الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مراسلون بلا «قيود»


التقرير الذى أصدرته، اليوم، منظمة "مراسلون بلا حدود" حول حرية الصحافة فى العالم، لم يختلف كثيرا عن غيره من التقارير، التى اعتادت المنظمة إصدارها سنويا، وترصد فيه أوضاع الصحافة فى العالم، وقياس مؤشرات حريتها، ومدى التأثيرات التى تتعرض لها دوليا.

ورغم أن التقرير، والذى حذر من مخاطر تهدد حرية الصحافة فى العالم، لم يعف رؤساء وزعماء دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، من المسئولية عن تدهور حرية الصحافة بالعالم، إلا أنه لا يزال يدور فى الفلك السياسى، ولا يخرج عن كونه تقريرا، يخدم المصالح السياسية، بعيدا عن الأهداف المعلنة، وهى حرية الرأى والتعبير، وتداول المعلومات، والصحافة.

المنظمة، والتى تتخذ من فرنسا مقرا لها، وتطالب منذ نشأتها عام 1985 بحرية الصحافة وتداول المعلومات، دأبت على إصدار تقارير، خالية من أى قيود، سواء كانت قانونية دولية، أو معايير مهنية، أو ضوابط أخلاقية، وتخلت عن ذلك كله حتى أصبح من الممكن أن نطلق عليها منظمة "مراسلون بلا قيود"، نظرا لخلو كثير من تقاريرها من التقيد بالقوانين والمعايير.

فما أن يصدر تقرير عن المنظمة، إلا وقد ارتبط بالسياسة، وتحيز بشكل سافر لبعض الممارسات، وحمل فى طياته اتهامات لأنظمة سياسية، بانتهاكات حرية الصحافة، لخدمة الأهداف السياسية.

فلم تخل منطقة الشرق الأوسط من انتقادات تقارير المنظمة، وسارت فى طريق الأهداف الخارجية، التى تريد النيل من المنطقة، والدليل أنها تتغاضى فى تقاريرها عن الانتهاكات السافرة التى تمارسها قوات الاحتلال الصهيونى، بحق الصحفيين الفلسطينيين، ورغم أن المنظمة، لها صفة استشارية بالأمم المتحدة، فانها تتجاهل القرارات الأممية الخاصة بحماية الصحفيين، وضرورة محاكمة مرتكبى الانتهاكات بحقهم، وهو ما تتغاضى عنه بشأن الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين.

وبدا واضحا فى التقرير الذى أصدرته المنظمة اليوم، والذى ركز وبشكل كبير على منطقة الشرق الأوسط، واعتبارها المنطقة الأبرز فى العالم، من حيث تراجع حرية الصحافة، وممارسة الانتهاكات بحقها، غير أن التقرير انصب فقط على الدول التى تسعى جاهدة لحماية أمنها واستقرارها، ومنها مصر والسعودية والبحرين، وغيرها من الدول، التى تعانى إفرازات ما يسميه البعض "الربيع العربى"، فتعمدت تقارير المنظمة إلى تجاهل الأوضاع التى تتعرض لها بعض الدول، ومنها بلادى مصر، التى تعانى الإرهاب، وما يدعمه من أداء إعلامى غير مهنى.

لجأت التقارير إلى خلط واضح بين التأكيد على الالتزام بالمعايير المهنية، وهو ما تسعى إليه بلادى مصر، وبين الأداء غير المهنى، والحرية غير المنضبطة، فصورت تقارير المنظمة الأمر على انه انتهاك لحرية الرأى والتعبير تارة، والصحافة، تارة أخرى.

منظمة " مراسلون بلا حدود" أو كما نسميها منظمة "مراسلون بلا قيود"، تضع نفسها فى دائرة الشك، وعدم المصداقية، نظرا لغياب الضوابط والمعايير المهنية، والازدواجية فى الحكم على الأداء، ويسبق ذلك كله التحيز السافر للكيان الصهيونى، الذى يمارس انتهاكات تصل إلى حد الجرم بحق الصحفيين الفلسطينيين، والتى تسببت فى اعتقال وأسر ما يقرب من 100 صحفى منذ بداية العام الجارى، مابين شهداء وأسرى، ومعتقلين بلا اتهامات.

مراسلون بلا "قيود" ، إذن، مزجت السياسة بالصحافة، ففقدت تقاريرها المصداقية، وأصبحت عنوانا، لخدمة الأهداف السياسية، بعد أن تخلت عن القيود التى تحتمها القوانين والقرارات الدولية، والمعايير المهنية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط