الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المرأة والحروب


النساء في منطقتنا العربية والأفريقية عانين عقودا من ويلات الحروب، وعشن صراعات كثيرة في مجتمعاتهن وعانين أشد المعاناة، ففي الحروب تخرج النساء من قراهن وبيوتهن ويتجهن لساحات القتال ليحاربن ويحمين أطفالهن وذويهم، وحتى بعد الحروب يجتهدن لإعادة بناء مجتمعاتهن.

دار بذهني كل هذا وتذكرت حكايات المناضلة زينب الكفراوي، بطلة المقاومة الشعبية وابنة بورسعيد التي بالقطع كان لها أحلام مثل كل بنات جنسها بإكمال حياتها بالتعليم والحب والزواج.

تذكرتها حينما وقفت هذه المرأة المصرية العظيمة تحكي لنا عن نضالها في المجلس القومي للمرأة وهي تؤمن بكل كلمة ينطق بها لسانها، وتسترجع الأحداث وكأنها تنفذها بتفاصيلها الآن.

حكت بعفوية وإيمان بما فعلته عن انضمامها للمقاومة الشعبية خلال العدوان الثلاثي عندما كان لديها خمسة عشر عاما، وقتها تدربت على حمل السلاح وعلى القتال وانضمت إلى معسكرات الحرس الوطني للتدريب عام 1954، وكانت مهمتها خطيرة تجمع الأسلحة من البيوت وتوصلها للفدائيين في مواقعهم السرية هذا رغم انتشار الجنود الإنجليز بشكل كبير في كل شوارع القناة.

المناضلة زينب الكفراوي، توصلت لفكرة عبقرية لتخبئ الأسلحة فاستعانت بابن أختها الطفل الرضيع وكانت تخبئ الأسلحة في عربته الصغيرة، ولم يتخيل أحد من جنود العدو أن هذه العربة التي تحوي مرتبة الطفل وينام فوقها مليئة بالرشاشات والقنابل تحت جسمه الصغير النحيل.

مخاطرة رهيبة لفتاة في سنها تعرض ابن اختها لمشكلة حقيقية ولكنها كانت تؤمن ببلدها وبأن تراب الوطن غالٍ يستحق الموت من أجله.

وكانت أيضا تجمع التبرعات لتسليح الجيش تحت شعار "سلح جيش أوطانك واتبرع لسلاحه علشاني وعلشانك"، وتحمل صندوقا وتدور به ومعها الجنود لجمع التبرعات.

لم تكن المرأة المناضلة تخشى أصوات الرصاص ولم يرهبها دوي القنابل ولا صفارات الإنذار المحذرة من الغارات التي يشنها العدو، بل أكسبتها كل هذه الأحداث صلابة وبسالة وزادتها تحديا وإصرارا فكانت تسير وسط الانفجارات وتقتحم الحرائق وتتفادى رائحة الموت المنتشرة في الشوارع حتى تستطيع إيصال الأسلحة للفدائيين ليواصلوا مقاوتهم ضد العدوان الغاشم.

المناضلة الرائعة آمنت بقضية وطنها فدافعت عنه بكل جرأة وبقلب لا يهاب الموت، فقد علمها أبوها حب الوطن وزرعه في كيانها كما حكت، مطالبة بأن نزرع في نفوس أولادنا حب الوطن.

زينب الكفراوي صاحبة التاريخ البطولي الذي سطرته بحروف تؤمن بالحرية وبتراب الوطن وقيمته الغالية، واحدة من المصريات اللائي يبهرن العالم كل يوم بما يقدمنه من معجزات فاستحققن الاحتفال والشكر والثناء والاعتراف بالجميل.

وأخيرا أتذكر أغنية الرائع سيد درويش"حب الوطن فرض عليا.. أفديه بروحي وعينيا".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط