الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا نكتب عن إيران؟


كان السؤال مباشرًا.. لماذا الكتابة بكل هذه الكثافة عن إيران والموضوع الإيراني؟ أليست هناك قضايا أخرى هامة وحيوية يمكن الكتابة عنها؟

بالطبع هناك قضايا شديدة الحيوية يمكن الكتابة عنها. لكن إيران هى الرابط الوحيد في كل هذه القضايا وقد عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومن قبله وزير دفاعه جيمس ماتيس عندما قال "إنه بالنظر الى أي مشكلة في الشرق الأوسط تجد إيران!

وهى حقيقة مفزعة للأسف. فإيران حاضرة في المأساة السورية من بدايتها حتى اللحظة الحالية والوجود الإيراني في سوريا كان ولا يزال السبب في المجازر المروعة التي وقعت في سوريا. وهى من تدخلت منذ البداية ودفعت عشرات المليارات لمساندة النظام السوري حتى لا يسقط بعد 6 أشهر من الثورة السورية وقد تدخلت بشكل مريب وغريب.

فهي لم تتدخل رغبة في الحفاظ على سوريا أو تماسكها ولكنها تدخلت من منطلق نشر المشروع الإيراني في سوريا وهو ما كان بالفعل. فقد تدفقت عشرات الآلاف من العناصر الايرانية وأفراد الميليشيات الشيعية الى سوريا بدعوى مساندة الرئيس الأسد. لكن القضية كانت فتح ثغرة كبرى داخل سوريا لإيران وهو ما كان فعلا ولا يزال فقد تم انشاء العديد من القواعد العسكرية الإيرانية على الأراضي السورية كما تقوم ايران بأكبر عملية تغيير ديموغرافي في دمشق. وتقوم بتشييع أحياء سنيّة كاملة وبتهجير عشرات الآلاف من مدنهم وقراهم.

فإيران موجودة في المأساة السورية والتي تشغل العالم.

كما أن إيران موجودة في المأساة اليمنية. وقد حولت اليمن إلى أرض جديدة لمشاريعها الطائفية والمذهبية وأنشأت وعززت إمكانيات ميليشيا الحوثي التابعة لها لتنقلب على الشرعية اليمنية ولتخلق حربا أهلية رهيبة على الأراضي اليمنية.

وحولت اليمن الى خنجر في الخاصرة الخليجية وبؤرة ملتهبة جنوب الخليج وجنوب السعودية. وعندما تريد أن تكتب عن الاخطار الخارجية التي تهدد الأمن القومي الخليجي أو الأخطار التي تهدد الأمن القومي السعودي، بعد استهداف المدن السعودية بنحو 150 صاروخًا باليتسيًا إيرانيًا حوثيا، فلا يمكن أن تتغافل عن الوجود الايراني ومشروع الملالي في اليمن.

كما أن إيران حاضرة في المشكلة العراقية ويقال- وهذا صحيح أن أي سطر يكتب في بغداد يراجع في طهران أولا- فالحكومة الموجودة في العراق الآن حكومة إيرانية بامتياز وقادة الميليشيات الذين يشكلون الحشد الشعبي وهو تجمع ميليشوي شيعي يتبعون إيران ويتحدثون علنًا عن علاقتهم الوثيقة بإيران بل ويقولون إنهم تابعون لولاية الفقيه الإيرانية في توجههم المذهبي.

وعندما تكتب عن المشكلة العراقية فلا يمكن الا أن تبدأ بإيران والوجود الفارسي في بغداد وإلا كنت تتجاهل لب القضية.

وفي لبنان وأمام انتخابات نيابية بدأت تطل بشائرها فلا يمكن ولا يجوز أن تقترب من الاضطراب اللبناني وتموجات البحر هناك دون ان تقف أمام معضلتين هما النفوذ الإيراني في لبنان وعلاقة إيران بميليشيا حزب الله التي يديرها حسن نصر الله. وبالطبع ليس خافيًا على أحد أن حزب الله هو الفاعل الرئيسي في المشهد اللبناني الان وليس بعيدًا عن أحد استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء قبل عدة أشهر اعتراضًا على تغول وتدخلات حزب الله في الشأن اللبناني.

ففي بيروت يقبع مشروع إيراني خبيث يعمق خلافاتها المذهبية والسياسية واذا كانت هناك رغبة في أي كتابة عن الشأن اللبناني وتموجاته فلا يمكن ولا يجوز إلا أن تبدأ بالدور الإيراني!

وقبل ساعات قامت المملكة المغربية بإعلان قطع العلاقات نهائيا مع ايران لأن ميليشيا حزب الله التابعة لها تقوم بتدريب وتجنيد عناصر من جبهة البوليساريو المناهضة للحكومة المغربية وقررت الرباط طرد السفير الإيراني لديها وإغلاق سفاراتها في طهران.

هكذا إيران في المشاكل العربية الكبرى موجودة وحاضرة تماما ولا يمكن الاقتراب من أي ملف مشتعل بالحروب المذهبية والصراعات الأهلية دون البدء بالتدخل الإيراني.

أما على المستوى العالم فإن إيران هى بؤرة الاهتمام العالمي الآن والعالم يحبس أنفاسه انتظارًا لقرار الرئيس ترامب خلال 12 مايو الجاري في الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى.

فإما انسحابًا أمريكيًا من هذا الاتفاق وهو ما ستكون له تداعياته وإما البقاء فيه بشروط جديدة تُفرض على إيران لوقف أنشطتها النووية السرية ووقف تطوير صواريخها الباليستية ووقف نشاط ميليشياتها.

وهنا يمكن القول بارتياح تام أن الكتابة عن إيران وتدخلاتها وأنشطتها والخطر الفارسي هو كتابة عن شأن مشتعل على الساحة العربية والدولية.

فإيران هى الملف الأول على أجندة اهتمامات العالم الآن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط