الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتي: أعمال المجموعات الإرهابية الإجرامية لا تستند إلى شرعية

مفتي الديار المصرية
مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام

استكمالًا لتفكيك الأفكار المتطرفة والمنسوبة زورًا وبهتانًا للسنة النبوية الشريفة، واصل ة مفتي الديار المصرية د. شوقي علام رحلته الإيمانية قائلًا: "إن الأعمال الإجرامية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية لا تستند إلى شرعية؛ لأن الشرعية تترتب على الفهم الصحيح للنص الشرعي وللقواعد التي صار عليها العلماء قديمًا وصارت منهجًا وأصلًا، فأي استنباط لا بد أن يُقاس بمدى موافقته لهذه القواعد العلمية، وهذا أمر منعدم عند هؤلاء الإرهابيِّين.

جاء ذلك في الحوار اليومي الرمضاني في برنامج "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" الذي يقدِّمه الإعلامي شريف فؤاد، مؤكدًا على أن المجموعات الإرهابية أخطأت وأخلَّت بقواعد الفهم الصحيح فيما يتعلق بالقرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقاصد الشرعية والسيرة النبوية، فأخذوا منها بعض الأقوال بفهم خاطئ، ورتبوا عليها أفعالًا إجرامية.

ولفت فضيلة المفتي إلى قواعد منهجية الاستنباط السليم، وأولها هو التثبت من القول بمعنى "هل هذا القول قيل أم لا؟"، وخص فضيلته ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، أما القرآن فمقطوع بثبوته، لا يحتاج إلى بحث ولا يحتاج إلى دليل، فلا محل للاحتمال في القرآن لأنه ثابت كله بلا ريب.

وأشار إلى ثاني قواعد التثبت، وتتعلق بفهم النص وتفسيره بمعنى "ماذا قال؟"، واعتبرها المفتي صلب محاولات التفكيك لهذا التفكير أو إظهار الخلل الحاصل عند هذه المجموعات الإرهابية.

وأضاف أن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى قواعد اللغة العربية وإلى دلالات الألفاظ، وإلى معرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغًة وشرعًا وعرفًا.

ولفت إلى ثالث قاعدة من قواعد التثبت وهي المقصود الشرعي بمعنى "لماذا قال؟" كالمقصد الشرعي من وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما، ومن تحريم الخمر والقتل وغيرهما، ويكون البحث هنا عن مصالح الخلق في العاجل والآجل، وهذا يختص به جانب المقاصد الشرعية أو نظرية التعليل.

وأشار إلى رابع قواعد التثبت وهي كيفية تنزيل هذه الأحكام على الواقع المتغير، أو ما يعرف بفقه التنزيل.

وأضاف: "وإذا أحسنَّا في هذه السلسلة من التساؤلات وأجبنا عليها إجابة صحيحة فإننا نصل إلى معالجة قضايا الناس عمومًا، بفهم صحيح متسق تمامًا مع قواعد العلماء المعتمدة في الجواب عن هذه الأسئلة الأربعة، التي تمثل علومًا مختلفة من علوم اللغة العربية وأصول الفقه والحديث والبلاغة وغيرها من العلوم التي يجب أن تكون مركوزة وحاضرة في عقل الإنسان الذي نال تأهيلًا وتدريبًا منضبطًا عندما يستنبط حكمًا شرعيًّا لواقعة محددة.

وتابع : "إن هؤلاء الإرهابيين فهموا بعض آيات القرآن الكريم فهمًا خاطئًا ونزعوها من سياقها ولم يعولوا في الحقيقة على الظروف التي قيلت فيها ولا حتى ما جاء بعدها ولا ما قبلها، ولا مسلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه أمور ضرورية في فهم النص الشرعي".

وأشار فضيلته إلى أول نماذج الفهم الخاطئ لنصوص السنة وهو حديث "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ......".

وتطبيقًا لهذه القواعد على هذا الحديث قال مفتي الجمهورية: "إن الحديث ثابت، ولكن نريد أن نفهم هذا الحديث في ضوء الألفاظ الواردة فيه أولًا، ثم في ضوء السياق العام لمسلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى التطبيق لهذا الحديث".

وتوقف عند ثلاثة ألفاظ في هذا الحديث الشريف وهى: "أُمِرْتُ"، "أُقَاتِلَ"، "النَّاسَ"، فعن أول لفظ وهو "أُمِرْتُ" قال فضيلته: "يقصد النبي صلى الله عليه وسلم أنه المخاطب، ولم يأتِ بلفظ أُمرنا، أو أمرتكم حتى لا ينسحب الأمر على الأفراد أو جماعة ما"، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يضع لنا قاعدة مهمة غابت عن هذه المجموعات المتطرفة وهي أن أمر الحرب، وهو شأن من شئون الدولة بلا ريب، ليس بيد أحد أيًّا كان، وإنما هو بيد الإمام أو الخليفة أو بيد الدولة في معناها المعاصر؛ فأمر الحرب مُسند فقط لولاة الأمر وليس لأي فئة أو جماعة أخرى أيًّا كانت، وهو أمر واضح في مسيرة الفقه الإسلامي والمسيرة الاجتهادية على مر الزمان؛ فقد اتفق الفقهاء على أن الجهاد لا يكون إلا تحت راية.

وعن لفظ أقاتل، أكَّد على أن هناك فرقًا بين أقاتل وأقتل الناس، فأقاتل من المقاتلة والمشاركة، وهي المفاعلة التي تحدث بين طرفين، فلابد من وجود طرفين في المسألة.

واختتم المفتي حواره محذرًا من الفهم الخاطئ للنصوص كما تعامل المتطرفون مع الأدلة الشرعية، ونتج عنه كل المآسي من تكفيرٍ للناس وللحكام، واستحلال الدماء والأعراض، وكأنهم يتلذذون بهذه المسألة، وفِي المقابل ينعكس ذلك على الإسلام، فهم يعطون صورة سيئة عنه بهذه الأفعال الإجرامية.