءت المفاوضات بين واشنطن والرياض بالفشل بخصوص المشاريع النووية المشتركة في المملكة إبان عهد أوباما.

ووردت هذه الأنباء قبل زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في الثلاثاء 20 مارس الجاري ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية، فإن إحدى الشركات بالولايات المتحدة الأمريكية روجت في عام 2015 لمشروعها الخاص ببناء مفاعلات نووية في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت المجلة إن المشروع المقترح تضمن بناء 40 مفاعلا نوويا في الشرق الأوسط، على أن تقوم تلك المفاعلات بتغذية شبكة كهرباء إقليمية، ولا يمكن استخدامها لإنتاج وقود للأسلحة النووية، وعلى أن تقوم بتمويلها كل من المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى، ويجري بناؤها وإدارتها من جانب تحالف مكون من شركات أمريكية وروسية وفرنسية وهولندية وعربية وبريطانية وأوكرانية وإسرائيلية.

وأوضحت إحدى الشرائح الترويجية للمشروع أن الجانب الأمني كانت ستقدمه شركة "روسوبورون" الروسية المتخصصة في تصدير الأسلحة والتي تخضع لعقوبات أمريكية.
 
وقال توماس كوكران، وهو عالم مشارك في المشروع، في تصريحات لمجلة "نيوزويك"، إن محاولات جرت لإقناع الحكومة المصرية بأن تقوم على الأقل بتأجيل قبول الاتفاق مع شركة "روس أتوم" الروسية على تمويل وبناء أربعة مفاعلات، وذلك كي تقوم وبعناية بدراسة العرض البديل الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية.

من ناحية أخرى، أشارت دراسة إسرائيلية إلى أن الدول العربية تتسابق لتطوير طاقة نووية ردا على البرنامج النووي الإيراني، وأكدت أن روسيا تلعب دورا هاما في هذا السباق بهدف تعزيز مكانتها في المنطقة.

وأوضحت الدراسة الجديدة التي أعدها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لمعهد "هرتسيليا" متعدد المجالات، سعي دول عربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لبناء محطات طاقة نووية بدعم روسي.

وأشار معدّ الدراسة، الدكتور شاؤول شاي، إلى أن السعي وراء الطاقة النووية يأتي كرد على برنامج النووي الإيراني، وليس فقط من باب تطوير قدرات نووية لأهداف اقتصادية.

وحسب الدراسة، فإن هذه المساعي تحظى بدعم روسي متمثل بتزويد الدول بالمعلومات والتكنولوجيا اللازمة نظير تعزيز قوتها في المنطقة.

وقال الباحث الإسرائيلي إن المعلومات التي جمعها تدعم الادعاء الإسرائيلي بأن البرنامج النووي الإيراني يدفع المنطقة إلى سباق نووي، لا سيما لدى الدول المنافسة لإيران في المنطقة، وهي السعودية ومصر وتركيا والأردن، وشدّد الباحث على أن حيازة المعلومات والتكنولوجيا لبناء المنشآت النووية لتطوير الطاقة تقصّر الطريق إلى تحويلها لتكنولوجيا حربية رغم أن الأمر ليس سهلا.

وفي حين تستعد الإمارات لتشدين محطة نووية الأولى في العالم العربي، ستكون السعودية الثانية في الخليج لتملك طاقة نووية. وكانت المملكة السعودية استأجرت خدمات شركة مدنية لتحديد الموقع الأنسب لبناء المنشآت في المملكة، ووقعت اتفاقات مع أمريكا وفرنسا وروسيا للتعاون في مجال الطاقة النووية.

وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن السعودية تقيم علاقات استراتيجية قوية مع باكستان التي تملك سلاحا نوويا. وكانت السعودية دعمت باكستان اقتصاديا في حين كانت تقبع تحت قيود اقتصادية.

وتسعى مصر كذلك إلى تطوير الطاقة النووية لديها، وقد جاء ذلك خلال اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الضبعة.

وذكرت الدراسة أن روسيا لا تخفي نواياها بشأن دعم مشاريع الطاقة النووية في المنطقة، إذ أقامت عام 2014 مكتبا لوكالتها النووية في دبي بهدف الإشراف على المنشآت النووية التي تساعد الوكالة على إقامتها.

