الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بطانة المهالك


فى التاريخ قرأنا أن كل الملوك والرؤساء والعظماء كانت شعبيتهم مقرونة بذكاء وقدرة بطانتهم على زيادتها أو تراجعها، وأيضا علمنا السابقون فيما تركوه من خطاهم وذكراهم ان سقوط أهل الملك وتواريهم وزوالهم كان وراءه بطانتهم وأيضا علوهم وارتفاعهم كان بسبب البطانة ، ولما بحثنا وعرفنا ما معنى بطانة وجدناها ما يعرف باسم المستشارين والوزراء والخبراء وأهل العلم المقربين من الملوك والرؤساء والعظماء .

وعليه فقد وجدنا ان الغرب كان لهم باع طويل فى قياس نبض الشارع من خلال طرق ووسائل خفية تعود اليهم بمعرفة مدى محبة المقربين منهم اليهم ومدى نجاح هذه الفئة فى توظيف الرأى العام من اجل كل ما فيه تواصل ومواصلة أهل الملك فى صولجانهم.

وللأسف الشديد الذكاء الغربى قابله تراجع عربى أهلّه القمع والاستبداد وسياسة أنا الحاكم بأمر الله وعليه فمن عصانا فقد خرج من سمائى وسلطانى الى غيهب لا يدرك أوله من نهايته .. بهذا النموذج العربى عاشت المنطقة ولم يستطع أيا من كان ان يغير هذه المواريث حتى ما سمى بالربيع العربى مجازا رسخ وأسس لتقوية النموذج العربى الاستبدادى ، وفى منطقة الشرق الاوسط لم يكن الحال ببعيد وإن كانت رموز التحرر والفكر أسهمت بتفعيل الدور المشاركى والاثناء على روح التفاعل الشعبى بين الحاكم والمحكوم كانت لها ايجابيات محدودة الا انها تركت اثرا مجتمعيا محليا بشىء من التنفيس والتفريغ كما انها أعطت انطباعا دوليا بأن الديمقراطية تتمايل على ابواب المجتمعات الشرقية فى انتظار جيل يعيها ويعمل على استضافتها والتعامل معها وبها.

وإذا تحدثنا عن البطانة ومدى تأثيرها فى ان يحظى الحاكم بشعبية واسعة النطاق تجعله يستكمل خطى الاصلاح والبناء والتنمية نجد ان هذه البطانة المسماة بالحكومة بكافة تشكيلاتها وبالمسئولين بمختلف تصنيفهم الوظيفى نجدها فاشلة الى اقصى درجاتها، فهى تعمل على ترسيخ ابتعاد الشعب عن رئيسه بل وترسخ ايضا لمفهوم ان الرئيس فى واد وشعبه فى واد آخر، فالقرارات كلها تصب فى مصلحة تصعيد وتجبيه الفقراء ضد الاغنياء بل وخلق حالة من الندم والحسرة لاختيار الشعب الحاكم بأن يكمل معه المسيرة التى أسماها مسيرة بناء مصر الجديدة.

فالمواطن البسيط اصبح يعيش بالكاد دا بالبلدى ان وجد هذا الكاد فى حين انه يسمع وبرى ويوجد من يحدثه عن زيادة مرتبات الوزراء ونواب مجلس الشعب سابقا "النواب حاليا" أضعافا، هو المطحون لسنين قد تتخطى معاشه بل وعمره كله ، وايضا فى نفس الوقت الذى يبحث فيه بعض المواطنين عن لقمة حاف فى صفيحة قمامة يشاهد من يعيشون فى القصور والمنتجعات ، ناهيك عن الغلاء المتنامى ليصل لارتفاع اسعار وسيلة حيوية من وسائل حياة هذا الكائن المطحون المسمى مواطن مصرى من فئة محدش مهتم بيها.

البطانة او الحكومة او المستشارون كلهم وإن اختلفت تسميتهم نجحوا نجاحا باهرا فى ان يحولوا كل ما يقوم به الحاكم من مجهودات ومشروعات وانجازات الى خانة النسيان وجعلت كل ما يقوم به الرئيس وكأنه فى خبر كان بل زادت بقراراتها غير المدروسة من احتقان الشعب وغليانه.. هى اذن بطانة تعمل بغباء على ما لا تحمد عقباه، وعليه فننادى وبصوت جهورى لمن اخترناه ووضعنا امالنا معه ورسمنا غدنا معه ونقول له انظر حولك فالوضع اصبح يسير فى طريق العودة الى المربع صفر..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط