الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكساد التجاري يضرب أسواق غزة مع بداية شهر رمضان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قضايا كثيرة تسرق الفرح من أهالي قطاع غزة في شهر رمضان المبارك هذا العام .. فشهداء وجرحى مسيرات العودة، والحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات، فضلا عن العقوبات المفروضة على القطاع، كلها أسباب جعلت رمضان هذا العام أكثر قسوة مما كان عليه الوضع في الشهر الفضيل في الأعوام الماضية، وهو ما أفرغ الأسواق من المتسوقين لعدم وجود قدرة شرائية لديهم.

وقال الخبير والمحلل الاقتصادي الفلسطيني الدكتور نصر عبد الكريم،لوكالة أنباء الشرق الأوسط،إن الوضع الاقتصادي والإنساني لقطاع غزة قبل مسيرات العودة كان مترديا ووصل لدرجة غير محتملة من البؤس الشديد لاسيما على صعيد البطالة والفقر وتدني مستوى الرعاية الصحية والاجتماعية"، موضحا أن الفقر تجاوز نصف عدد السكان في القطاع، والبطالة بين الشباب اقتربت من 65 %، ومعدل الأجور تدنى لأقل من الحد الأدنى لمعظم من توفر لهم فرصة عمل في القطاع الخاص .

وأشار إلى أن معدل الاستهلاك الشهري للفرد في القطاع يعادل ثلث الاستهلاك في الضفة الغربية، حيث يصل إلى حوالي 130 دولارا في الشهر، مقابل 400 دولار في الضفة.

ونبه إلى ما يعانيه الغزيون من حالة انعدام الأمل والإحباط نتيجة الحصار وعدم القدرة على السفر أو الخروج من القطاع حتى لو كان من أجل أقل الأمور الإنسانية كحالات المرض والتي تواجههم فيها صعوبة بالغة، أو حتى لرؤية ذويهم وأسرهم فيما يعرف بقضايا "لم الشمل".

ولفت إلى أن المشهد قبل مسيرات العودة كان سوداويا، إلا أنه ومنذ 30 مارس المنصرم وانطلاق المسيرات، فقد ازداد قتامة وسوءا، لما أضافه من أعباء جديدة على المواطن، لاسيما وأن الفعاليات تؤثر اقتصاديا، لأن الكثير من الأسر أصبح عندهم شهداء أو مصابون ويحتاجون لرعاية وهو ما أثقل كاهل مؤسسات الخدمات الصحية والمستشفيات التي تعاني أصلا من نقص في الأدوية والإمكانيات وعدم قدرتها على دفع مخصصات شركات النظافة ، بالإضافة إلى أزمة الكهرباء والطاقة وتلوث مياه الشرب.

ولفت إلى أن القطاع يعاني من تعطل الحياة الاقتصادية في معظم أيام الأسبوع والتي لم تكن تتجاوز أساسا في الأيام العادية في غزة أكثر من 40 %، وهي الآن معطلة حاليا بنسبة 60 إلى 70 % ، وتعمل بالحد الأدنى، إما نتيجة نقص المواد الخام أو لنقص القدرة على تسويق المنتجات أو نقص السيولة .

وقال عبدالكريم : إن ما ضاعف من المعاناة هو عدم دفع الرواتب منذ شهر مارس الماضي حتى لموظفي السلطة الفلسطينية في القطاع، وعددهم حوالي من 60 إلى 70 ألف موظف من مدنيين وعسكريين، وهو كان مصدرا مهما للسيولة في غزة ولأسرهم الذين يقدر عددهم بقرابة نصف مليون شخص، مما خنق الاقتصاد الغزي، لأن مقدار انفاقهم الشهري كان يتجاوز 60 مليون دولار شهريا، وهو ما خلق أزمة إضافية.

ورأى أن المشهد يحتاج إلى تدخل عاجل، وضرورة التزام السلطة بقرارات المجلس الوطني الفلسطيني والقرارات السابقة، وضرورة إعادة النظر في الرواتب والتحويلات الطبية والنفقات التشغيلية لوزارات السلطة بل ووضع خطة طوارئ للاحتياجات الإنسانية المتزايدة.

وأكد أن الجانب المصري كان لهم دور مشكور في التخفيف عن أهالي غزة لاسيما بعد فتح معبر رفح، مما قلل من دواعي الحصار وسمح للجرحى بالعلاج في مستشفيات سيناء وقام بإدخال شاحنات وقود وأدوية.
ورأى أن إنجاز ملف المصالحة وإنهاء الانقسام بين فتح وحماس أصبح ضروريا وحتميا كهدف وطني عام ومطلب شعبي لرفع المعاناة عن الشعب في قطاع غزة ، خصوصا في ظل عدم ظهور أية بوادر في الأفق في إنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.

من جانبه ، أكد رئيس اللجنة الشعبية الفلسطينية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري أن المجتمع الدولي مطالب بموقف حاسم من حصار غزة غير القانوني وغير الأخلاقي وغير الانساني، واتخاذ موقف ضاغط على الاحتلال لإنهائه بشكل عاجل، لافتا إلى أن مليونا ونصف مليون شخص يعيشون على المساعدات، منهم مليون لاجئ مهددون بخسارة هذه المساعدات في حال استمرت أزمة وكالة الأونروا.

وحذر من استمرار هذا الواقع بهذا الشكل، داعيا العالم لأن ينظر كيف يعيش مليونا فلسطيني في غزة في أكبر سجن في العالم محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية، مؤكدا أن الحرية وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة وعاصمتها القدس، حق ثابت لا يمكن التنازل عنه، داعيا الدول العربية والإسلامية إلى ضرورة توجيه دعم خاص يعالج قضايا غزة الانسانية، ووضع حلول جذرية لأزمات البطالة والفقر وسرعة إعمار ما دمره الاحتلال في عدوان 2014، لتعزيز صمود الشعب.

في السياق ذاته، حذر المنسق الإنساني جييمي مكغولدريك، لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، من عدم انتهاء مسلسل التدهور الأمني والاقتصادي في غزة، لافتا إلى أن الشعور بالآثار التي خلفتها أحداث العنف الأخيرة سيستمر لأشهر وسنوات بالنسبة للكثيرين، خاصة بالنسبة لأولئك الذين خسروا أحباءهم أو من يعانون من إعاقات دائمة أو ممن سيحتاجون إلى تأهيل مكثف، في سياق كارثة إنسانية وحقوقية قائمة نتيجة الحصار الإسرائيلي.

وقال مكغولدريك "آن الأوان للعمل لتوفير الموارد المالية لتمكين الشركاء العاملين في مجال الدعم الإنساني من الاستجابة على المدى القريب، وعلينا أيضا أن نحشد الرغبة السياسية لمنع تدهور الأوضاع وزيادتها سوءا من خلال تحسين الوضع في غزة على المدى البعيد".

ووفقا لـ"أوتشا"، يحتاج قطاع غزة إلى 1.2 مليون دولار بشكل فوري للأدوية والمواد الاستهلاكية، و3.9 مليون دولار إضافية لتغطية الاحتياجات فيما يتعلق بالمستلزمات الطبية والعاملين في الطوارئ، كما توجد حاجة إلى 19.5 مليون دولار إضافية لتغطية الاحتياجات المزمنة على المدى المتوسط لوزارة الصحة والمؤسسات الأهلية التي تقدم خدمات طبية لغاية شهر أغسطس.