بلد العجائب

أمر عجيب أن تكون تلك الأرض المباركة مليئة بالعجائب التي قد تكون غير متلائمة مع بعضها البعض، بلد من قديم الأزل كان مهدًا للحضارات، ذكر في القرآن الكريم أكثر من مرة، يحتوي على رصيد كبير من آثار العالم المبهرة التي لطالما تناولتها الدول الغربية بالدراسة والتدقيق، بلد عاش فيها العديد من الأنبياء، كلم الله موسى على أرضها، وتربى على يد عدو الملك العظيم وفِي بيته وتحداه يوم كلم المولى وحدثه عن ملكوت السماوات وأنذره بعذاب عظيم.

بلد تعلم حكامها التجارة والاقتصاد منذ قديم الأزل ورغما عن ذلك اشتهرت في العديد من العصور بعهود السحرة وأعمال الشعوذة، بلد تعلم منها العالم الجبروت ورغمًا عن ذلك ممتلئة ومتشبعة بالفساد في المجالات الحياتية المختلفة، بلد علم الناس العلم والدين وهي ممتلئة بقدر كبير من الأمية، تحتاج لدراسة متعمقة في نفسية الإنسان المصري الذي ينتمي لأرضها ودراسة تطور شخصيته على مدار العصور والأجيال.


بلد امتلأ بالحروب والمآسي على مدار أجيال وأجيال ، قتل فيه العديد من أبنائه تارة في الحروب وتارة في مكافحة الإرهاب، مطمع للعديد من الدول رغمًا عن كل ذلك، مرت عليه عصور قوة وازدهار وعاشت عصور بؤس وفقر، وتظل رغم كل عجائبها ذات نكهة خاصة وطعم مختلف.

مرت عصور اهتم فيها بعض الحكام بتنمية الجمال والعمارة والعلم والتجارة والبعض الآخر اهتم بالتسليح والقوة، يسكن فيها أثرياء العالم وكذلك أفقر الفقراء، تحتمل النقيضين في كل شيء الخير الممدود والشر المتفاقم، بعض من أهلها يحمل الخير والبركة والبعض الآخر يدمرها بجهله وطمعه.

لو نظرت إليها بتدقيق تجدها بلاد داخل بلاد السمة المميزة لكل منها أنها بلاد عجائب وتناقضات متعددة، نتمنى يومًا ما أن تعود لسابق عهدها من قوة وازدهار وغني وتقدم وتخرج من نطاقها الضيق كدولة من دول العالم الثالث بعدما كانت في المقدمة ومهد للحضارات.

كيف تطور بِنَا الحال من عهود قوة وجبروت إلى عهود الدرجة الثالثة، كيف تغير الحال وما هي أسبابه الحقيقية، هل هو الضعف البشري والطمع وحب النفوذ، أم أنه تكاسل بعد نشاط، نحتاج للعودة إلى نهج أجدادنا، نمشي على خطاهم وننتهج بنهجهم، ونطور مما تركوه، نحتاج إلي الوصول لمصدر الخلل الواقع، حتى لا نلوم الزمن والعيب فينا، نحتاج إلى البحث في أعماق الذات للوصول إلى الإجابة كيف تحول أحفاد بناة الأهرام إلى سكان الدرجة الثالثة.