الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«الزلباني» والكاني ماني.. والتجمع المائي


إحنا شعب عجيب، غريب، ماتعرفلهوش كتالوج، فعلاً ساخر حتى في الكوارث، مُتشائم في الفرح ومتهاون إلى أقصى درجة وعاطفي فشخ، ولا مُبالي كثيراً وفوضوي جدًا ووطني ع الآخر ومحسوك في نفسه ويحافظ على نضافة بيته جدا ومايهموش بعد كدة لو الشارع مليان زبالة أو حتى العمارة اللي هو ساكن فيها.. يطلع بحد السما وينزل بيه سابع أرض تاني يوم .. أناني في السواقة ومايحبش حد يعدي منه ولا حد يعدي أمامه من المشاة ولو هو اللي ماشي في الشارع وانت سايق يسبلك الدين لو ماوقفتش عشان هو يعدي.. يغير جدًا على زوجته وبنته وأمه وأخته ويمشي يعاكس ويتحرش ببنات خلق الله.. يجري على الصلاة ويسيب شغله ويعطلك مصالحك.. بُيحط المصحف في المكتب والبيت والعربية ومابيقراش فيه حرف.. حدث ولا حرج.. على سبيل المثال منطقة التجمع الخامس محط أنظار الجميع وأنها منطقة راقية لجأ اليها الأثرياء ووجهاء المجتمع والجميع يعرف ذلك والكثيرين بيتفشخروا بأنهم من سكان التجمع الخامس .. كل ده عادي .. ولكن ما حدث خلال اليومين الماضيين وعقب ما تعرضت له منطقة التجمع الخامس من موجة أمطار شديدة وسيول وتجمع المياه في كل مكان وغرق المنازل والفيلات الفاخرة بمياه الأمطار واختلاطها بمياة المجاري مما تسبب في خسائر فادحة لأصحابها وتقدمهم بالشكاوى والاستغاثة وسادت بينهم حالة من الغضب الشديد بينهم بعد الحالة التي ظهرت عليها شوارع المنطقة عقب الأمطار الغزيرة .
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات مُحزنة توضح غرق العديد من الشوارع وهو ما يكشف أو يفضح عدم وجود مرافق أو شبكة صرف جيدة للمياه ومياه الأمطار تحديدا في منطقة راقية مثل التجمع الخامس وطالب السكان بضروة محاسبة رئيس جهاز القاهرة الجديدة عما وصفوه بالإهمال وإهدار المال العام في صيانة وتطوير المدينة وتسألنا جميعا : أين المرافق والبنية التحتية (وهذه أزمتنا الحقيقية وسبب كل الكوارث) عدم وجود البنية التحتية اللازمة لتجنب أي طوارئ.. 
وشهدت وغيري في كثير من دول العالم كيف أن الأمطار تهطل بالأيام وقد تمتد لأسابيع ولا تحدث أي مشكلة بسبب توفر البنية التحتية اللازمة للإستفادة من هذه الأمطار بدلا من أن تتسبب في كوارث كالتي نشهدها في المحروسة .. والشهر الماضي شهدت بعيني عدد من العواصف الثلجية الشديدة في عدد من الولايات الأمريكية ومرت بسلام وبدون خسائر لا في الأرواح ولا في الممتلكات .. ويبدو أن الكلام لم يعد يفيد .. ماعلينا ..
مالفت نظري في واقعة غرق التجمع الخامس بمياة الأمطار هو كمية السُخرية من الموضوع على مواقع التواصل الإجتماعي والمصريين حولوها الى نكتة .. اللي يقولك : فرصة لا تعوض فيلا بالتجمع ترى البحر مباشرة .. وطبعا عارض صورة للفيلات وأمامها بحيرات من مياة الأمطار .. واللي منزل فيديو لأصحابه بيتزلجوا على مياة الأمطار في شوارع التجمع .. واللي يتسأل : هو أمتى أوبر وكريم ينزلوا لانشات عشان سكان التجمع .. 
بأمانة شديدة الأمر لم يعد مضحكا ولم يكن .. لأن ماحدث هو كارثة بكل المقاييس .. كارثة كاشفة فاضحة لغياب كافة معايير السلامة والبنية التحتية حتى في أرقى المناطق السكنية في مصر المحروسة وأغلاها سعرًا .. وهي أيضا كاشفة لغرابة شعب مصر العظيم الغريب الساخر بطبعه حتى في الكوارث .. وشعب يعشق الكاني ماني ودكان الزلباني وأصبحت عادة الشعب المصري مع كل المسئولين وخاصة بتوع المحليات والأجهزة التنفيذية هي (هايقولي كان وماني ودكان الزلباني) بمعنى هيأكلنا الأونطة ويقول مش مسئوليتي دي مسؤلية من كان قبلي في الوظيفة أو المنصب .. 
أما أصل الكاني ماني ودكان الزلباني ياسادة .. وهي قصة لطيفة أرويها لكم حتى ننسى الهم والغم اللي تسببت في كارثة غرق التجمع الخامس في مياه الأمطار وقصة الكانية ماني كالتالي: في الخمسينيات من القرن الماضي في منطقة اللبان بالأسكندرية كان فيه واحد اسمه (العجمي الزلباني) وهو عجوز عنده محل بقالة صغير وتسكن بجواره سيدة مُطلقة وكانت شديدة الجمال والفتنة أسمها (هدى) وكان هو إسمه الحقيقي (العجمي) وكنيته الزلباني لأنه مشهور بعمل الزلابية اللذيذة وبيعها في محله وكانت الست هدى كثيرة الكلام ومن أصول مغربية وعندها ولدين واحد إسمه "كاني" نسبة الى مدينة كان الفرنسية المشهورة على البحر المتوسط Cannes.. وعندها ولد تاني اسمه "ماني" نسبة الى الكلمة الإنجليزية Man ومعناها طبعا رجل في إشارة الى أنه رجلها وأنها تجد فيه الرجل الذي افتقدته في زواجها الأول ولم يكن لدى "هدى" سوى الحديث عن أولادها كعادة السيدات في مجتمعاتنا الشرقية .. وأيضا كانت كثيرة الكلام عن محل جارها الـ "العجمي الزلباني" ومن هنا كان يتهامس الجيران طوال الوقت فيما بينهم بجملة "كان وماني ودكان الزلباني" بمعنى ماتأكلنيش الأونطة وخش في الموضوع.. وهي كناية عن كثرة الأحاديث المسفسطة البعيدة عن صُلب القضية .. وصُلب القضية ياسادة هو البنية التحتية.. يجب على الدولة مُعاقبة كل المٌقصرين والمُهملين وكل من يقول للشعب المصري (كاني ماني ودكان الزلباني) وكان الله في عون قاطني التجمع الخامس وكل من تعرض لخسارة كبيرة كانت أو صغيرة في موقعة أمطار التجمع الخامس .

 والله المستعان ..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط