الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الصحة العالمية" تطلق دراسة جدوى عن التمنيع في أفريقيا

صدى البلد

أطلقت منظمة الصحة العالمية، بمناسبة انعقاد الدورة الحادية والسبعين (71) لجمعية الصحة العالمية، دراسة جدوى بشأن أنشطة المنظمة في مجال التمنيع في القارة الأفريقية للفترة 2018 – 2030، والتي تُبيّن شكلَ مساهمة المنظمة في دعم جهود الدول الأعضاء من أجل تحقيق تغطية تمنيع شامل.

ولئن حقّقت أفريقيا تقدّما كبيرا في مجال تحسين الوصول إلى التمنيع، فإنّ معظم بلدان القارّة متأخّرة عن تحقيق هدف خطة عمل التمنيع الشامل (GVAP) المتمثّل في الوصول إلى نسبة 90 بالمائة من التغطية الوطنية بالتمنيع بحلول 2020، وفي كلّ سنة يُصاب ما يزيد على 30 مليون طفل بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات (VPDs)، يموت منهم ما يناهز نصف المليون طفل، أي ما يمثّل 58 بالمائة من الوفيات عالميا.

من ناحية أخرى، فإنّ الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات تفرض على بلدان القارّة عبئا اقتصاديا يبلغ 13 بليون دولار أمريكي في السنة، وهو مَالٌ كان أجدرُ أن ينهضَ بالاقتصاد ويَدفعَ عجلة التنمية.

وتُبيّن الأرقامُ الواردة في دراسة الجدوى أنّ استئصال أربعة من أهمّ الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات (VPDs) -- وهي الحصبة، والحصبة الألمانية، والفيروسية العجلية، والمكوّرات الرئوية – يمكن أن ينقذَ ما يزيد على 1.9 (واحد فاصل تسعة) مليون شخص في أفريقيا، ويُجنّبَ حدوث 167 مليون حالة من الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات (VPDs)، ويوفّرَ 58 بليون دولار أمريكي من الفائدة الاقتصادية بحلول 2030. وقُدّر العائد من هذا الاستثمار بسبعة وثلاثين (37) دولارا أمريكيا عن كلّ دولار مُستثمَر، فيما يرتفع هذا العائد إلى ما يناهز ثلاثة وتسعين (93) دولارا أمريكيا بالنسبة إلى استئصال مرض الحصبة.

وسبق سامبا عصمان صو (Pr. Samba Ousmane Sow)، وزير الصحة وسلامة البيئة في جمهورية مالي، أن قال : "نحن نُدرك أنّ فوائد التمنيع بالغة الأثر. فعندما يعيش الأطفال وينشأون أصحّاء، يتحقّق رفاه الأسر والمجتمعات والبلدان. وباختصار، فإنّ التمنيع حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة. يجب أن تتضافر جهودنا عاجلا بُغية تحقيق وصول شامل للتمنيع من قبَل كافة أطفال أفريقيا، بصرف النظر عمّن هم وعن موطنهم."

ولرفع نسق التقدّم في مجال الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات (VPDs)، فإنّ دراسة الجدوى تعتمد نهجا شموليا للتمنيع يحوّل مجال الاهتمام من التركيز على مرض معيّن إلى التركيز على مسار حياتي متعدّد القطاعات ومتكامل يمتدّ من الطفولة إلى الشيخوخة. 

من ناحية أخرى، فإنّ دراسة الجدوى تقوم على الإقرار بأحد أكبر التحدّيات في مجال تحقيق أهداف التمنيع في أفريقيا ومعالجته، ألا وهو التحوّل في المشهد التمويلي. فمع مُشارفة أفريقيا على استئصال شلل الأطفال، يُتوقّع تراجع التمويل الحاسم للتمنيع من قبَل المبادرة الدولية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI) وتوقُّفه.

علاوة على ذلك، فإنّ اقتراب عدد متزايد من البلدان الأفريقية من الارتقاء إلى وضع البلدان ذات الدخل المتوسط يعني انتقالها التدريجي نحو الخروج من دائرة التحالف العالمي للقاحات، في حين سيدخل العديد من البلدان الأفريقية الأخرى في مسار انتقالي متسارع ، يُتوقّع منها بعده أن تتكفّل بتمويل 100 بالمائة من تكلفة لقاحاتها وغيرها من تكاليف التمنيع. 

وتُبرز نماذج مندرجة في دراسة الجدوى لمنظمة الصحة العالمية أنّه إن لم تتمّ مواصلة جهود التمنيع الحالية، فإنّ تراجع نسق التقدّم قد يتسبّب في ما يزيد عن 2.4 (اثنين مليون فاصل أربعة) من الوفيات في أفريقيا، مع أثر اقتصادي سلبي يبلغ تسعة وخمسين (59) بليون دولار أمريكي خلال العشرية القادمة.

وقال الدكتور جواد محجور، المدير المؤقت للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط :" إنّ "منظمة الصحة العالمية أدّت دورا حاسما في مجال تقديم دعم متواصل لبرامج البلدان المتعلقة بالتمنيع طيلة السنوات السبعين الماضية، ونحن ملتزمون بمواصلة تعزيز دعمنا خلال السنوات القادمة، ونحن نعلم أنّ بقاء الأمر على حاله لن يكون ذا فائدة، لذا نحن أعددنا دراسة الجدوى هذه بُغية فهم أشكال الدعم الذي يمكن أن نقدّمه إلى الدول الأعضاء من أجل تعزيز برامج التمنيع الوطنية."

فيما قال الدكتور ماتشيديزو مواتي، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية لأفريقيا:" إنّ "دراسة الجدوى لمنظمة الصحة العالمية قائمة بشكل متين على رؤية أكثر شمولا تهدف إلى الرفع من مستوى المساءلة والشفافية في المنظمة وفقا لأجندة التحوّل للمنظمة. ونحن ملتزمون بمواصلة مسار التحوّل إلى مستوى يكفل وصول كلّ مواطن أفريقي، بصرف النظر عن صفته وموطنه، إلى اللقاحات المنقذة للحياة، وذلك لأنّ الوصول الشامل للتمنيع ليس واجبا أخلاقيا فحسب، بل وهو صائب من الناحية الاقتصادية أيضا."

وتسعى منظمة الصحة العالمية، بحلول 2030، أن تُرقٍّيَ كافة البلدان الأفريقية إلى مستوى مرضي من النضج التمنيعي. لكنّ المنظمة تحتاج، لتحقيق ذلك، إلى دعم من قبَل شركائها يمكّنها من مساعدة البلدان على المُضيّ قُدُما في سبيل تحقيق التمنيع الشامل في القارة برمّتها.