الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أولى تداعيات انسحاب ترامب.. بيع النووي للسعودية


وأخيرًا نفذ ترامب وعوده بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وسيسعى لفرض عقوبات اقتصادية عليها وعلى كل من سيتعامل مع إيران، وبهذا الشكل يكون ترامب قد أكمل الفزاعة الإيرانية وجعل منها بُعبُعًا يخيف فيه البقرة الحلوب ويضع لها جرسًا في عنقها وجعلهًا مرياعًا، بعد أن يأخذ منها مليارات الدولارات المتبقية بحجة حمايتها من إيران وبيعها السلاح النووي لتكون قوة موازية لإيران.
 
ترامب المراوغ الذي أتى من ثقافة حلبة المصارعة لا يهمه سوى الانتصار والربح في أي جولة يتبارز فيها مع الخصم. وقتال المصارعة بقدر ما يلزمه من عناصر القوة يلزمه أيضا المراوغة والحيلة وتغيير المكان بسرعة كبيرة حتى يشتت خصمه وينزل عليه الضربة القاضية. هذه هي الثقافة التي يمتلكها ترامب وهي أساس ثقافة القوى الرأسمالية التي لا أمان فيها ولا عدالة ولا صداقة دائمة، بل ربح دائم والبحث عن المال الذي هو أساس وجوده.

طبعًا، والمراوغة هنا بقدر ما هي للخصم، إلا أنها موجه للجمهور والمشاهدين المتفاعلين مع هذه المنازلة الأمريكية – الإيرانية، وهؤلاء المشاهدون من دول الخليج الذين يصفقون من دون معرفة السبب ويدفعون كل ما يملكون لإضافة الإثارة أكثر، مع العلم أن طرفي الصراع والنزاع يقومون بالتمثيل بشكل متقن لأنهم يدركون مدى تأثير عامل الإثارة في مثل هكذا مشاهد.

منذ أن اعتلى ترامب سدة الحكم في أمريكا وهو يتحفنا بقراراته الارتجالية البعيدة عن المألوف والعُرف الدبلوماسي والبروتوكولي، فكثيرًا ما كان يصرح بأمور تربك الداخل قبل الخارج، ولم يكن آخرها إقالة تيلرسون وزير خارجيته عبر تغريدة في "تويتر". الآن أيضًا يطل علينا بقرار ارتجالي عن أنه ربما يسحب قواته من سوريا على عُجالة.
قرار الانسحاب هذا بقدر ما هو موجه لإيران إعلاميًا، إلا أنه يستهدف التحالف بين روسيا وتركيا وإيران أيضًا على أقل تقدير، إذ سيسعى ترامب من خلال قراره هذا لقلب أوراق اللعبة في سوريا بعض الشيء وهذا ما ستكون أهم نتائجه هي البحث عن تحالفات جديدة واصطفافات متوافقة والمرحلة المقبلة من الصراع في وعلى سوريا.

لم تنته الحرب ولن تنتهي بهذه السرعة كما يعول السطحيون من المحللين السياسيين منهم والاستراتيجيين، لأن الأزمة البنيوية الخانقة التي تعيشها الرأسمالية تقتضي في استمرارية الاشتباكات والحروب بين جميع الأطراف حتى يتبين للأطراف الرئيسية في أنها أمَّنت ما تريد من هذا الاقتتال من مردود مادي من عمليات بيع الأسلحة لجميع الأطراف.

بضعة من الصواريخ الإيرانية على الجولان أو الإسرائيلية على بعض المواقع الإيرانية أو الفصائل المرتبطة بها أو السورية، لن يغير من قواعد اللعبة الرئيسية في أنَّ الكل يهرج على الكل والضحية الوحيدة هنا هي الشعب السوري الذي يعيش المأساة بعينها.

وربما تفتح هذه الصواريخ التي أطلقت من إيران نحو بعض الأهداف على الجانب الإسرائيلي وبعض الصواريخ التي استهدفت مواقع أسلحة وذخيرة وبعض أفراد من الفصائل المحسوبة على إيران بالقرب من الحدود السورية الإسرائيلية، ربما تفتح الطريق ولو بعض حين في إدخال بعض من قوات عربية لسوريا، خاصة في الجنوب السوري حتى شماله مرورًا بالحدود العراقية – السورية، وهو ما تحدث عنه ترامب قبل أيام معدودة، هذه القوات ربما تدخل تحت مسميات مختلفة كحفظ سلام بين طرفي نزاع شكلي ويبقى هدفه في قلب الشاعر كما يُقال.

وتبقى إيران العدو الصديق المؤجل مواجهته على الأقل في هذه المرحلة التي الكل محتاج فيها لإيران، خاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا، لاستكمال تنفيذ مخططاتها في المنطقة وزيادة الخناق على روسيا وتركيا اللتان تعانيان من أزمة اقتصادية حادة، وبهذا يكون العدو المستهدف هو تركيا وروسيا بينما تبقى دول الخليج هي الصديق العدو الحلوب حتى بعد حين ويحين دورها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط