الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفن فى مصر القديمة


بداية لابد أن نتفق أن نقول ونعيد على أسماع بعضنا البعض و على أسماع أبنائنا و طلابنا أن حضارتنا تسمي مصر القديمة .

" فقل مصر القديمة و لا تقل مصر الفرعونية " 
 
فليس هناك من دليل علي أن كلمة (فرعون) كانت لقب لكل ملوك مصر، و لم تذكر فى البرديات و علي الجداريات فى المعابد بنفس الخصائص التى تختص بها الأسماء الملكية، فلم يتم تدوينها مثلا داخل خرطوش ملكى، و لم يتم تدوينها قبل اسم الملك لنعتبرها لقب .
و لكنها ذكرت بالقرآن الكريم ! 

نعم أكاد أسمع تلك الإجابة و أنا أكتب الآن، و لكن إسأل السؤال الصحيح كيف تم ذكرها فى القرآن ؟ و الإجابة أنها ذكرت كإسم شخص يسمى فرعون و هو فرعون موسي، و الأرجح أنه الملك صاحب قصة سيدنا موسى (عليه السلام) و كان يسمي فرعون، أى أن ليس كل ملك مصرى هو ذلك الفرعون بما يحمله وجداننا له من سمات شخصية مرفوضة .

و فى ذلك الموضوع الهام بحوث متخصصة إن أردت أن تقرأ المزيد .
نأتى لسؤال مقالنا اليوم : كيف كان الفن و كيف تعامل معه المصرى القديم؟ والإجابة المنطقية هى : أنظر حولك، عليك بزيارة المعابد لتشاهد الألوان و دقة الرسوم و روعة التماثيل .

و لكننى لم أعنى هذا بحديثى عن الفن، إنما أعنى أيهما سبق الآخر هل الفنون شكلت وجدان المصريين، أم المصرى و وجدانه هما الذان أنتجا هذه الفنون؟ أميل لكون المصرى هو من أنتج الفن وأن الفنون اقترنت بالحضارة المصرية منذ نشأتها، سأقول لك حجتى علي ذلك: أولا الفن بهذه الروعة و الدقة ليس مجرد فطرة، لأن كل منا و إن ولد لديه الفطره فإنه ينميها أو يخسرها تبعا لمجهوده، و تهذيبه لنفسيته و روحه، و إرادته فى الصبرعلي التعلم، ومعايشة التجربة الفنية .

لدينا من الأدلة الكثير علي أن المصرى القديم كان معنيا جدا بتهذيب نفسه و محاسبتها مما ينتج عنه أن يصبح شخصا متأملا، كما كان يقدس العمل أى ليس لديه وقتا يضيع فيما لا ينفع مما ينتج عنه أيضا شخصا يميل إلي الإنصات، (التأمل و الإنصات) ينتجان روحًا أوعقلاُ يتذوق الفن و يتأمله، و إن إمتلك أدواته فإنه يصبح فنانا . 

ثانيا: المصرى لم يجد المعابد مشيدة و لا الجدران منقوشة ليتعلم منها، وإنما هو من صنع الحياة، من جعل من الأرض لون طمى النيل مع خضرة الزرع، من أعطى لكل تفصيلة فى حياتة جلالها و قيمتها حتي الموت و القبور و طقوس الدفن، من أعطي المرح و السمر أهمية الطقس الدينى الذى توصل إليه هو عن طريق تأملاته فى الطبيعة .

هو من ابتكر فن الغناء، التعبير الحركى ( الرقص )، الرسم و التصوير، و الرقص الأكروباتى .
و لكنه فى نفس الوقت كان شخصية جادة، مع بداية عصر الأسرات شيد الأهرامات(الأثر الوحيد الممتد من عجائب الدنيا السبع القديمة إلى الحديثة) حتى أن عصر الأسرات الأولى يسمي ( بناة الأهرام ) لكثرة عددها، و مع هذه الجدية فى البناء و تعامله مع الحجربكل قسوته إلا أنه عرف الموسيقي و الغناء أيضا فقد عثر علي آلات بدائية للنفخ مصنوعة من أجسام القواقع الحلزونية ترجع إلي عصر ما قبل الأسرات، كما تم العثور علي نماذج من آلة الناى و يعتبر أقدم أثر لآلة الناى ذلك التصوير الموجود علي (صلاية صيد الحيوانات) ( الصلاية هى أداة تستخدم فى الحياة اليومية لطحن مثلا كحل العين أو أى شيء و ينقش عليها من الخارج وغالبا كانت تصنع من حجر مثل الشست) و تصور تلك الصلاية مجموعات الحيوانات المفترسة و الصيادين و لكن فى القسم الأسفل يقف شخص بقناع حيوان غالبا ليخدع الفريسة و فى يده آلة ناى طويلة يعزف عليها لجذب الحيوانات .

إذن فإن المصرى عرف النغمات و إستخدمها فى إحتياجاته البيئية منذ البداية، و عرف فن الرسم و التصوير و استخدمه فى التدوين قبل أن يعرف الكتابة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط