شاهد.. الشهامة ثمنها القتل.. «القط» دفع حياته لوقوفه بجانب صديقه

دفع حياته ثمنًا لشهامته بالوقوف مع أحد أصدقائه، مثله مثل شباب جيله حلم بالزواج ممن اختارها قلبه، فعمل ليلا نهارا من أجل أن يعيش مع خطيبته في بيت واحد، ولم يتبق على تحقيق حلمه بالزواج سوى أيام معدودة، ليصطدم حلمه بالواقع ويزفه أهله وأصدقاؤه وأحباؤه إلى مثواه الأخير بدلًا من عش الزوجية.

محمود عادل إبراهيم وشهرته «القط»، شاب يبلغ من العمر 22 عامًا، ويسكن بشارع علاء الدين بمنطقة بئر أم سلطان في البساتين، ويعمل مصور وعامل سيراميك، من أجل كسب قوت يومه وتجهيز بيت الزوجية، إلا أنه لقى مصرعه على يد عاطل.

«صدى البلد» انتقل إلى مكان الجريمة ومحل سكن القط من أجل التعرف على قصته وكيف انتهى حلمه بالقتل غدرًا دفاعًا عن أحد أصدقائه.

في اللحظة الأولى، عندما تضع قدمك بالمنطقة تجد جميع جدران المنازل مكتوب عليها «الشهيد محمود القط، ولن ننساك يا قط»، والجميع في حالة حزن وألم.

التقينا في البداية بوالد المجني عليه ويدعى عادل إبراهيم، ويعمل ميكانيكي، وقال بصوت يملؤه الألم، وبنبرات خافتة: «إنا لله وإنا إليه راجعون، أحتسب ابني من الشهداء، لأنني ربيت أولادي على الأخلاق الحميدة والمواظبة على الصلاة، وابني جنازته كانت زفة للجنة لأن فرحه كان فاضل عليه أسبوعين بس»، وانهمرت الدموع من جفنيه ولم يستطع أن يكمل حديثه معنا.

التقط شقيق المجني عليه ويدعى محمد، أطراف الحديث وقال: «أخويا دفع حياته ثمنا لشهامته، ووقوفه مع واحد من أصحابه، فأخويا جاله تليفون من أحد المتهمين، بيقولوا فيه واحد من أصحابك سرق 800 جنيه من محل بقالة نورا، فرد القط أنا جايلكم حالًا، وجرى القط إلى محل البقالة، فوجد المتهمان يمسكان بصديقه «هشام»، ويتهمانه بسرقة 800 جنيه، ويستغيث هشام بالقط لنجدته بسببب قيام المتهمين بضربه، فقال لهم سيبوا صاحبي وهو لو سارق حاجة أنا رقبتي ليكم، ولكن لم يرضخوا لكلام القط، فتطور الأمر إلى المشاجرة، فتجمع عدد من أهالي المنطقة، وابعدوا الطرفان، وأدخلوا أخويا المحل، ثم قلت له يا ابني إحنا مش بتوع مشاكل واللي حصل حصل خلاص، قالي تمام يا محمد أنا هروح القهوة، وبعدها بحوالي ساعة لقيت الناس كلها بتجري وتقول إلحق أخوك، فجريت لقيته سايح في دمه، فخدته وروحت بيه على المستشفى».

وقال طارق، سائق توك توك: «أنا شوفت القط بيتكلم في التليفون قدام القهوة، وبعد كده جه سمارة وأخوه فوزي، فواحد منهم راح ضربه بحديدة على راسه، والتاني راح ضربه بالمطواة في بطنه، فوقع القط غرقان في دمه، فجه أخوه محمد وأخدنا ورحنا عالمستشفى بس للأسف كان مات».

ثم قال كريم أبو الفتوح، أحد أصدقائه: «القط الله يرحمه كان راجل وصاحب صاحبه، وكل المنطقة هنا بتشهدله بالسمعة الطيبة والسيرة الحلوة، لدرجة أن الأطفال راحوا لمحل البقالة وكسروه، وأهالي المنطقة طردوا نورا صاحبة المحل، والعيال المتهمين بيبيعوا مخدرات وبيشربوا، إنما القط مش بتاع الحاجات دي، وبيقف جنب الصغير قبل الكبير».

ثم عاد محمد، شقيق المجني عليه، يقول: «خطيبة أخويا منهارة ومش مصدقة اللي حصل لحد هذه اللحظة، وجنازته كانت زفة كبيرة، وأنا بطالب بالقصاص العادل، وبحق أخويا».

تعود تفاصيل الواقعة إلى ورود بلاغ لقسم شرطة البساتين، يفيد بمصرع عامل في منطقة بئر أم سلطان، بدائرة القسم.

انتقل على الفور فريق من مباحث القسم، إلى مكان الواقعة، وتبين من التحريات الأولية أن الجثة لعامل يدعى محمود عادل، 22 سنة، عامل، وتبين أن وراء ارتكاب الواقعة "ف. س"، 23 سنة، عاطل، وبتكثيف التحريات تم القبض على المتهم.

بمواجهته بالتحريات، اعترف بارتكاب الواقعة عقابا للمجنى عليه لتدخله لفض مشاجرة بينه وبين آخر، فاعتدى عليه بمطواة كانت بحوزته، ما تسبب فى وفاته.

تحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لتولي التحقيقات.