الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعداد الاقتصادي


في حديث للسيد اللواء خيرت بركات رئيس جهاز التعبئة والإحصاء، أشار إلي أنه من أهم الأهداف في المرحلة القادمة للجهاز هو حصر الأعمال الاقتصادية التي تتم في مصر بشكل غير رسمي لضمها للاقتصاد المصري والاستفادة بها وبالتأكيد هو هدف يستحق كل جهد ولكن يبقي السؤال الدائم والذي يدعو للتفكر هل الحصر هو طريق إنهاء معاناة البعض ممن يزاول نشاط بشكل غير رسمي نتيجة العقبات التي تقابله أثناء إنهاء الإجراءات والروتين الذي يقف في طريق العديد من البشر مما يجعله يعمل عملًا مستترًا بعيدًا عن الأنظار نتيجة صعوبة الإجراءات؟

بالتأكيد توجد العديد من المخالفات التي يقوم بها البعض من تهرب ضريبي وغيرها ولكن البعض الآخر يحتاج إلي التيسير ليعمل بشكل رسمي ويضع نفسه ضمن قوائم العاملين في مجال الاقتصاد المصري. المشكلة متفرعة ولديها جذور عميقة ناتجة من التضارب في القرارات، فالبعض يترك باب الدخول في مجال العمل الحر مفتوح للجميع والبعض يغلقه و تظهر لدينا العديد من المشكلات وخصوصًا في المحليات في مختلف المحافظات، فالبعض تؤرقه قرارات عدم تحويل التخصيص من سكني إلي تجاري علي سبيل المثال، ويظل يلهث وراء الحصول علي الموافقات الرسمية من الجهات المتخصصة فيضطر للعمل بشكل مستتر ومخالفة القانون .

والبعض الآخر يخالفه عمدًا تهربًا من الالتزامات المالية الثابتة للمرافق والضرائب العقارية والضريبة علي النشاط الذي يعمل به وفقًا لنوعه، ولا يقتصر الأمر فقط علي ذلك ، أحيانًا تكون الأعمال مستترة نتيجة لعدم جودة المنتج المقدم فيهرب صاحب العمل من الظهور بشكل قانوني ليتيح لنفسه الفرصة في العمل بالطرقة غير مشروعة ويحقق مكاسب غير مشروعة علي حساب المواطن البسيط، الذي يبحث عادة علي العروض الأقل سعرا نظرًا لصعوبة ظروفه المعيشية.

أعتقد أن الأمر لا يكمن فقط في حصر الأعمال الإقتصادية غير الرسمية إنما يحتاج الأمر إلي تصنيف تلك الأعمال لتحديد الصالح منها والتي يمكن دعمها ومساندتها للظهور بشكل رسمي، مع التصدي لكل ما يضر بالمواطن المصري مهما كان نوع النشاط.

هناك أيضًا العديد من النشاطات التي يجب مراجعة وضعها حتي تستطيع الدولة الاستفادة منها بالشكل السليم مع تأمين المواطن من مخاطرها كمشروع التوك توك علي سبيل المثال والذي يعد من أخطر أنواع المشاريع المستخدمة للنقل البشري والتي انتشرت بشكل كبير في معظم الأحياء والمناطق الشعبية والذي يخرج عن نطاق الرقابة السليمة حتي الآن، حتي أننا أصبحنا نري العديد من الأطفال يقودون التكاتك بشكل عشوائي غير منظم وبدون تراخيص وبدون رقابة، مما يجعل المواطن البسيط يقع تحت طائلة الأخطار ، كالخطف والسرقة، بخلاف الحوادث الناتجة عن عدم خبرة هؤلاء الأطفال في قيادة تلك التكاتك.

من المهم للجميع دولة ومواطنين إعادة تقييم العديد من الأمور التي تتحكم في حياة المواطن والتي لا تقع تحت سيطرة الدولة ورقابتها، كما يجب الأخذ في الاعتبار عدم ترك البعض من المشاريع دون رقابة لفترات طويلة حتي تصبح ذات تأثير واضح علي حياة المواطن ، ثم يفيق بعض المسئولين بعد سُبات طويل ويقرر اتخاذ أساليب الردع ضد تلك المشروعات. البداية دائما عندما تكون سليمة وواضحة الملامح تعطي النتائج المرجوة منها دون عناء وخطورة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط