الحُب الأسود

في أوائل التسعينيات نالت هذه الأغنية شهرة واسعة والتي غنتها المطربة داليا صاحبة الصوت الرقيق والتي اعتزلت الغناء بعدها بفترة قصيرة جدا.

ولعل أهم جملة شدت انتباهي في هذه الأغنية هي (بحبك زي ما انت)، وهنا أرد الشاعر مصطفى كامل الإشارة إلى أن الحب قد يجعل المُحب لا يرى عيوب المحبوب حتى وإن ظهرت جلية أمامه، وربما يتعمد عدم رؤيتها حتى يستمر في الحب، حتى لا يستيقظ من الحلم، حتى لا يجد نفسه مضطرا لإنهاء العلاقة التي تمده بالسعادة، وهذا يقودنا لفكرة (التغاضي)، نعم التغاضي عما قد يزعجنا من صفات المحبوب، وقد يتساءل المحيطون بالمُحب كيف لا يرى عيوب محبوبه الواضحة كوضوح الشمس، هل أُصيب بالعمى؟ 

إن الحب قد يصيبك بالعمى فعلًا، يعميك عن عيوب الحبيب، بل يعميك عن عيوب العالم المحيط بك بأكمله، فترى الدنيا كلها ترقص من حولك، وتمدك بالسعادة بالرغم من قسوة تفاصيلها اليومية، فإنك حين تجد الحب الصادق تجد نفسك وكأنك أخذت جرعة قوية من المضاد الحيوي اللازم لاستكمال الحياة.

وهنا يجب الإشارة أيضًا إلى (الحُب الأسود)، و لا تُعد هذه التسمية اصطلاحًا معروفا وإنما هي من وحي أفكاري، ولا أجد اسمًا يُعبر بوضوح عن تلك العلاقة أكثر من هذا الاسم، فذلك الحب الأسود الذي يُصيبك بالعمى أيضا، ولكنه يعميك عن جمال الكون حولك ويفقدك الحماس للمستقبل.

إن أسوأ العلاقات على الإطلاق هي العلاقة التي تطفئك ببطء شديد، بالتدريج تفقد البهجة حتى أنك تستيقظ في أحد الصباحات وتسأل نفسك لماذا استيقظت، وما الهدف من بقائك على قيد الحياة أصلًا، وربما تمنيت الموت، كل ذلك بسبب (الحب الأسود).

أهمية الوقوع في الحب أن تشعر بالسند، وليس أن يصبح الطرف الآخر هو الذي يشكل تهديدا مستمرا في عالمك، هو الذي يكدر صفو إحساسك، هو الذي يجعل الصراع يحتدم داخلك ويجعلك تلوم نفسك باستمرار، يجعلك تكذب كل يوم لتتفادى شجارا مزعجا، ثم بعد ذلك يتنازل الطرف الآخر عنك لأنه لا يستطيع تصديقك بعد الآن ....... دُمتم بحب وفن.