الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: العاشر من رمضان.. "حرب الصائمين" والانتصار العظيم

صدى البلد

" أن الأمة العربية كلها تحس اليوم بفخر عظيم وشكر عميق لجيش مصر وسوريا التي حققت للعرب أول انتصار لا رجوع فيه، ومهما تكن النتائج النهائية للمعركة فسوف تبقي حقيقة أنها أنهت مهزلة 1967، وجدت الكرامة العربية".. نشرت بصحيفة المجاهد الجزائرية.

تمر الذكرى الـ45 للعاشر من رمضان وذكري حرب السادس من أكتوبر، أو كما يسمونها في إسرائيل حرب يوم الغفران، تلك الذكري التي يحتفل بها المصريون، بعد هزيمة مصر في عام 1967 "النكسة" وتدمير 80% من معدات الجيش المصرى واحتلال شبه جزيرة سيناء، الخسائر التي قدرت وقتها بحوالي ب 22 مليار دولار، لحظة تاريخية يعتز بها كلا من هو مصري، حيث نجح المصريون في عبور "خط بارليف" الذي صممه الجنرال حاييم بارليف، المكون من 22 موقعا دفاعيا و36 نقطة حصينة وهي عبارة عن منشأة هندسية معقدة تتكون من عدة طوابق أسفل سطح الأرض ومزودة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة حتى قنابل زنة 2000 رطل)، وقد بلغت تكاليف إنشاء خط بارليف خمسة مليارات دولار.

ورفع علم مصر على قمة خط برليف، و بعد ما قامت قوات خاصه بعمل فتحات فى ساتر خط برليف، تحطمت الكبارى واتجهت القوات البريه بالدبابات البريه و البرمائيه و المدرعات و المشاه، وازيلت من رملة خط برليف 3 مليون متر مكعب وعمل ثغرات فى خط برليف، عملية كبيرة لم تكن بالسهلة او البسيطة فقد كان خط بارليف عبارة عن تل رملى عالى مدعوم بصخر وحديد بيمتد على طول الجبهه، وبعد عدة تجارب للوصول الي طرق تمكنهم من عمل فتحات فيه امام الكبارى لمرور الدبابات و المصفحات و العربيات و الاسلحه التقيلة؛ حتي الديناميت لم يفلح لاختراق الخط، وقد قام مقدم في الجيش المصري، مهندس مصرى قبطى زكى ياقوت، استطاع أن يتوصل إلى فكرة تمكنه من إزالة الرمال و عمل فتحات عن طريق تجريف رملة فى الاماكن المطلوب، عمل فتحات فيها بإستخدام مضخات عن طريقها يسحب المياه من قناة السويس، وقد استطاع الجيش المصرى عبور قناة السويس واقتحام الخط، بتحصيناته خلال ستة ساعات فقط، أفقد الجيش الإسرائيلي الأكثر تنظيمًا والأقوى تسليحًا صوابه وتوازنه بلا أدنى شك.

فالتخطيط الاستراتيجى العبقرى في اختيار يوم العبور في العاشر من رمضان والذى يصادف عند اليهود يوم الغفران، والأهم أن المخطط الاستراتيجى المصرى اختار توقيت الحرب قبل 25 يومًا من إنتخابات الكنيست، في وقت كانت فيه الحكومة الإسرائيلية منشغلة بالكامل في الإعداد لتلك الانتخابات، مما أدى إلى تأخر است دعاء قوات الاحتياط حتى صباح السادس من أكتوبر، رغم حصول إسرائيل على معلومات مؤكدة عبر قنوات مختلفة بأن القوات المصرية على وشك بدء العبور، وخرجت 222 طياره مصريه من مطاراتها و دكت مواقع الجيش الإسرائيلى و مراكز قيادته و اتصالاته فى سينا بدقه كبيره فى حدود 20 دقيقه و رجعت لقواعدها بخسائر بسيطة، و ضربت مئات المدافع المصريه تحصينات خط برليف فى الناحيه الشرقيه من قناة السويس بمعدل قذيفه لكل ثانية ونصف، ومر 30 ألف عسكرى مصرى قناة السويس فى 2500 مركب مطاطى تحت هدير المدافع بمعدل موجة عبور كل 15 دقيقه، وكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحةً وأسقط أسطورة الجيش الإسرائيلى الذي لا يقهر وأصبح اقتحام خط بارليف درسًا يُدرس في المدارس والكليات العسكرية حتى يومنا هذا، فالجيش المصرى الذي خاض حرب التحرير كان صائما "جيش الصائمين"، وقد كان الهتاف "الله اكبر" ينطلق على ألسنة الابطال من قبل المسيحين قبل المسلمين، ومن ذكريات الحرب ايضا ان الجبهة الداخلية كانت متماسكة جدا ولم تسجل أقسام الشرطة حالة واحدة لمشاجرة أو سرقة، والجيش الذي سطر حروف من ذهب وعلمنا كيفية الدفاع عن الارض والعرض، والجندي المسلم والمسيحي قدموا مبدأ الوحدة الوطنية وصخوا بدمائهم واختلطت الدماء المصرية المسلمة والمسيحية، فالذي حدث في العاشر من رمضان هي ملحمة وطنية بين الشخصية المصرية وقت الحرب.

ورغم مرور 45 عامًا على نهاية حرب السادس من أكتوبر ولازال كل مصري يفتخر بتلك الحادث العظيم وفي نفس الوقت لا يريد تذكره الاسرائيلين باعتباره وصمة العار الكبيرة في الجبين، وبعيدا عن أي اختلاف وان كنت لا اجد أي اختلاف بين المصريين حول أعظم الذكريات العظيمة وذكري ملحمة تاريخية تمثلت يوم العاشر من رمضان والتي تذكرنا بذكري انتصار أكتوبر 1973، لإستعادة الارض وإرغام اسرائيل على الإنسحاب من سيناء بقيادة الرئيس البطل الراحل رئيس جمهورية مصر العربية محمد أنور السادات، الذي أكد وقتها أمام البرلمان الإسرائيلى فى نوفمبر 1977: "الآن أحدثكم وقدماي ثابتة على الأرض".

وفي جولة سريعة تاريخية، وأثناء حديثي مع أحد أبطال حرب أكتوبر اللواء حسام سويلم، الذي وصف لي حالة الحرب واحتضر مع كلماته الخيال وكأني اتابع سير العملية أو أري بميكرسكوب قديم ما وراء تلك الكواليس، فقد أكد لي أنه وهو في المعركة أصيب بطلقتين في قدمه، وعلي الرغم من ذلك كان مصر علي إستكمال الحرب مع زملائه، فقد كانت العزيمة والإصرار بداخله وداخل كل جندي من اجل تحرير الأراضي المصرية من العدوان، وحينها سافر الي الهند لاستكمال العلاج، وقابل الملحق العسكري الأمريكي الذي قال له "انني كنت مسئول في الحرب وتابعت كل الأحداث في حرب اكتوبر ولولا اننا قدمنا الدعم لإسرائيل لكنتم وصلتم الي جميع مدن إسرائيل ولكنها هددت باستخدام السلاح النووي فكان قرار الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت انه يقوم بتمديد إسرائيل بالأسلحة ويعمي الدفاع الجوي المصري والصواريخ المضادة للدبابات حتى توقف الدبابات المصرية، وكانت هذه الحرب رغم ضعف المعدات والأسلحة ولكن كان الانتصار والفوز وإسرائيل كانت تمتلك أسلحة حديثة ولكن هزمت"؛ فيذكرنا اللواء سويلم عن قوة وجدارة الجندي المصري أقوي الجنود في العالم : الجندي المصري لديه قوة التحمل في الحرب وكانت أجواء الحرب ناجحة من اول لحظة والضربة التي كانت يوم العاشر من رمضان، والطائرات فوق القناة وكان خط بارليف يرتفع به الرايات المصرية والسجود والتكبير فرحا بالانتصار وبدأت الاسري يتساقطون وقمنا في المدفعية بتنفيذ الهجوم على الجنود الإسرائيلية.

فدروس وعبر حرب العاشر من رمضان يجب أن تكون الأساس لعبور مصر إلى المستقبل وتجاوزها المصاعب التي تواجهها وتحقيق تنمية مستدامة حقيقية على الأرض، تلك الحرب التي شارك فيها الجميع ليس فقط العسكريين والمدنيين من جموع هذا الشعب، والتي قال عنها موشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي " أن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل وان ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون، واظهر لنا مالم نكن نراه من قبلها وأدى كل ذلك إلي تغيير عقلية القادة الإسرائيليين"، والتي حققت إنجاز يسطر حتي الآن، ناتجة عن العزيمة والإرادة في جيش حر يسعى إلى إعلاء وحماية الوطن من أبناء الوطن هذا الجيش كانت يحمي والآن يحمي مقدرات مصر، وظلت حرب اكتوبر والمؤسسة العسكرية تتعامل علي أقصي الإمكانيات البشرية قبل الإمكانيات المتاحة لديها، وغلبت الإمكانيات المعنوية بالهوية المصرية الحقيقة والنواحي الأكاديمية من تقدم تكنولوجي في هزيمة الأسلحة والجيش المدعي، فقد حقق الجندي المصري والقيادة المصرية والسياسية المصرية وقيادات الجيش المصري آنذاك إنجازات وتضحيات يسطر لها التاريخ

فالدرس الحقيقى من وراء هذه الانتصارات والذي نود توصيله من خلال مقالي هذا... أن الصبر والمثابرة والعمل على إعداد الذات والنفس إعدادا متنوعا ومشروعا يقود إلى المحافظة على الأرض والوطن وهو الطريق الرشيد للانتصار، وان كنت أتمنى ان يكون هذا الحدث منارة للوطنية وحرب العاشر من رمضان هو الطريق كي نحقق الإنجازات نأخذ من هذه الحرب منهجا كيف نتخطي الصعاب وتؤثر علي التغلب على قلة الإمكانيات، فالجندي المصري قادر علي فعل المعجزات عندما يشعر بالهوية المصرية التي يقدمها؛؛ وستظل ملحمة العاشر من رمضان "حرب الصائمين" والإنتصار العظيم خالدة عبر كل العصور، محفورة في الأذهان.