الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا... الجحيم العرقي والطائفي


كانت سوريا قبل سنوات سبع عجاف سجنًا كبيرًا لكل الشعوب في سوريا من دون تمييز لعقود عديدة، ولم يستثنِ السجانان الأسد الأب والابن أحدًا في تطويعه وتركيعه وإدخاله في الحظيرة البعثية، إلا من رفض أو حاول أن يرفض أن يكون من القطيع في سوريا الوطن. المصير طبعًا معروف لكِلا الطرفين، الأول كان يظن أنه يعيش كما الإنسان ضمن القطيع المطيع، وأما الثاني فمعروف أنه كان المنبوذ والولد العاق والذي كان يتم تجريب كافة صنوف التعذيب الجهنمية عليه قبل الوصول إلى جهنم. 

تحولت عناصر الأمن السورية إلى زبانية وراحت تنشر الرعب والخوف لأجل تمكين الطاعة تجاه الرئيس الضرورة الخالد والترهيب لكل من يفكر بالخروج من الحظيرة الأسدية أو أن يبحث عن طريق للخلاص من هذه الحالة.
وجاءت "الثورة" السورية التي كانت الشرارة التي حطمت جدار الحظيرة كما تحطم جدار برلين يومًا ما بعد أن كان من المقدسات الذي يفصل بين عالمين الخير والشر، عالم الشيوعية والامبريالية. وبعد تحطم جدار الخوف هذا أدرك الشعب أنه ليس ثمة عالمين، بل هو عالم واحد منافق وسارق يبحث عن مصالحه واطماعه والربح الأعظم على حساب الشعب.

تحولت الثورة السورية إلى "أزمة" بين طرفي الصراع على السلطة. لأن كِلا الطرفين لم يهتما بالتغيير المجتمعي بقدر اهتمامهما بالتمسك أو الوصول للسلطة مهما كانت الأساليب أو التضحيات. وبذلك تحولت سوريا من سجنٍ كبير إلى جحيم أكبر حتى باتت الحجارة تلتهم الناس وتقول: "هل من مزيد". 

كانت المشكلة الرئيسية قبل الأزمة السورية بين الشعب السوري بكل مكوناته والنظام السوري المتمسك بزمام السلطة من عقود خلت، وهي تغيير النظام لسلوكياته وتقرباته وجعلها أكثر ديمقراطية، والتي بدأت بمطلب "الحرية".
 
طلب الحرية في الدول القوموية والدينوية يُعتبر جرمًا يعاقب عليه بالموت كل من تسول له نفسه بمجرد التفكير بالحرية. لأنه الحرية مختصرة فقط على الرئيس أو ظل الرب على الأرض. وكل من يعارضه سيخرج من الجنَّة ويتم طرده منها شرَّ طرد، وليبحث من بعدها عن شياطين تنقذه من الوضعية التي حلَّت به وارجاعه للفردوس المفقود لما كان يسمى "وطن".

عملية البحث عن شياطين إذًا، هي ظاهرة تاريخية وليست وليدة اللحظة التي نعيشها. وكل ما نقوم به هو تكرار لهذا التاريخ وإن كان في زمكان مختلفين. وما اكثر الشياطين الذين يبحثون عن ضعاف النفوس والايمان والأمل. ولكل شيطان أسلوبه في خداع المستضعفين والباحثين عن وطن يأويهم. فكانت تركيا وإيران وامريكا وروسيا التي حاولت اقناع الشعب السوري أنها تمتلك المفتاح السحري للقضاء على الدكتاتور الذي تسبب بطردهم من الوطن أو القضاء على المتمردين والخونة الذين لم يطيعوا "الله وأولي الأمر".

الشياطين هم شياطين بغض النظر عن الطرف الذي يقفونه أو الأسلوب الذي يستخدمونه، لأن هدفهم الوحيد ليس مساعدة ودعم الشعوب للوصول للحرية، بل على العكس من ذلك. إذ، أنها لا تفكر إلا بمصالحها ونهب ما تستطيع نهبه وسرقة ما تقع عينها عليه وليذهب الشعب إلى الجحيم.

تحول الشعب إلى ضحية الصراع بين الشياطين أو ما يمكن تسميته وفق كل طرف ومصالحه بات الصراع بين "الملائكة والشياطين"، لكن في الحقيقة كلا الطرفين هم شياطين ولا فرق بينهم أبدًا، لأنهم لا يفكرون إلا بنفوذهم ومقدرتهم العظمى على النهب الأعظم ولتذهب الشعوب إلى الجحيم.

تحولت سوريا إلى جحيم للاقتتال العرقي والطائفي على يد الشياطين والمعارضة بكل مسمياتها الدينوية المرتبطة بتركيا أو إيران. الكل يقتل الكل في سبيل إعلاء "كلمة الله"، ولكن بيد الشياطين الامبريالية والاشتراكية أو القوموية التركية والدينوية الإيرانية. زبانية جهنم تقوم بعملها على أكمل وجه منذ سنوات سبع من دون تمييز. وطيور الأبابيل الروسية والأمريكية وبما ترميه من براميل وصواريخ "ذكية وجميلة" حولت الحجر إلى نار ملتهبة تطلب المزيد.

ويبقى الأمل في بقعة الظلام هذه في أن تتوحد الشعوب وتعود إلى رشدها وتُخرج نفسها من تحت سطوة وسيطرة الشياطين. وتعمل مع بعضها البعض من أجل بناء غدٍ أفضل يعيش فيه الكل مع الكل على أساس أخوة الشعوب وبناء الأمة الديمقراطية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط