الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حديث الموائد..


اعتادت منذ بداية عملها ان تنتهج نهجا جديدا فى الكتابة بأن تكون واقعية ومن أجل ذلك كانت تذهب الى احد الكافيهات العريقة وتجلس تحتسى قهوتها وتوهم الكل انها منهمكة فى القراءة والاطلاع وهى بكل حواسها تستمع وتدون مايدور من حوارات ومن مشاكل واشجان وتخطيط بالغدر واعتزام فعل المحرمات ..وعندما تنتهى من جمع اكبر قدر ممكن من هذا العمل الواقعى تعود مسرعة اما الى منزلها الخالى لها وعليها وبها واما الى مقر العمل وبالتحديد الى غرفة رئيس التحرير تلقى أمامه مافى جعبتها ويحرراه معا لينشر ويحظى بالإعجاب والتقدير..

ظلت على هذه الحالة سنينا أكملت عقدا وفى يوم ذهبت الى المقهى المعتاد لتسمع وتدون وتعود الى من وهبته جسدها مقابل ان يعلو بها فى عالم النشر ،جلست ساعة اثنتان وربما أكملت خمسا ولكنها لاتسمع فقط ترى حركة الشفاة ولكن بلا صوت ،نادت على الجرسون ووجدته يأتى اليها مهرولا ولكن شفتيه تتحرك وهى لاتسمعه ،كررت محاولتها تطلب منه ان يعلو صوته ولكن للاسف لاتسمع وكلما كررت الطلب تجد حركة الشفاة تتبدل لتصل لدرجة الامتعاض ، انزعجت ولملمت اوراقها ودفعت حساب مااحتسته وخرجت وهى فى حالة من الهلع ،خرجت الى الشوارع فعادت اليها حاسة السمع تحدثت الى مل من قابلتهم تعرفهم او لاتعرفهم فسمعوها وسمعتهم ، جرت مسرعة الى رئيس تحريرها تصف اليه ماحدث لها فلم يكترث لشكواها وكان كل همه ان تعطيه ماعودته عليه اياها.

مضى شهر ولم تنتج وبالتالى أصبح رئيسها غير مهتم كما كان بها وكرس اهتمامه على النهل من ملذاتها ومع الوقت ملّ كل مافيها ، جنت هى مما ألم بها وصارت تتلهف لسماع اخبار وحكايات الناس وشكواهم ونحواهم والمهم وتوبتهم ومعصيتهم اصبحت تشتاق للريبة والنميمة اصبحت تتلهف لنهل المزيد من المعاصى والوقوع اكثر فى بئر الرذيلة اصبحت وكل حياتها تتمنى ان تعود اليها اذن الخطيئة .ذهبت لكل الاطباء تشكو اليهم حالها والكل يذهب تشخيصه وعلاجه بلا نتيجة ،طرقت باب الاولياء والدجالين وكل من يمحون الجن ومشاكل الانس بطريقة او بأى وسيلة الكل كان يعلن عجزه وان اخذ من اموالها مايزيده ..اشاروا عليها بالتعبد والترهبن فربما كان ماعليها احد النذور او كفارة من جريمة ،وهبت نفسها لبيوت الصالحين تخدم وتفعل كل مايمليه عليه اهل الحق والحقيقة ..لم تنجح كل محاولتها فى استعادة سمعها ولا مافرطت فيه من اجل ان تكون نجمة فى سماء الاعلام ونيزك للحقيقة . قالوا لها عليكى بالدعاء فهو روح العبادة واصل الحقيقة ضحكت وقالت لنفسها ادعو بماذا وانا كنت ارضخ فى الذنوب وانا حرة جريئة .. قالوا لها اعتمرى ،حجى ،هاجرى الى بلاد اخرى ربما كانت فيهم اذانك استبقتك لتعيش معكى فى بلاد نظيفة ، قابلتهم باستغراب فهى كلها هنا ولم يغادرها سوى صوت من كانوا فى الكافيهات يحكون ويشكون ويخططون ويتحدثون عن الحب والكره والغدر والغى والعذاب والهوان والباطل والحق ..تضرعت توسلت ان يعاد اليها سمعها الوقتى فى المكان العملى ..عادت من كل شكواها ونجواها واصبحت تجلس فى نفس المقهى ولكنها تحكى وتتحدث للكل عن بلواها..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط