الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كَانَت طالِبَتِي


كانت طالبتي منذ أكثر من خمسة عشر عامًا في كلية التربية الموسيقية، هذه الكلية ذات الطابع الخاص، وذات الأعداد القليلة من الطلاب حيث يعتمد القبول فيها على اختبارات القدرات، مما يجعل طلابنا يمتلكون مواهب وقدرات موسيقية خاصة، فمنهم أصحاب الأصوات الجميلة ومنهم من يجيد العزف على إحدى الآلات الموسيقية، أو على أقل تقدير يمتلكون أُذن موسيقية دقيقة، وهناك بعض المقررات الدراسية يكون التدريس فيها فرديًا، خصوصًا مقررات العزف على الآلات حيث توفر الكلية مُدرس لكل طالب، ذلك ما يجعل العلاقة بين المدرس والطالب ترقى أحيانا إلى درجة الصداقة.

وقد كانت طالبتي صاحبة صوت عذب، مشرقة كالشمس، مرحة نشطة، تنظر إلى الغد بآمال عريضة، تستشرف مستقبلًا فنيًا مبهرًا، وترى نفسها كما نراها جميعًا نجمة تسطع في سماء الفن بصفة عامة والغناء بصفة خاصة.

تعاملت معها عن قرب وتيقنت أن موهبتها حقيقية، حتى أني أسندت لها الغناء في بعض حفلاتي، وكانت تستحوذ على ألباب كل من يسمعها وهي تغرد.

مرت السنين وتخرجت طالبتي وانقطعت أخبارها عني لفترة طويلة، ثم جمعتنا بعض الاتصالات الهاتفية خاصة مكالمات المعايدة في الأعياد المختلفة، وظل الود قائمًا وأنا أتخيلها في صورتها التي تركتها عليها منذ سنوات عديدة.

ومنذ بضعة أشهر قابلتها وليت ذلك ما حدث فقد وجدت (حُطام امرأة)، ممزقة بالية، شاحبة مهمومة، يائسة ناقمة، ورأيت الزمان وقد سطر على جبهتها بكل قسوة سطورًا من الأسى، تلك المرأة صاحبة الأطفال الثلاثة والهموم المائة، انصرفت عنها مسرعًا لأنظر في المرآة و أرى هل فعل بي الزمان مثل ما فعل بطالبتي النجيبة ؟

أحمد الله حمدًا كثيرا على ما رأيته في مرآتي، فقد وجدت رضائي بما قسمه الله لي يظهر جليًا في مرآتي، وتيقنت ساعتها أن العمر لا يقاس بالأيام والسنين، وإنما يقاس بمدى عطاءَك الإنساني، فكلما عِشت في خدمة الناس أطال الله في عمرك وأنار وجهك.
وهنا أجد سؤالا يفرض نفسه، ما الذي يصنعُ المرأة أو يُدَمِّرُهَا ؟

بالرغم من بساطة السؤال، إلا أن الإجابة معقدة جدًا، فأنا أرى (من وجهة نظري) أن المرأة يصنعها ذكاؤها ويدمرها غباؤها، وعليها أن تختار إما إعمال العقل أو العيش في مستنقع الغباء.... دمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط