الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"البلاستيكية".. كلمة من 1570 كلمة


إذا أردت أن تتعرف على قدرات شخص وكفاءته، فعليك أن تنظر إلى ما يثير اهتمامه، وما يتوقف عنده، أذكر ما قاله الفيلسوف الألماني هيجل، في معرض حديثه عن العقلية العربية؛ التي رآها مستغرقة في الجزئية بعيد عن الكلية، ضاربا مثلا شهيرا؛ بدخوله حديقة؛ فلا يلتفت لهذه الحديقة في نظرة شاملة، ولكنه يختار منها شجرة، ويختار من الشجرة فرعا، ويختار من الفرع غصنا، ويتوقف من الغصن عند زهرة أو ورقة؛ وكأني بالفيلسوف الألماني الشهير يصف حال جماعة الإخوان عند سماعها لكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية التي عقدت بالظهران بالمملكة العربية السعودية.

فكلمة الرئيس كان عدد كلماتها ١٥٧٠ كلمة، شملت كافة القضايا التي تمر بالمنطقة العربية، وهذه الكلمات التي خرجت من بين شفتي الرئيس كانت محددة وقاطعة وحاسمة، ودالة على رؤية الدولة المصرية لكافة تلك القضايا، وإننا نرى أن صياغتها كانت محكمة للغاية لتفي بالغرض في الوقت المحدد لكل زعيم في القمة، ذلك الذي عكس براعة هذه الصياغة.

ألف وخمسمائة وسبعون كلمة تناولت الأوضاع والمشكلات؛ ووصفت الشأن العربي كله، وعكفت على القوى الإقليمية، وتعرضت للقوى العالمية، ورسمت ملامح، وأكدت على ثوابت وطالبت بعمل، فلم تسمع آذان جماعة الإخوان وأنصارها من ذلك شيئا: صمت أذانهم على تأكيد الرئيس على موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية، وأن مصر ترفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين العربية؛ وكانت الجماعة وأنصارها هي التي خاضت فيما يطلق عليه صفقة القرن خوضا مشينا فاتهموا مصر متمثلة في رئيسها بأن هناك اتفاق مصري أمريكي إسرائيلي، وأن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس إنما جاء باتفاق مع مصر والمملكة العربية السعودية، وحينما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي موقف مصر الثابت في القمة العربية وجدنا في آذانهم وقرا، فلا يسمعون، وعلى قلوبهم أكنة فلا يفقهون.

ألف وخمسمائة وسبعون كلمة كان منها نصيب للقضية السورية التي وصلت عامها السابع، لم يتغير موقف مصر منها - موقف مرسي حينما كان رئيسا لمصر وجماعته لم يكن مصريا - ولم يتبدل، فيعلن الرئيس في القمة رفضه لأي عدوان على سوريا، كما برفض تدخل القوى الإقليمية، ويضع القادة العرب أمام الحقيقة مجردة حينما يقر مستنكرا أن مصير سوريا يتم تقريره دون وجود للعنصر العربي، مؤكدا للمرة المائة أنه لا حل للقضية السورية إلا حل سياسي، وأن من يقرر مصير سوريا هو شعبها فحسب، يعلن الرئيس موقف مصر الثابت الذي يتقاطع مع موقف المملكة العربية السعودية أكثر الدول قربا من مصر، لأن الموقف المصري مبني على رؤية مصرية خالصة تعلي من أهمية الأمن القومي المصري مرة والعربي أخرى وهذا هو الاعتبار الأهم لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأيضا لم يجد أصحاب العقول الإخوانية السقيمة في هذا ما يلفت انتباههم، ولا يصل إلى آذانهم.

ألف وخمسمائة وسبعون كلمة تناولت – ضمن ما تناولت -الرؤية المصرية للشأن الليبي والجهود المبذولة من قبل لتوحيد القوات المسلحة الليبية، والعمل قدر الطاقة على إحياء مؤسسات الدولة التي تهاوت بعد ما أطلقوا عليه الربيع العربي، وسيطرت الجماعات الإرهابية على معظم الأراضي الليبية، وأصبح الشعب الليبي الذي يملك الثروات يعيش أسوأ أيام حياته، وأصبحت الحدود الشرقية لمصر مصدر خطر كبير، فلم تصل كلمة من هذا كله إلى آذان جماعة الإخوان الإرهابية.

ألف وخمسمائة وسبعون كلمة طالب فيها الرئيس الدول الراعية للإرهاب بالعودة إلى جادة الصواب والعمل في منظومة الدول العربية التي تحارب من أجل التمسك بالدولة الوطنية، والحفاظ على مكتسباتها التي تحققت منذ التحرر الوطني، تلك المكتسبات التي أرادت جماعة الإخوان الإرهابية أن تعصف بها، في محاولة هي ضد التطور الحضاري، وضد التطور البشري، مستخدمة مشتقاتها من الجماعات الإرهابية مستفيدة من دعم دول عربية قصدها الرئيس في مطالبته بعودة هذه الدول إلى الحضن العربي، كل ذلك لم تستطع الأذن الإخوانية أن تسمعه.

ألف وخمسمائة وسبعون كلمة أعلن فيها الرئيس رفضه لسيطرة فئة ذات ميليشيا على مقدرات شعب، في إشارة إلى اليمن الذي لم يصبح سعيدا، مؤكدا أن الشرعية وجماهير الشعب اليمني يجب أن تكون هي – كما هو الحال في سوريا – التي تقرر مصير اليمن ليعود سعيدا، وفي ذات السياق أعلن الرئيس رفضه وإدانة مصر لإطلاق صواريخ " بلاستيكية – باليستية " على أراضي المملكة العربية السعودية وهنا برأت آذان جماعة الإخوان الإرهابية من الصمم، وملأوا الدنيا نباحا زاعمين خطأ الرئيس في نطق الكلمة، التي هي مأخوذة عن اللاتينية، والتي لمن درس علم التعريب أو نقل الاسماء عن اللغات الأجنبية والتي لها طريقتان: الأولى النقل عن المكتوب والأخرى النقل اللفظي السمعي وكلتاهما صحيحة، ذلك الذي يؤكد زعم الفيلسوف الألماني الشهير هيجل عن العقلية العربية التي هي هنا " الإخوانية" حينما تركت جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها الحديقة كاملة " كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية " كما غادرت الشجرة كثيفة الفروع " الأفكار المتضمنة في الكلمة " وطارت بعيدا عن الأغصان " القضايا التي تضرب الدول العربية" لتقف على ورقة مبللة بدموع المشردين بفعلهم من أبناء العالم العربي، في محاولة لإلهاء الجميع بفهمهم السقيم، وعقلهم المريض، ورؤاهم العبثية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط