الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شاهد.. نبش مقابر عين شمس وجثث الموتى في القمامة

صدى البلد

يسيرون ليلا كالذئاب، وجهتهم المقابر واللحود، يخرجون الجثث من مثواها أو حتى بدون إخراجها يهدمون القبر ليسوونه بالأرض، والبناء فوقه مرة أخرى.

يصرخ الأحياء بسبب تعرضهم للهجوم، ولكن في ذلك المكان المظلم يعجزون عن الصراخ، يُنتهك حرمتهم بلا آدمية وبكل وحشية، يقضون ليلتهم وسط الأموات، لتشرق شمس يوم جديد كاشفة عن آثار الجريمة التي حديث ليلا من اغتصاب المقابر في القاهرة.

رواية ليست كقصة أو حتى فيلم قصير، كابوس يعيشه أهالي عين شمس، وبالتحديد في مقابر وترب العشرين، يخشون النوم خوفا من خروج ذئاب الليل ينبشون قبور أهاليهم وأصدقائهم، يخرجون الجثث والرفات لإعادة بناء الأرض مرة أخرى.

عدسة "صدى البلد" تجولت في ترب العشرين، لرصد حالات التعدي على المقابر، لتكون المفاجأة بركان غضب من أهالي المنطقة، وكأنهم يتمسكون بأي أمل مثل الغريق الذي ينتظر قشة يمسك بها، وأكد أهالي المنطقة أنه مع تكرار تغيير رئيس جبانة الترب أصبح الوضع غير ذي قبل ما سمح بوجود العديد من التجاوزات.

"الوضع أصبح خراب"، ينظر الرجل العجوز إلى ما تبقى من الترب، يشاهد أطلال المقابر التي هدمت فوق جثث أصحابها نتيجة جشع وطمع البلطجية.

استجمع سمير المهدي صاحب أحد الترب بالمقابر، كلماته بعد لحظات حزن ليردف قائلا: "مش قادرين على البلطجية، دخلوا على المقابر كسروها وهدموها وبنو فوقيها".

تعود بداية اكتشاف الأهالي لسرقة المقابر، حين حضر أحد المواطنين لزيارة أقاربه في المقابر ليفاجئ باختفاء اللحد وبناء العيون محلها، وعلى الفور تم الإبلاغ وعمل محضر للكشف عن تفاصيل الواقعة ولكن ذهب البلاغ في مهب الريح.

وأشار محمد عبد القادر أحد أهالي منطقة ترب العشرين، أن البلطجية منتشرين في المكان ويهدمون اللحود ويبنون عيون مكانها، مضيفا أن هناك جثث خرجت ورميت في القمامة أمام المقابر.

وعلى أحد جوانب الترب، يجلس جمال محمد واضعا يده على خده من الحسرة، ونظرات من قلة الحيلة تغطي وجهه، ليبدأ حديثه قائلا: "فوجئت بأحد أصدقائي يخبرني أن هناك نبش للقبور في منطقتي وتابعت الموضوع لأجد عصابة سطو على اللحود لسرقة مقابر شارع العشرين".

وأضاف أن البلطجية يسرقون معظم اللحود في الترب لبيعها، ويتم انتهاك حرمة الأموات.

ليلة بمثابة الكابوس عاشها الحاج جمال، حين قرر مراقبة الوضع عن كثب لمعرفة ماذا يحدث في ترب العشرين، التقط الرجل العجوز انفاسه ليخبئ بها هم يعيشه، ليستكمل حديثه قائلا: "ما نمتش امبارح بالليل، وأصريت أشوف الوضع بنفسي على الطبيعة".

وأكد محمد عبد ربه أمين عام حزب الحركة الوطنية بعين شمس، أن المقابر كانت في حراسة أحد كبار المنطقة الذي اشتهر بالصرامة والانضباط ولكن بعد رحيله جاء أكثر من شخص لم يتمكنوا من استكمال المهمة مثل قبله.

وأشار إلى أنه تم بيع جميع اللحود بالمقابر مقابل 30 ألف جنيه للحد وتم بناء عيون فوق اللحود المباعة، مطالبا محافظ القاهرة بالتدخل لوقف المجزرة التي حدثت في المقابر والحد منها والقبض على البلطجية بالمكان.

وارتفع صوت عبد ربه وعلت نبرته صائحا: "مستعدون للبقاء في المقابر تحسبا لأي اغتيال لمقابرنا والدفاع عنها ضد البلطجة والسرقة".

وعلا صوت الحاجة أم خلود وسط الحشد، صارخة: "عمليات الهدم تتم ليلا في الظلام خلسة في الخفاء بعيدا عن السكان، ينتهكون حرمة الأموات، هنا صحابنا وأهالينا واباءنا".

واستغاث أهالي المنطقة بمحافظ القاهرة لتأمين المقابر وتعيين حراس عليها لمنع حالات البلطجة والسرقة التي تتم من نباشي القبور يوميا.