من جانبه، قال الدكتور سالم حامدي، رئيس الهيئة العربية للطاقة الذرية، إن المشروع النووي في بلاده يهم الوطن العربي كله، فهو ضرورة وليس ترفًا.

وأوضح حامدي أن خطوات المملكة نحو المشروع النووي ستجعلها واحدة من أكبر أقطاب صناعة الطاقة النووية في العالم.

وأكد أن الهيئة العربية للطاقة الذرية تتابع المشروع السعودي وعلى استعداد للمشاركة فيه.

وبحسب البيانات المتوافرة في "أرقام" صرح وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، بأنه يتوقع أن يجرى توقيع عقود بناء مفاعلين نووين في المملكة بنهاية 2018.

وقال الفالح إن تقديم العروض لمشروع المفاعلين النوويين يبدأ خلال العام الجاري، على أن ينتهي بترسية المشروع خلال سنة من الآن.

وأوضح أن المفاعلين سينتجان الطاقة الكهربائية بتكلفة منافسة بالمملكة، وذلك باستخدام أفضل التقنيات.

وأضاف أن شركة "روس أتوم" الروسية ستشارك في المنافسة وتقديم العروض للمشروع.

وبحسب البيانات المتوافرة في "أرقام"، صرح سابقا أليكسي ليخاتشوف، رئيس شركة "روس أتوم" الروسية –حسب "رويترز"- أن الشركة قدمت مقترحات من أجل الفوز أو المشاركة في بناء المحطات النووية السعودية.

وتسعى المملكة إلى تقليص استهلاك النفط محليًا واستبداله بمصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية، التي تهدف من خلال إنشاء مفاعلاتها إلى توليد طاقة كهربائية بمعدل 17.6 جيجاوات بحلول 2032.

كما بات مشروع بناء المفاعل النووي السلمي لإنتاج الطاقة الكهربائية في الإمارات على وشك الانتهاء كأول مفاعل نووي خليجي سلمي في منطقة براكة بالقرب من الحدود السعودية وعلى ساحل الخليج العربي.

ومحطة براكة للطاقة النووية أول موقع في العالم يجري فيه بناء أربع محطات نووية متطابقة في آن واحد.

وتقوم دولة الإمارات ببناء أربع محطات للطاقة النووية في منطقة الظفرة من أجل تلبية احتياجات الطاقة من خلال مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وتقوم الهيئة الاتحادية للرقابة النووية بمراجعة طلب رخصة لتشغيل الوحدة الأول للمحطة. وقد وصل إجمالي أعمال التشييد في محطة براكة للطاقة النووية إلى 87%.

كما يستحوذ المفاعل النووي الأردني المزمع إنشاؤه في محافظة المفرق، على اهتمام واسع النطاق من ممثلي القطاعات الرسمية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي هذه الأيام كونه واحدا من المصادر البديلة للطاقة خلال الفترة القادمة ، في مرحلة تستوجب البحث عن مصادر آمنة لطاقة المستقبل وبكلفة قليلة في ظل ارتفاع سعر برميل البترول عالميا.

من جانبه، قال الدكتور خالد طوقان، رئيس اللجنة الوزارية العليا للطاقة النووية الأردنية، إن البرنامج النووي الأردني خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الأردن، مشيرا إلى التحديات الرئيسة التي تواجه الأردن وأهمها ندرة مصادر الطاقة المحلية وزيادة الطلب على الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري (النفط والغاز) عالميا وشح مصادر المياه.

وأوضح طوقان أن تنفيذ البرنامج النووي الأردني يشمل استغلال واستثمار اليورانيوم الأردني، وإنشاء محطة الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وبناء وتطوير القدرات والكوادر البشرية الأردنية.

ولا شك أن مصر تتحول تدريجيا لتصبح محورًا لتداول الطاقة وتصدير الكهرباء للقارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا، خاصة بعد اكتشافات الغاز الهائلة في البحر المتوسط وهو ما يتطلب الانتهاء من إنشاء شبكة مفاعلات نووية مصرية على ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر من أجل إتاحة الفرصة لتصدير المنتج النهائي سواء من الغاز أو من الكهرباء.

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، أيمن حمزة، في تصريحات الأسبوع الماضي، إنه ومنذ توقيع وثيقة تنفيذ عقود مشروع محطة "الطاقة النووية الضبعة" تم عقد عدة اجتماعات للجانبين المصرى والروسي كما قاموا بالأعمال المسحية للموقع، لافتًا إلى أنه جار عمل التصميمات للمحطة النووية لاستخراج التصريحات لبدء الأعمال بالموقع.

وأضاف حمزة أنه يتم التحضير لبدء المنشآت وسيتم الحفر خلال نهاية العام الجارى 2018، مشيرًا إلى أنه يتم صقل مهارات الكوادر المصرية لتكون بيت خبرة ورائدة فى المجال النووى.

ويتردد أن مفاوضات موسعة بدأت مع فرنسا، منذ 3 سنوات لإقامة ثاني مشروع نووي مصري لتعظيم الإستفادة من الإستخدامات السلمية على غرار مشروع الضبعة، وهو مشروع يُقام بمنطقة النجيلة "40 كم غربًا"، وأن المفاوضات تتضمن إقامة 4 محطات نووية بقدرة 1650 ميجاوات لكل منها بمجموع 6600 ميجاوات، وأن المفاجأة الأكبر دخول هذه المفاعلات الخدمة عام 2025 قبل استكمال مفاعلات الضبعة الأربعة التي تدخل أولها الخدمة عام 2022 و23 للثانية و25 للثالثة و2026 للمفاعل الرابع.

وقدمت فرنسا تسهيلات كبيرة لمصر على غرار التسهيلات والمزايا التي حصلت عليها من روسيا وربما تفوقها.

وبدأت هذه المفاوضات مع فرنسا، منذ أكثر من 3 سنوات من خلال الوفود والخبراء الفرنسيين الذين زاروا مصر وموقع النجيلة، وأجروا الدراسات الفنية والبيئية عليه بالتنسيق مع هيئة المحطات النووية المصرية لإنتاج الكهرباء، وبالتعاون مع مكتب استشاري عالمي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكدت كل هذه الدراسات تشابه الموقع مع الضبعة في الكثير من المزايا أهمها التاريخ الواحد في حركات الزلازل والبراكين وتسونامي وحركات أمواج البحر والمد والجزر، ما جعل مصر تفضل البدء بهذه المنطقة من 4 مناطق مقترحة للبرنامج النووي السلمي وتضم موقعين على ساحل البحر الأحمر إلى جانب موقعي غرب وشرق النجيلة.

وفرنسا لديها خبرة هائلة وباع طويل في مجال الطاقة النووية، وتُعد مجموعة "أريفا AREVA" العملاقة المُتخصصة في مجال الطاقة النووية والطاقة المُتجددة والمملوكة للحكومة الفرنسية، المسئولة عن إنشاء وتنفيذ مفاعلات الطاقة النووية من الجيل الثالث المتقدم Generation III+ Nuclear Plant، طراز EPR أو ما يُعرف أوروبيا بـ" المفاعل الأوروبي المضغوط European Pressurized Reactor"  مفاعل الماء المضغوط من فئة مفاعلات الماء الخفيف) ويُعرف عالميا بـ" مفاعل الطاقة التطوري Evolutionary Power Reactor" الذي ينتج طاقة قدرها 1650 ميجاوات.

وتقوم شركة "Areva NP" التابعة لمجموعة AREVA بتنفيذ مشاريع إنشاء مفاعلات EPR من الجيل المتطور في 4 دول وهي: فرنسا (مشروع مفاعل Flamanville 3 النووي)، فنلندا (مشروع مفاعل Olkiluoto 3 النووي)، بريطانيا (مشروع محطة Hinkley Point C النووية)، والصين (مشروع مفاعلا Taishan 1 / 2 النوويان)، كما أنه من المُنتظر أن توقع الشركة اتفاقا مع الهند لإنشاء محطة Jaitapur للطاقة النووية.