الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المجتمع المصري ما بين الحرية والجمود


الحرية هي السلطة التى يتم استعمالها من خلال الفرد أو المجتمع والتى يكون لها تأثير إيجابى بناء على المعطيات الموجودة فى المجتمع , كما أن هذه السلطة ليست سلطة مطلقة بل هى نسبية من فرد الى آخر ومن مجتمع الى آخر لدرجة أن هناك نزاعات كثيرة نشبت على مدار التاريخ لتحديد أبعاد مفهوم الحرية ولم يستطع أحد تحديد الأبعاد بحذافيرها على الأقل فى المجتمعات المختلفة , أما فى المجتمعات المتشابهة فهناك ثوابت لا يمكن الخروج عنها باعتبارها أبعادا للحرية محددة مثلا من خلال الدين أو العرف أو التقاليد أو القوانين وبالتالى فالحرية مسئولية مشتركة ما بين أطراف عدة وقد تقوم الدولة على رعايتها بالشكل الذى يليق بمرحلة أو زمن معين قد تختلف أبعاد الحرية فيه عن أزمان أخرى مضت أو مستقبلية .

ووجهة نظرى أن الفرار الى تنفيذ قوانين الدولة وتطبيق دستورها هو أحد أوجه الحرية , فتنفيذ القوانين ليس تقييدا أو جمودا ولكن هو الطريق الصحيح الذى يقود الى إدراك المسئولية الملقاة على عاتق كل فرد من أجل الوصول بالمجتمع الى مصلحته العليا والتى من ثم لها تأثير كبير فى تحديد الآداب العامة ومن هنا تأتى قيمة الحرية بأنها نتيجة حتمية للمسئولية الملقاة على عاتق كل فرد فى المجتمع .

وأيضا نأتى الى الخلاصة المبدئية لمفهوم الحرية وهى أن الفرد من حقه أن يفعل ما يشاء ويظن ما يشاء ويعتقد ما يشاء طالما أنه لا يحاول إجبار من حوله على اعتقاد معتقداته أو التفكير بنفس طريقته أو إجبار المجتمع على سلك طريق معين قد يكون شاذا وقد يصل به وبنا الى المهالك , كاعتقاد المتطرفين الذين يحاولون إجبار من حولهم بسلك نفس طريقهم العدوانى متناسين القاعدة الشرعية التى تتبنى فكرة الابتعاد عن الضرر أو إضرار الغير.

والذين يعتقدون أن الحرية هى ملك لهم بالطريقة التى يحددونها , فهم واهمون , لأن الأفراد لا تحدد أبعاد قيمة الحرية ولكن الذى يحددها الآداب العامة والدين والقانون , لأنه لا أحد معصوم من الخطأ فلا داعى لارتكاب جرائم باسم الحرية أو الاعتقاد وتبيين الخطأ على أنه إبداع مثلا لأن الإبداع نفسه ليس له سقف ولكن هناك إبداعا مسموحا به وإبداعا غير مسموح به فلا يمكن أن نعتبر أن الإسفاف والتطاول على المقدسات أو حتى مثلا تجسيد صورة الأنبياء على أنها إبداع ولكنها أشياء تعدت قيمة الحرية فأوجعت المجتمع بدلا من أن تضمد جراحه أو حتى تعالج مشكلاته .

والمجتمع المصرى واحد من المجتمعات التى عانت منذ فترة بتدخل الجميع فى كل شىء وزيادة الإسفاف الذى من شأنه صنع بعض المتطرفين الذين عاقبوا المجتمع من وجهة نظرهم فيما بعد , أما الآن أشعر كما يشعر الجميع أن القيود المحكمة على الأشياء هى ضوابط لصناعة مجتمع متصالح مع نفسه ومع الآخرين , فالضوابط التى وضعت مؤخرا أصلحت ما فسد فى العهود البائدة وبالتالى أشعر أن الطريق الصحيح الذى نسلكه كدولة سيجعلنا فى مصاف الدول المتقدمة التى لها رأى وخبرة وكيان وقرار.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط