الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هي الدولة السورية فين؟


لقاء القمة الذي كان في أنقرة وجمع الرئيس التركي أردوغان والرئيس الإيراني روحاني ورئيس روسيا بوتين، وبالرغم من التفاهمات التي قال عنها الرؤساء خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدوه بعد انتهاء اجتماعاتهم، هذه التفاهمات المتناقضة والتي إن دلت على شيء فهي تدل على عدم التفاهم بينهما نتيجة المصالح والأطماع المختلفة بين هذه القوى الثلاث على الجغرافيا السورية، فكل طرف من هذه الأطراف لديه مشروعه الخاص ويعمل بكل ما في وسعه على تنفيذه خطوة خطوة بعيدًا عن الطرف الأساسي ألا وهو الشعب السوري أو ربما نقول "الدولة السورية".

روسيا تبحث عن موطئ قدم لها على المياه الدافئة على شواطئ المتوسط ووضع يدها على منابع الغاز المستكشف حديثًا هناك، وكذلك على الفوسفات في البادية السورية، وطبعًا عينها على الرقة ودير الزور والجزيرة السورية بشكل عام لما فيها من مخزون نفطي كبير جدًا.

إيران تبحث عن مشروعها في الهلال الشيعي الممتد من طهران وبغداد ودمشق وصولًا إلى بيروت والمياه الدافئة على المتوسط ومنها الغاز المستكشف في المياه الإقليمية اللبنانية.

تركيا المتلهفة لقضم الشمالين السوري والعراقي وإعادة أمجاد العثمنة الأردوغانية من جديد والقضاء على أي حلم يراود الكرد أينما كانوا.

الطرف المفقود في هذه القمة هو الطرف السوري غير الموجود على طاولة اللاعبين الثلاث المجتمعين في أنقرة، والكل يقول "هي الدولة السورية فين؟"، لأن هذه الأطراف وفرت العناء على الدولة السورية المتعبة من الحرب على سوريا، وأنها تقول له: "استرح أنت في مكانك، ونحن من سيفكر بدلًا عنك"، وليذهب الشعب إلى الجحيم!

وهناك الطرف الهام غير الموجود والموجود في كل المؤتمرات والاجتماعات والتفاهمات وحتى التفاهات المتعلقة بالوضع السوري، ألا وهي أمريكا، التي من دونها لا يمكن حصول أي شيء، وكأنها الجَدَة المتربعة صدر البيت وتنظر إلى الأولاد والأحفاد وهم يحضّرون طبق "التورتة" ويتعبون ويتخاصمون فيما بينهم والجدة تنظر إليهم وتضحك في قرارة نفسها حتى تأتي في الأخير وتأخذ السكين منهم وتقسم "التورتة" حسب مصالحها وأطماعها هي في عملية مأساوية مكشرة عن أنيابها ومخالبها لكل معترض أثيم.

هذه هي المعادلة أو المشهد في وطننا سوريا التي باتت مسرحًا للكل ما عدا أبناءها (المشاهدين) لهذه المهزلة وهم يحاولن لملمة قواهم المنهكة أصلًا من صراع الجبابرة وتنفيذ أجنداتهم المختلفة والمتناقضة.

لكن في هذه المعمعة والمسرحية الهزلية وبالرغم من الدور الهام للممثلين الذين يؤدون أدوارهم على خشبة المسرح بكل دقة واللعب بمصطلح "الدين والقوموية"، تبقى الكلمة الأخيرة للجمهور المشاهد وأبناء الوطن الحقيقيون والذين لم يتأثروا بالمسرحية وأحداثها الدرامية والتراجيدية، لأنهم يدركون أنها في النهاية مسرحية تتم إعادة تمثيلها من جديد وأن هذه المرة لن تنطلي عليهم، ويدركوا أنَّ الأبطال في المسرحية ماهم إلا شخصيات غير حقيقية ولا تعبر عما يعانيه الشعب لأنهم في النهاية هم ممثلون فقط ويلعبون أدوارًا غير حقيقية.

سيأتي اليوم الذي يبصق المشاهدون الذين هم الأصحاب الحقيقيون لهذه الجغرافيا ويطردوا فيها الممثلين من على خشبة المسرح، وهذا سيتحقق حتمًا حينما يعي الشعب ذاته وقوته ويكون هو أيضًا صاحب المشروع الحقيقي لجميع الثقافات المتعايشة مع بعضها البعض على هذه الجغرافيا منذ آلاف السنين.

"المقاومة حياة" هي الفلسفة الحقة التي اعتمدتها شعوب شمالي سوريا للسير نحو الحرية التي ينشدونها، بدون مقاومة لا يمكن لأي إنسان أن يقول إنه موجود على غرار ما قال ديكارت وربما كان له معنى في ذلك الوقت وهو "أنا أفكر، إذًا أنا موجود". لكن في وقتنا الحاضر وعلى خشبة مسرح الحرب العالمية الثالثة لا يسعنا إلا أن نقول: "أنا أقاوم، إذًا أنا موجود".

حينها فقط يمكن لهذا الشعب أن يقول نحن الأصحاب الحقيقيين لهذه الأرض ولنا الحق أن نعيش مع بعضنا البعض على أساس "الكل مع الكل"، وأخوة الشعوب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط