الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حينما يتصارع الدب والثور على سوريا


الكل يتابع متى ستكون ساعة الصفر لقصف سوريا وتدمير ما تبقى منها، هذا إن كان قد تبقى شيء لم يتم تدميره من نفس الأطراف التي تلعب في الحلبة السورية منذ سنوات سبع عجاف. والمتابعون بكل تأكيد منقسمون على أنفسهم ما بين أنه سيتم ضربها ونفي الطرف الآخر للضربة. هؤلاء المتابعون للشأن السوري الكل ينتظر متى ستكون أو لا تكون الضربة، وكأننا في حلبة مصارعة الثيران الإسبانية وننتظر هل سيقع الثور أم لا؟ والكل يراهن وكأنه وضع ماله في هذه المصارعة وينتظر ساعة الضربة كي يفوز ويكون رأيه هو المرجح في أن الثور سيقع أرضًا مضطرجًا بدمائه والسهام تعلو ظهر الثور وأكتافه.

ما أشبه الحلبة السورية بما كان يقع في الساحات الإسبانية وصراع الثيران وكأننا نعيش العصور الوسطى أو كما كان يسمى عصر البطولات. أو حتى يمكننا القول إنه عصر العبودية المعاصرة بكل ما تعنيه الكلمة، إذ كان أصحاب العبيد يشترون العبد ذا العضلات المفتولة والقوي البنيان كي يتباهى به أمام أقرانه وينزله المصارعة مع عبد آخر، وهنا يكون الربح هو الأساس وليقتل العبيد بعضهم بعضًا، لأن المهم هو أن يربح مالكي العبيد المال وليمت العبد.

لتربح الشركات الرأسمالية من السوق السورية ما شاءت من أموال في عمليات بيع الأسلحة وتدمير المدن بعد أن يتم تجريب تلك الأسلحة وكذلك فيما بعد المنافسة على إعادة بناء ما تم تهديمه، ولكل مرحلة من هذه المراحل لها شركاتها الناهبة لخيرات المجتمع مع وجود اليد العاملة الرخيصة طبعًا بعد مرحلة الحروب هذه التي دمرت كل شيء.

إنه صراع الجبابرة وموت العبيد والجمهور الذي يصفق من على المدرجات لا يدرك أنَّ اللعبة قد انطلت عليه مهما علا تصفيقه أو تصفيره في الحلبة، لأنه في النهاية مشاهد وشاهد على حالة الإجرام هذه، وزيادة في التبعية لأصحاب العبيد والتملق لهم، على أنهم يمتلكون العبد القوي ولأنه أصاب ظهر أخيه العبد بعدة سهام (توماهوك أو سكود أو ...)، إذ لا فرق بين سهم من العصور البربرية القديمة وبين الصواريخ التي تطلق من عباب البحر من على البوارج الحربية وتدك ظهر الوطن الذي من دونه لا يمكن أن يكون هناك مواطن بالأساس.

متى تعقل الشعوب وتعي اللعبة المستمرة من آلاف السنين على عقولنا وما زلنا نصفق ونصفر لهذا الطرف أو ذاك، ألم يحن الوقت أن نقول كفى لقتل الإنسان وكفى لتجار وسماسرة الحروب أن تسرق ما تبقى إن تبقى شيء بعد هذه السنوات.

الكل مجرم إن كانت روسيا أو أمريكا أو إيران أو تركيا وحتى النظام لا يمكن تبرئته من ظلمه الذي أوصل سوريا إلى ما هي عليه الآن تئن وتصرخ من دون صوت في عالم لا أخلاق فيه ولا ضمير، عالم همَّه الأول هو الربح والربح.

يقول المثل: حينما تتصارع الثيران مع الدببة أو تتصالح، فالشعب هو الخاسر في الطرفين، لذلك علينا ألا نفرح كثيرا لما يقومان به لأنهما لا يفكران إلا بمصالحهما وأطماعهما ولا غير ذلك، إذ، إذا تقاتلا (الثيران والدببة) مع بعضهما سيتلفون الزرع والحقل والمحصول وإن تصالحها أيضا سيلتهمان الزرع والمحصول مع بعضهما، فلا فرق لدى الفلاح المسكين إن تصالحا أو تصارعا، المهم هو أن يخرجا من الحقل وليبقى المحصول للفلاح وأهل القرية.

هل من يعي ويدرك أنه حينما تتصارع القوى الرأسمالية وأذيالها لن يكون الضحية سوى الشعب ولا غير.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط