الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العلاج بـ«إيصال أمانة»!


إياك أن تفكر في التوجه للعلاج بمستشفى خاص إن لم تكن مُستعدا للتوقيع على «إيصال أمانة» بالمبلغ المطلوب، أو إن لم تكن من رجال الأعمال أو من أصحاب رؤوس الأموال، حتى وإن تعرضت لظروف مرضية طارئة.. لأنك وببساطة ستكون ضيفًا ثقيلًا غير مرحب بك، أو ربما لا تجد بها من لديه النية لتنفيذ قرار الحكومة الأخير الذي ألزم جميع مستشفيات القطاع الخاص في مصر باستقبال حالات المرضى الطوارئ أول يومين بالمجان.. وربما عليك أن تختار إما «الموت»، وإما الدخول في رحلة عذاب للعلاج داخل المستشفيات العامة التي تئن من الإهمال.

الوضع داخل مستشفيات القطاع الخاص أصبح مأساويًا، وينذر بأننا أمام انعدام تام لدور المسئولين بوزارة الصحة في تشديد الرقابة على هذه الأماكن، التي أصبحت سوقا رابحا للتجارة بأوجاع المرضى، تروج بضاعتها جهارا نهارًا تحت أعين المسئولين بوزارة الصحة، الذين لم يضعوا - بل ربما فشلوا - في وضع حد لهذه المأساة التي يعاني منها عشرات المرضى يوميًا، إما بسبب مصروفات التحاليل أو الإقامة أو بسبب زيادة ثمن الأدوية والعلاج وأجور الأطباء المتعاقدين مع هذه المستشفيات.

المريض المسكين المُتشبث بالحياة، لم يجد أمامه طريقًا بديلًا سوى التوجه لهذه المستشفيات، ظنًا منه أنها تقدم الخدمة الأفضل من حيث العلاج، رغم أن الحقيقة تؤكد العكس تمامًا، فلم يكن الفرق بينها وبين مستشفيات الحكومة سوى عنصري «النظافة» و«المعاملة الحسنة» الأمر الذي جعلها أماكن طاردة للمرضى، أما من حيث الإمكانيات فلا يوجد قطاع خاص يمكن أن يضاهي مميزات أو قدرات مؤسسات الدولة، حتى وإن كان هذا القطاع يخضع لإدارة أعتى رجال الأعمال.

وليس من المعقول أن نلجأ في كل واقعة فساد أو تقصير بالشكوى إلى جهاز الرقابة الإدارية، تلك الجهة التي تتحمل جهدًا كبيرًا الفترة الأخيرة في حربها على الفساد، كما أنه ليس منطقيًا أن يتحّمل هذا الجهاز وحده التحقيق والتتبع لهذه الوقائع، طالما أن هناك مسئولية رقابية وتفتيشية في كل مؤسسة مسئوله عن مراقبة ومحاسبة قطاعاتها، وطالما أن هناك قطاعًا بوزارة الصحة يسمي «العلاج الحر»، المسئول مسئولية كاملة عن مراقبة العمل داخل مستشفيات القطاع الخاص، وحماية صحة المريض من التعرض للخطر في حالة تأخره عن دفع المبالغ المطلوبة.

الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان، سبق وأن أعلن رسميًا عن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014 الخاص بعلاج الحالات المرضية أول 48 ساعة طوارئ مجانًا في مستشفيات القطاع الخاص، وفقًا لتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيًا لرفع المعاناة عن المرضى غير القادرين، خاصة من يتعرضون إلى ظروف مرضية مفاجئة أو طارئة، في نفس الوقت لم يكن هذا القرار «الغائب» فيه ظلم أو تعنت للقائمين على هذه الأماكن، وذلك لأن المدة المجانية جاءت محددة ولم تتجاوز اليومين.

ورغم عشرات الشكاوى التي ترد من المرضى يوميًا من المستشفيات الخاصة، لم تكن هناك آليات حقيقية لتنفيذ هذا القرار، فلم تضع وزارة الصحة يدها على بؤرة الشكوى بشكل سريع ومباشر يضمن للمريض حقه، ولم تكثف حملاتها التفتيشية لمتابعة تنفيذ هذا القرار الوزاري وتطبيقه في إجمالي 2067 مستشفى خاصة في مصر، حتى وصل الأمر إلى قيام البعض منها بإجبار المريض غير القادر على توقيع «إيصال أمانة» بالمبلغ المطلوب، مقابل هذه الفترة المجانية للعلاج لحين استرداده لاحقًا.

وأخيرًا.. لست من محبي توجيه الاتهامات لأحد دون سند أو دليل.. لكنني أطرح سؤالي الذي يراود ذهني دائمًا.. وهو من يحمي «تجار الدم» أو الرابحين من أوجاع المرضى؟ .. وهل هناك مصلحة لأحد من التقاعس في تنفيذ توجيهات الرئيس أو قرارات مجلس الوزراء؟ .. أفيدونا أفادكم الله .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط