الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: هفوات وسقطات !

صدى البلد

"ويل للعالم إذا انحرف المثقفون" قالها إبن خلدون، أما الآن ومع التطور الطبيعي لهذه النظرية وما نشهده من هفوات وسقطات لبعض علماء ومثقفي هذا الزمان يستدعي أن تضيف عليها "ويل للعالم اذا انحرف العلماء والمثقفون"!!

فقد أصبحنا نعيش في زمن الانحراف والميل عن كل ما هو طبيعي، فالانحراف ما هو إلا هو الابتعاد عن المسار المحدد او الطبيعي، أو إنتهاك لقواعد ومعايير المجتمع، ووصمة تلصق بأفعال الأفراد لأسباب عديدة اقربها تحقيق المصالح الشخصية أو من أجل المال أو الشهرة، والانحراف في الشريعة:مجانبة الفطرة السليمة واتباع الطريق الخطأ المنهي، أو الخضوع والاستسلام للطبيعة الإنسانية دون قيود.

فقد انتابني شعورا يحمل كل معاني النفور والاستياء حيال ما سمعته علي لسان بعضا من الإعلاميين وعلماء الدين والمسئولين، وأول الفاجعة كانت في الداعية عمرو خالد وإعلانه الشهير مؤخرا عن دجاج الوطنية السعودية، وأن كانت ليس فاجعة بالنسبة لي كثيرا فسقطات عمرو خالد كانت مبشرة ان تنهي بمطاف مشواره.


وقد كان الإعلان سباقا أن يتمم هو هذه المهمة لما رأه العديد من أسلوبا للمتاجرة بالدين، الداعية الذي حاز احترامًا كبيرًا خلال الحقبة الماضية، بطروحاته المتوازنة ودعوته الوسطية إلى الله وهداية كثيرا من الشباب على يديه؛ يخرج علينا مجددا ولكن في ثوبه الجديد من خلال اعلانات لصالح شركة لبيع الدواجن ليؤكد من يأكل هذا فهو مسلم، وربط مفهوم الدعوة والطاعات بنوع من الدجاج، مما يجعله استهزاء للدين وخصوصا انه استخدام عبارات دينية واستخدم وظيفته للدعاية ومن المفترض ان عمله للدعوة ولخدمة الدين فقط وليس للإعلانات، مما يعتبر ما فعله غير لائق وتشويه لصورة الدين والعلماء امام العالم، فهذا هو عمرو خالد الذي كان يقص علينا قصة أصحاب رسول الله في شعب أبي طالب وهم يأكلون أوراق الشجر والذي حدثنا عن الفاروق الذي كان يأكل الخبز بالزيت؟

والذي حدثنا عن أبي هريرة الذي كان يُصرع من الجوع؟ ألم يكن له خيرا ان ينقل لنا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود الذي ضحك الناس من دقة ساقيه فقال إنها أثقل من جبل أحد، ان يسعى جاهدا لنشر الدعوة وخدمة الدين بدلا من إثارة الجدل مجددا !؟

فمن المتعارف ان البعض يفعل هذا مقابل المال، ولكن في حالة عمرو خالد أي مقابل يكون اذا كان السبب ليس المال !؟ وان كان لا يسعى من وراء ذلك مالًا أو جاهًا، فقد افقده ذلك أحب شيء إلى العالم، وهو تلامذته ومحبوه!
وبالمناسبة؛؛ العلماء لا يجب ان يستخدم كنشر للإعلانات.!!

ودعونا ننتقل من سقطة عمرو خالد الي سقطة أخري للإعلامي والصحفي إبراهيم عيسى، الذي واصل دوما هجومه أحاديث النبي من قبل، أو لبعض الثوابت الدينية واخرهم عندما قال ان الصيام أمر سيادي ولم ير فيه حكمة، مما يعتبر تشويها صريحا لفريضة كبيرة فرضها الله-تعالي علي المسلمين وعبادة وذكرت في آيات القرآن، فالصيام عبادة تحققت فيها التقوى واستحقت هذا الثواب والأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى، وعملت علي توحيد مشاعر المسلمين، فالغني حين يجوع يتذكر أخاه المسلم الجائع ويشعر به وعندها تتوازن أطياف المجتمع ويتحقق الهدف من الصيام من وحدة المشاعر بين المسلمين، فيسارع الغني بمساعدة الفقير ومد يد العون له ومساعدته.

غير أن "عيسى" قد اعتاد أن يمسك بعصا موسى عبر اللعب على الأوتار تارة تعيده الي المشهد في الوقت الذي يريده، وتسلط الاضواء عليه، وان كنت لا أعيب علي كتاباته ومؤلفاته الذي تشهد له بالكفاءة ومعايير الصحفي المهني ومدرسة إبراهيم عيسى التي تخرج منها تلاميذ، فقد بدأ عيسى التوهج صحفيًا، تلميذًا في مدرسة "روزاليوسف" بقيادة عادل حمودة والذي قال عنه: "إنه كبيرنا الذي علمنا السحر"، فتعلم مع رفقاء دربه، منهم على سبيل المثال وليس الحصر عبدالله كمال ووائل الإبراشي، الحرفية، فقدموا مدرسة جديدة تجبر القارئ المختلف معها قبل المتفق أن يقتنيها، ولكن السر وراء شنه الهجوم علي الثوابت والأصول الدينية ما يستوقفني، واري انه يوقعه في سقطات جديدة ينفر منها العديد، فماذا يتعمد إفتعال الأزمات؟
وإن كنا نحتاج الي تجديد قوى للخطاب الديني فكان لزاما ان يصدر قرارا حاسما ضد من يسيء أو يتعمد الي تشويه صورة الاسلام.

فلا نختلف أن المجتمع يعيش مناخات الأزمة ومخاضات الانتقال، وأن العمل الثقافي بمجمله ومنه الصحافة انعكاس لكل هذه المخاضات والتغيرات، ولكن هل معني ذلك أن المثقف أو المسئول يستخدم أدواته في تدمير ثوابت المجتمع ومعتقدات العامة ونحن شعب متدين بطبعه بنسب كبيرة، بدلا من أن يساهم في تشكيل المجتمع وتوجيهه!!

وللمتاجرة انواعا عديدة ليست فقط جميعها ترتبط بالدين، فهناك المتاجرة بمشاعر وعاطفة المواطنين، كسلسال إعلانات التبرعات عبر الفضائيات، مع العلم أن إخراج الذكاة والصدقة لا يرتبط بتوقيت معين، وان كان الأمر لا يرتبط بالمتاجرة لما كانت نوعية تلك الإعلانات تعلن فقط في شهر رمضان!!

ولكن من أجل التوضيح ... لم يكن هذا هو محور ما أعنيه في هذه الجزئية ولا قصة التبرعات فجميعا يحاول جاهدا أن يلتزم بتطبيق أركان الإسلام ويصدق ويخرج الزكاة المفروضة عليه، ولكن ما أقصده رغم تفاعل العديد والعديد من مشاهدي إعلانات التبرعات فعلا، إلا أن يخرج علينا بعض الهفوات التي يتفوه بها بعض المسئولين ليفاجأنا رئيس إحدى الجمعيات الخيرية المعروفة فيقول ان مصر ليست بها فقراء!! إذن فلماذا يهل علينا للمطالبة بمساعدة هؤلاء الفقراء الغير موجودين من الأساس، وأين تذهب هذه الأموال ولمن ان كانت لا تصل إلي غير القادرين!؟
متناسيا سيادته نسبة الفقر في مصر ومن هم تحت خط الفقر وفي العشوائيات والقري وجنوب الصعيد ممن لايملكون مصدرا للدخل ولا معاشات، فأتعجب من قوله هذا والمواطن يتبرع لهؤلاء الفقراء وهو يعلم ان المبلغ الذي يودعه يوصل لهم، وانت تخرج علينا وتقول مصر ليس بها فقراء، غير ان هذا الكلام يثير الشكوك بخصوص التبرعات!

كلمة أخيرة .. لا أحدا فوق مستوى النقد سواء كان على الإطلاق، أو حتي عمل أدبيا أو فنيا يتجاوز التقييم حتى لو فاز بجائزة نوبل، وفى نفس الوقت ليس من حق أي مثقف او عالم او مسئول أن يتفوه بما يريد ويضرب بثوابت الدين والأصول والمبادئ عرض الحائط أو من أجل أغراض شخصية أو التفوه بكلام غير مسئول او إطلاق النعوت المسيئة بحق الآخرين، من شأنه أن يفعل الأزمات ويثير استفزاز الآخرين، ولذلك نقول كفانا هفوات وسقطات جديدة، اما أن يلتزم الجميع بما يقول فيكون مسئولا عنه أو يسكت خيرا، وبما أن العديد اعتاد التفوه بما يروق له دون أدنى مسئولية لذا نقول لهم .. اصمتوا يرحمكم الله !!!