الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحية للشاب طوني ورفاقه


لدي يقين راسخ أن الأجيال في حالة تطور مضطرد، وأن الأجيال اللاحقة فيها من الصفات والمزايا ما يفوق الأجيال السابقة، مهما استعظموا الماضي، ومهما تباكينا على المفقود، ومهما كان الحنين إلى ذكريات، يتعلق بها كل جيل، فيظن ظنا هو للوهم أقرب أن جيله أفضل من الجيل اللاحق.

إنها سنة الحياة، والأجيال الحديثة يكون لديها رصيد من تجارب الأجيال السابقة، وتمتلك من العلم ما كان في طي الجهل بالنسبة للأجيال السابقة، وتحوز من المعلومات ما كان يمثل حلما عند من سبقوهم، ويملكون من الوسائل ما كان يعد ضربا من الخيال، كل ذلك يجعل من البديهي تفوق الأجيال اللاحقة: كما ونوعا عن السابقة.

ليس من قبيل الحنين فقط ذلك المدح الدائم لما مضى، خاصة التمسك بالقيم، والتي تتفاوت نسبة التمسك بها بين جيل وجيل، ولكننا نزعم - ربما لا يكون لهذا الزعم نصيب من الحقيقة - دائما إن السابقين كانوا لها محافظين أكثر، وبها متمسكين، وذلك بهدف تحفيز الأجيال الجديدة بالتمسك والحفاظ بما تمسك به وحافظ عليه آباؤهم وأجدادهم، من قيم عليا ومُثُل، وفي ذلك فائدة عظيمة للفرد والمجتمع.

سيظل الأمر على هذه الحال، طالما ظلت الأرض تدور حول نفسها مرة، وتدور حول الشمس أخرى، فتمر الأيام وتعقبها السنون.

ويظل إيماني بأهمية دور شباب مصر في المهجر، قائما على أسس موضوعية، وعوامل تفوُّق لهؤلاء الشباب حقيقية.

طار فريقنا الوطني لمدينة زيورخ السويسرية؛ في فترة إعداد أولى له، يلتقي فيها كل من البرتغال واليونان، وذلك في إطار استعدادات المنتخب للمشاركة في أهم حدث رياضي في العالم وهو كأس العالم ٢٠١٨ التي ستقام في روسيا صيف هذا العام.

هذا الحدث الرياضي هام جدا لمنتخبنا الوطني، ولذلك كانت له سيطرة هائلة في اهتمام المصريين في الداخل والخارج، وكان لإقامة هذا المعسكر في سويسرا أهمية خاصة لأبناء الجاليات المصرية في أوروبا، حيث أن الانتقال بين دول القارة العجوز متاح وميسر دون الحاجة إلى إجراءات التأشيرة التي يخضع لها من هم يقيمون خارج القارة.

رأى العديد من أبناء الجالية المصرية في أوروبا أن يجعلوا من إقامة المنتخب الوطني في سويسرا مناسبة لإظهار حبهم للوطن - كما فعل الكثير منهم في العملية الانتخابية - فانتقل المصريون: جماعات وأفراد إلى مدينة زيورخ السويسرية لمساندة المنتخب الوطني. 

فانتقل مصريون من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وغير هذه الدول لتشجيع الفريق المصري، والذي لفت انتباهي هو ما قام به شباب مصري تحت العشرين بالنمسا، أعرف أحدهم، حيث أنه ابن صديقي الإعلامي أسامة نصحي، فلقد سافر طوني مع زملاء له بعد أن حجزوا تذاكر المباراة التي كانت متاحة عبر الشبكة العنكبوتية، كما حجزوا كذلك الفندق الذي سيقومون به مدة تواجدهم بالمدينة السويسرية.

 واستقلوا القطار متجهين إلى زيورخ، هذا الأداء الذي قام به هؤلاء الشباب فرض نفسه مقارنة برحلات أخرى قام بها أجيال في سن آبائهم؛ تلك المقارنة التي كانت منتصرة لهذا الجيل الجديد من المصريين، فهؤلاء الشباب اقتطعوا تكاليف هذه الرحلة من مصروفهم الخاص، ولم ينتظروا طويلا لاتخاذ القرار.

 ذلك الانتظار الذي هو سمة الأجيال السابقة، والتي يضيعون وقتا هائلا في مناقشات صغائر من الأمور، ربما أضاعوا الفرصة تلو الأخرى في مناقشتها، ولم ينتظر هؤلاء الشباب أن يتم الإعلان من هذه الجمعية أو تلك، ولم يفرق معهم أن يقوم شخص أو أكثر بدعم لهذه الرحلة.

 والأهم من ذلك أن هؤلاء الشباب لم يقدموا هذا العمل وكأنهم يتفضلون به على منتخبنا، ومن ثم على مصر، ولم يظهروا أنفسهم في كل خطوة يخطوها عبر منصات التواصل الاجتماعي، والأكثر أهمية من ذلك أن هؤلاء الشباب مدركون إدراكا حقيقيا لجوهر المعسكر وهو الوصول للصيغة المثلى للمنتخب في مبارياته الرسمية في نهائيات كأس العالم، فلم يسنُّوا أسنانهم على الفريق الوطني بعد هزيمته من البرتغال التي قدم فيها أداء رائعا، وفيهم من يحترف كرة القدم ولديه فهم أعمق بكثير من بقية الجماهير. 

إن ما قام به طوني ورفاقه يستحق التحية، كما يؤكد أهمية التواصل مع الأجيال الجديدة، ويعكس ما يمكن أن يقوم به شباب مصر في الخارج، الذي استطاع أن يمتلك عقلية اتخاذ القرار، ليس ذلك فحسب بل الإتيان بما تم اتخاذه على أكمل وجه، إضافة فهمهم لطبيعة الدور الذي يقومون به فلا يتخطونه لغيره.

إن هذا الموقف - رغم بساطته - يعكس ما تكتسبه الأجيال اللاحقة؛ في كافة المجالات، وهو ما يجب استثماره على أصعدة مختلفة، وأكثر أهمية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط