الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلام في السعادة


تعتبر السعادة مطلبا ورغبة وحاجة أساسية يبحث عنها الجميع ويتمنى تحقيقها في مختلف المجالات، وكل إنسان له نوع خاص من السعادة وحسب ما يريدها وكما يراها، قد تكون السعادة بالنسبة لشخص ما هي جمع المال والعيش برخاء والتمتع بواسطته في كل شيء بالحياة مثل شراء السيارة الفخمة، أو شراء الملابس باهظة الثمن وغير ذلك ، وربما قد تكون السعادة لشخص آخر هي القرب من الحبيب والتفكير بشكل عملي وجاد في إكمال الحياة معه بنهاية علاقة تتكلل بالزواج ، وقد تكون السعادة لدى شخص ثالث باستكمال التعليم والحصول على أعلى المراتب العلمية أو تقلد بعض المناصب ، ولكن السعادة الحقيقية تكمن في علاقة حب حقيقية يتوج الشريكان حياتهما بها ومن خلالها يأتي ويتحقق كل ما سبق ، ولكن ما هو الحب الذي يحقق كل ذلك في جملته وتفاصيله؟.

من وجهة نظري المتواضعة هو الحب الذي يأتي كالسكتة القلبية فيشل الجسد والروح وهو "الحب من أول نظره"، فمنذ فترة مضت كتبت مقالا تحت عنوان "كلام في الحب" وبه صنفت من وجهة نظري وتجاربي المتواضعة أنواع الحب وكان من بينها " الحب من اول نظرة " والذي أعتبره سؤالا يحير الكثيرين ... فما هو الحب من أول نظرة، وهل هو حب حقيقي ويستمر ، أم أنه مجرد اعجاب وليس حبا يدوم للأبد ؟.

الحب من أول نظرة هو من أعمق أنواع الحب وأكثرها تأثيرًا بالنفس التي تحب فهو يعبر عن التصاق عميق لروحين باسم علاقة الحب العفيف البريء الخالي من أي رغبة أخرى وحتى إن وجدت هذه العلاقة فهي ترجمة لمشاعر جياشة لم يستطع أحد الأطراف كتمانها وهذا ليس ببغيض لأنه لا يعد رغبة دونية.

الحب من أول نظرة يعتبر هو الحب الذي تعجز من خلاله الكلمات عن التعبير عن معانيها الجميلة فتتولى لغة العيون الحديث وحدها لتأسر أصحاب هذا الحب الطاهر بلهيب تلك النظرات ، يدوم ذلك النوع من الحب بدوام محبتنا للمحبوب وفي حالات كثيرة و قصص حب متنوعة نسمع عنها يجعل " الحب من أول نظرة " القلبين يفيضان حنانًا وعشقًا متناسيين هموم العالم وما فيه من أحقاد وتناحر وتصارع ومصالح .

هناك إجابات أخرى هل هو حب أم إعجاب ؟ ، بالقطع هناك خيط رفيع بين الحب والاعجاب , فكم من المشاعر التي شعرنا بها و العلاقات التي دخلناها ولم نكن نعرف إن كانت تلك هي مشاعر حب أم إعجاب، فالإعجاب بشخص ما يأتي بسبب الإنجازات، والنجاحات،والسلوكيات ، والفكر والمعرفة التي حققها ، وعندما نعجب بشخص؛ نريد أن نكون مثله ونعتبره قدوة و مثلا لنا وحتي هذه اللحظة لا يمكن أن نوصف ذلك بأنه حب أو نوع من أنواع الرومانسية .

فنحن عندما نحب شخصًا ما نحبه مهما كان، وقد يكون هذا الشخص فيه بعض من الصفات التي تم ذكرها أعلاه وقد لا تكون هذه الصفات به ،وبعد ذلك في بعض الأحيان يحدث تداخلًا بين الحب و الإعجاب فالشخص الذي أعجبت به أصبح قابلا للوصول اليه ، إنها مجرد مكالمة هاتفية كفيلة بأن يتحول الإعجاب إلى مشاعر أخرى قد تكون مشاعر الحب أو لا تكون في حالة رفض الطرف الأخر لفكرة تطوير العلاقة من إعجاب إلى حب .

لقد شهدنا بالفعل وقرأنا الكثير عن تلك القصص وهنا يبدأ الصراع بين الحب والإعجاب فكيف تعرف إن كنت في حالة حب أم إعجاب ؟!!.

وهذا هو السؤال الأهم والذي ألخصه لكم في عدة كلمات نابعة من قلب تعايش الإعجاب ثم ذاق طعم الحب عندما أحببت "الراحلة زوجـتي" من أول نظرة وأصبحت متيما بها ، فأول هذه الأشياء ترى الشخص الأخر إن كان قلبك يخفق بشدة فأنت في حالة حب أما ان كنت سعيدًا فقط فأنت في حالة إعجاب ،هذا بالإضافة إلي عندما تنظر لعيونه إن احمر وجهك خجلًا أو شعرت ببعض الإرباك فأنت في حالة حب أما إن اكتفيت بالابتسام له فقط فأنت معجب به.

ويضاف إلي هذا إن كنت لا تستطيع البوح بكل ما يجول بخاطرك أمام الشخص فأنت تحبه أما إن كنت قادرًا على قول ما تشاء له فذلك إعجاب فقط ، وعندما يكون الشخص الآخر أمامك حزينا وتحزن كثيرًا بسبب حزنه فأنت تحبه حتي لو لم تعبر له عن ذلك ، وإن كنت معجبا به لن تحزن كثيرا لكنك ستنسى الفرح بسبب حزنه.

أشياء كثيرة يرى فيها الإنسان أسبابًا للسعادة ، لكن السعادة الحقيقية تكمن في أن يكون قلب الإنسان عامرًا بحب الله سبحانه و تعالى فيعيش المرء براحة و طمأنينة و رضا وقناعة ،فلا يلتفت كثيرًا للأشياء المادية ، لأن السعادة الحقيقية هي في راحة البال وطاعة الرحمن، ومن كان ينتظر الحصول على كل شيء ليصبح سعيدًا، لن يحصل على السعادة في أي شيء لأن السعادة لا تهبط علينا من السماء بل نحن من يزرعها في الأرض ، وهنالك صفات كثيرة تأتي ضد السعادة ، وعلى رأسها تقف الأنانية وحب الذات والمصلحة والوصولية.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فقط وإنما، كن قانعًا بما عندك وراضيًا بما أنت عليه وانظر إلى من هو أقل منك في النعم ،ومن هو أكثر منك في البلاء وبذلك تنعم بالسعادة والهناء ،أي أن تكون قنوعًا بما عندك فتكن سعيدًا، وتذكر لحظات فرحك في ساعة الكارثة حتى لا تيأس وتذكر ساعات شقائك في لحظات الفرح حتى لا تغتر.

فالمسلم به أن أفضل حالات السعادة هي ما تنسجم مع عقلك وقلبك وجوارحك، فكن سعيدًا وأنت في الطريق إلى السعادة ،فالسعادة الحقة هي في المحاولة وليست في محطة الوصول ، فالسعيد يرى الحاضر أفضل أيامه، والمتفائل يرى مستقبله أفضل من حاضره ، أما المتشائم فينظر إلى الماضي باعتباره أفضل الأيام، ولا يرى مستقبله إلا قاتمًا.

والثابت هو أن من يسعى للحصول على كل شيء ليصبح سعيدًا ، لن يحصل على السعادة في أي شيء ، ومن الضروري لكي تصل إلي السعادة الحقيقية ، لا تسمح لأحد أن يأخذ الأولوية في حياتك ما لم تكن أنت أيضًا الأولوية في حياته ولا تسمح لنفسك أن تكون خيارًا ثانويًا في حياته بل عليه أن يجعلك خيارًا وحيدًا وأساسيًا وخلاف ذلك فلا تنتظر منه سعادة .

عزيزي المشتاق إلي السعادة.. لا تبحث عن سعادتك في الآخرين ، وإلا ستجد نفسك وحيدًا وحزينا، بل ابحث عنها داخل نفسك ، وستشعر بالسعادة حتى لو بقيت وحيدًا ، فالسعادة دائمًا تبدو ضئيلة عندما نحملها بأيدينا الصغيرة، لكن عندما نتعلم كيف نشارك بها ، سندرك كم هي كبيرة وثمينة، ونصيحتي الأخيرة لكل من يبحث عن السعادة،كن سعيدًا وأنت في الطريق إليها ، فالسعادة الحقة هي في المحاولة وليست في محطة الوصول ... وإلي لقاء آخر ومناقشة موسعة في معاني كلمة " الطيبة " هذه الكلمة المكونة من ستة أحرف ولكنها تحتاج في وصفها إلى ستة أيام .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط