الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: مـا بين سلطة الأمر وسلطة التأثير

صدى البلد

ممارسة السلطة على الغير لا تعنى الحد من حريته ، وذلك لأنه لا وجود لسلطة بدون رضا يكسو العلاقة بين صاحب السلطة والخاضع لسلطة ، والمقصود بالسلطة ليس سلطة حاكم وشعبه بل أقصد السلطة الاجتماعية بشتى ألوانها ، فبين الزوج وزوجته سلطة ، وبين العامل وصاحب العمل سلطة ، و بين طالب خدمة ومقدمها سلطة، وبين جندى وقائده سلطة ، وجميع أنواع السلطة الاجتماعية تشترط الرضا والقبول لتحقيق أهداف وأغراض هذه العلاقة السلطوية.

وللسلطة نوعان لا ثالث لهما ، سلطة الأمــر وسلطة التأثير ، و"سلطة الأمر" لا يشترط فيها الرضا لأنها تضع الخاضع أمام خياران فقط إما أن يخضع إلى الأمر الموجه له أو يرفضه فيعرض نفسه إلى عقاب صاحب السلطة الذى يتوقف على ثقافته وخبراته أو القوانين التى تحكم العلاقة بينهما.

والنوع الثانى من السلطة هو" سلطة التأثير" وفيها يعتمد صاحب السلطة على الإيحاء ومخاطبة العقل بمجموعة من التبريرات التى تدعم صاحب السلطة لتنفيذ قراراته ، ويكمن التبرير فى التساؤل بشكل منظم عن الشروط المنهجية الداعمة لصحة هذه التبريرات مصحوبة بتقديم الأجوبة لمنح الخاضع ومضات للتأمل ، وتكمن قوة سلطة التأثير فى شخصية صاحب السلطة أو أشخاص يفوضهم للحديث نيابة عنه أو أشخاص تتطوع ، وذلك لأنها لا تخضع للجمود أو سوء النية كما فى سلطة الأمر.

وللخاضع فى سلطة التأثير خياران كلاهما أقل قلقا وتوترا، فالقبول وسلك السلوك الموحى إليه والاستفادة من مزايا مادية أو رمزية كمحاباة شخص أو مكافأة نفسية واجتماعية ، أو رفض هذا السلوك دون أن يترتب على ذلك أى نوع من أنواع العقاب ولا يتعرض مركزه أو موقعه القائم أسفل سقف السلطة الخاضع لها لأى تأثيــر .

وبتطبيق ما سبق من أنواع السلطة نجد أن الإنسان يعشق سلطة التأثير و يخضع لسلطة الأمر أو القانون ، فلو تخيلنا عربة قطار وجعلنا راكبا يطلب من راكب آخر السماح له بالجلوس إلى جوار نافذة القطار بالرغم من وجود مناطق أخرى خالية ، فستكون الاستجابة أقل بكثير من طلب الجلوس فى حالة وجود ضابط شرطة (ممثل للقانون) برفقة الراكب الذى يطلب الجلوس إلى جوار النافذة .

ماذا لو تم مزج سلطة الأمر بسلطة التأثير ؟ ، أعتقد سيكون المنتج كفاءة إنتاجية وصحة مجتمعية ، فبداية صاحب السلطة بالتأثير على الخاضعين لسلطته سيحصل على نتائج أضعاف ما يحصل عليه بسلطة الأمر أو القانون لأن الطبيعة البشرية تستقبل الطاقة النابعة من الداخل و تترجمها لسلوك بصورة أكبر من الطاقة التى تقذف بها من الخارج ، وبذلك تظل طاقة صاحب السلطة مدخرة لاستخدام سلطة الأمر إذا تطلب الأمر والتى تظل أساس الاستقرار ، ويمكننا ملاحظة سلطة التأثير وسلطة الأمر أثناء سيرنا على الطرقات حيث نرى اللوحات المرورية التى تحذر من زيادة السرعة ، وبعضنا يلتزم بالسرعة المشار إليها وبعضنا لا يلتزم بها ليجد رجال الشرطة فى انتظاره لتطبيق سلطة الأمر والقانون.

نحن اليوم فى مصر فى أمس الحاجة إلى تقديم سلطة التأثير على سلطة الأمر لدفع عجلة الإنتاج ، لما نمتلكه من شخصيات قيادية قادرة على صناعة تأثير داخل المجتمع لتساعده على تقبل القرارات الصعبة التى لا طاقة له بها ، وإنارة سُبل مواجهتها فى ظل تغيرات إقليمية ودولية تستهدف الشعب وسُلطاته .