الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حدود الخطبة


حكايتي عن حدود الخطبة ما بين الإفراط والتفريط.

فالإفراط في العلاقة بين المرأة والرجل أيام الخطبة يسبب الكثير من المشكلات، ويؤدي لتراجع التقييم الحقيقي لكل منهما، وانشغالهما بالعلاقات الحسية لا يجعل هناك فرصة حقيقية للتعرف على عادات وطباع وأخلاق كل منهما، بل أن التمادي في مثل هذه الأمور قد يؤدي للتعتيم على العيوب وتقبلها بشكل مبالغ فيه، فتجد الفتاة خطيبها مثلا ينظر لأخريات وهي معه.. فتتغاضي عن ذلك لوجود قصة حب عاشت تحلم بها لسنوات وسنوات، أو تجده بخيلا بخلا غير عادي، وحاد الطباع فتتغاضي عن ذلك وتقدم له الف عذر لما يفعله وتقنع نفسها أن عليها الزواج سريعا حتى لا يفوتها قطار الزواج وتعيش حياتها بلا رفيق أو ونيس يقتسم معها الحياة بحلوها ومرها.

ثم إن انشغال الشاب والفتاة بالعلاقات الحسية لا يجعل لديهما فرصة حقيقية للتعارف، فسمعنا كثيرا عن قصص لخطبات بالغ الخطيبان فيها في العلاقة المسموح بها وتعديا الحدود ووقعا في مشاكل لا حصر لها.

والكارثة أن الانشغال بالشهوة في أيام الخطوبة يجعل هناك فتورا بعد الزواج بين الرجل والمرأة، فيحدث الطلاق سريعا، لأن معظم الأمور قد تكون حدثت بينهما أيام الخطبة.

وعلى الجانب الآخر يؤدي التقنين المبالغ فيه في علاقة الخطبة الى الغموض وعدم الوضوح أيضا والتعتيم على شخصية كل منهما.

فنجد البعض يحرم حتى التحدث البريء بينه وبين خطيبته، فيتسبب هذا في عرقلة الحياة الزوجية وعدم قدرة طرفي الزواج على كيفية التعامل مع الحياة فيما بعد.

فاحتكاك الرجل والمرأة أثناء الخطبة وتخطي العقبات بينهما خلالها يجعلهما قادرين على مواجهة المشاكل بعد الزواج خاصة في السنوات الأولي أما اذا لم يستطيعا ذلك واختلفا بشكل مبالغ فيه فعليهما أن ينفصلا بهدوء حتى لا يستمرا في العلاقة حتى الزواج ثم يحدث الاختلاف ويتصاعد الأمر الى الطلاق.

وما أريد أن أتحدث عنه أن أهم الخطوات التي يجب أن تهتمين بها في اختيارك لزوج المستقبل هو تحديد احتياجاتك الفعلية وما تريدينه أنتِ من هذا الرجل الذي ستقسمين معه حياتك المستقبلية.. فيجب أن تعرفي أولوياتك أولا حتى تستطيعين اختيار شريك حياتك بما يتناسب وهذه الاحتياجات والأولويات، وما هي الأمور التي من الممكن أن تتقبلينها والاخرى التي لا يمكن أن ترضين بها في حياتك وكذلك الرجل عليه أن يفكر بذات الطريقة.

ثم أن هناك نقطة أخرى وهي التكافؤ بينك وبين هذا الرجل الذي سيكون بأذن الله أب لأولادك فيجب أن يكون هناك بينكما تكافؤ اجتماعي وثقافي وفكري، وتوافق في الميول ولو بقدر فلا يصح أن تكون ميولك مختلفة كل الاختلاف عن ميوله وعاداتك لا تتوافق وعاداته وبعيدة كل البعد عنها.

وأخيرا عليك أن تعرفي وكما يؤكد رجال الدين، أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته تماما ولا ينبغي أن تبذل أمامه ولا أن تعانقه أو يقبلها أو يحتضنها وانما تظل العلاقة بينهما علاقة احترام وتعارف فلا يختلي بها أبدا حتى يعقد عليها، وأتذكر الحديث النبوي الذي قاله لي فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق "عن ابن عباس قال كنت خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم يوما فقال يا غلام إني أعلمك كلمات.. احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط