الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشعب يريد عودة وزارة الإعلام


بعض المزايدين من الحنجوريين ومن أصحاب المصالح، الذين ظهروا في الهوجة الثورية التي صاحبت ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 قد يأخذون من عنوان هذا المقال سببًا للسبّ والشتم. والإدعاء أن الطلب بعودة وزارة الإعلام وتعيين وزير جديد للإعلام المصري هو ردّة ثورية أو مخالفة لمواد دستورية أو ما شابه من تلك الإدعاءات والمزايدات الرخيصة.

لكن المناقشة الموضوعية الهادئة، تؤكد أن مصر خسرت كثيرًا بإلغاء وزارة الاعلام وستخسر أكثر لو استمرت هذه الوزارة غائبة عن الوجود.

كما أن تجربة إلغاء وزارة الإعلام طيلة العام ونصف الماضي، ومنذ أن تولى الاستاذ مكرم محمد أحمد مسؤولية المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام وقبله، عندما تم تعطيل عمل الوزارة قرابة 7 سنوات بعد الثورة يؤكد أن إلغاء وزارة الإعلام كان كارثة وطنية بكل المقاييس.

وانه لا ينفع أن تدار دولة –كما ردد بعد الثورة - بمنطق أن فرنسا ليس بها وزارة إعلام فلابد أن تلغى بمصر، أو أن وزارات الإعلام هذه من بقايا العصر الشمولي وغيرها من هذه المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان وكلها مقارنات وادعاءات فاشلة، وما ينفع لدولة قد لا ينفع لاخرى فالدول تدار بمصالحها، وليس بما هو موجود في دول الجوار أو دول أوروبا!

لقد ألغيت وزارة الاعلام في مصر في وزارة إبراهيم محلب الثانية لكى تتحول الى المجلس الأعلى لتنظيم شؤون الإعلام.

لكن ما حدث أنه ألغيت الوزارة وتفتت كياناتها، وتكاد أذرعها العملاقة الضخمة من قنوات وإذاعات ومؤسسات وهيئات تابعة أن تذهب إلى الفوضى لأنه حتى وقت قليل ومن شهور مضت، كانت لا تزال هناك خلافات حول المسمى الوظيفي لرئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وبمعنى أوضح حول ما يسيطر عليه السيد مكرم محمد أحمد، ويقع في إطار اختصاصاته وتحت قراراته وسلطاته. وما لا يسيطر عليه.

لأن قرار إنشاء المجلس كان ولا يزال من العمومية ما لايشفي غليل أحد ولا يوضح أن هذا الرجل الذي على رأس المجلس له سلطات فاعلة تمكنه من التدخل بقرارات وزارية في هيئة ما أو قنوات ما أو إذاعات أو مؤسسات.

إن المجلس كما يبدو وكما يتصرف منذ لحظة إنشائه، سلطة استشارية أو هيئة تنظيمية يتشارك رئاستها نحو 13 عضوا وليس هناك رجل واحد، أو وزير له رؤية واحدة تتبع الدولة ويقوم بتنفيذها وفرضها على كل القطاعات. كما هو الحال في كل الوزارات مثل المالية والخارجية والتخطيط والزراعة والصناعة.

إن تدمير تركة وزارة الاعلام وتركها مشاعًا بهذا الشكل لايخدم الدولة على الإطلاق. ولا يحقق سياستها وهذه المجالس التي أنشات، وهى الهيئات الوطنية الثلاث كان من الممكن أن تكون تحت ظل ورئاسة وزير الاعلام. وفي إطار وجود رجل قوى على رأس الوزارة يستفيد من الإمكانيات الضخمة لها والتي تم بناؤها وإنشاؤها من مقدرات وميزانيات الدولة المصرية على مدى العقود الماضية.

كان بعض المزايدين والثوريين والمنتفعين، يقولون إن إلغاء وزارة الاعلام غرضه إطلاق حرية الإعلام وعدم تقييده بعد الثورة، ونحن بالطبع مع هذا القرار بل إن هذا المقال غرضه إطلاق حرية التعبير والرأي داخل المؤسسات الإعلامية والقنوات والاذاعات المختلفة التي تتبع وزارة الاعلام ووضع خطط للتطوير والانطلاق وعدم بقائها مشلولة كما هو الوضع الآن.

إنه بالإمكان عمل استطلاع داخل كافة مؤسسات وقطاعات وزارة الإعلام الملغاة والتي كانت تتبعها، انطلاقا من اتحاد الاذاعة والتلفزيون ومدينة الانتاج الإعلامي والهيئة العامة للاستعلامات التي كانت تتبع وزارة الإعلام وغيرها من الهيئات والقنوات المحلية والفضائية، وسؤال العاملين فيها وهم بعشرات الآلاف إن كان إلغاء وزارة الإعلام قد صب في مصلحة قطاعاتهم الإعلامية المختلفة أم جاء وبالًا عليهم.

إن الإجابة التي ستفاجئ صانع القرار، أن الغاء هذه الوزارة كان نكسة إعلامية ولم يشكل أى انطلاقة كما أن هذه المجالس الاستشارية متعددة الشخصيات كانت ديكورية أكثر منها تنفيذية وكل القطاعات الاعلامية الضخمة تدب في الفوضى، ومكرم معذور فهو لايعرف ماذا يملك وما لايملك وهل هو وزير ام صاحب رأي استشاري؟!

لقد كان إلغاء الوزارة بدعة ألغت وجود كل هذه المؤسسات الإعلامية في قبضة وزارة قوية، ووزير مسؤول يقول ماذا يحدث فيها وماذا يمكن أن تحققه وما هى خطته لتطوير كياناتها المختلفة.

إن وزارة الاعلام التي الغيت تحت ضغوط قوى ثورية هوجاء ورؤى فوضوية -وللعلم فقط- كانت منوطة بالآتي:-

**تتولى وزارة الإعلام في إطار السياسة العامة للدولة اقتراح السياسة والخطة العامة للدولة في كافة مجالات الاعلام الداخلية والخارجية.

**اقتراح السياسات التي تحقق الوجود الإعلامى بكافة اشكاله داخليًا وخارجيًا بما يخدم أهداف المجتمع وتحقيق أهداف التنمية ويعمق الديمقراطية، وذلك في إطار السياسة العامة للدولة.

**العمل على ايجاد وتنمية الروابط الإعلامية بين مصر وسائر دول العالم ومتابعة تنفيذ أجهزة الإعلام للاتفاقات والبروتوكولات المتخصصة لهذا الغرض.

**التنسيق بين الخطط الإعلامية لوسائل الاتصال بما يحقق تكامل الرسالة الإعلامية في كافة المجالات.

**توجيه أجهزة الإعلام لتبصير الشعب بمكاسبه والدفاع عنها في مواجهة التحديات، وتنمية المبادرات الفردية والحافز على العمل وإبراز القيم الروحية النابعة من الأديان.

**تزويد الرأى العام العالمي بالبيانات والمعلومات عن مصر ومواجهة الدعايات المضادة وتقديم المعاونة للصحفيين والكتاب والمراسلين، وتقديم الحقائق واتجاهات الدولة عن الوحدات والقضايا الداخلية والخارجية.

**الإشراف على إعداد وتحرير النشرات والتقارير الإعلامية المتخصصة عن الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم أجهزة الدولة العليا.

**وضع الخطة الإعلامية التي تكفل أبراز المناسبات القومية والوطنية واللقاء المتصل بين الشعب وقياداته في مختلف المجالات.

**تنظيم المؤتمرات الصحفية الدولية والمحلية بهدف الإعلام عن السياسة الخارجية والقضايا الداخلية، وكذلك الاتصال بجميع وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية.

**تنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بالمطبوعات الصادرة في الداخل أو الواردة من الخارج الخاصة بعدم مخالفة المطبوعات للنظام العام اوالاداب العامة ولمبدأ عدم تعرضها للأديان تعرضًا من شأنه تكدير السلم العام.

**متابعة تنفيذ الإذاعة والتليفزيون للأنشطة الخاصة بها ومدى تحقيقها للأهداف المنصوص عليها في القانون رقم 13 لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى.

**وضع وتنفيذ برامج تدريب العاملين في مجالات الاعلام المختلفة بهدف توفير العمالة الفنية ذات الكفاءة.

**تحديد أولويات المشروعات الواردة بالخطة الاستثمارية في إطار الخطة الإعلامية للدولة بما يحقق تطوير وتحديث أجهزة الاتصال الإعلامية بحيث تواكب تقدم وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات.

ووزير الإعلام هو الوزير المختص بشئون الاذاعة والتليفزيون.

ومنذ صدور هذا القرار الجمهورى انذاك سنة 1986 المنظم لعمل وزارة الإعلام، كانت قد استقرت أوضاع وزارة الإعلام من النواحي الإدارية والفنية والقانونية والتشريعية وهو ما ساعد على تحقيق الانطلاقة الإعلامية الكبرى، وامتلاك قنوات وإذاعات ومؤسسات وهيئات إعلامية ضخمة بمعنى الكلمة وليس لها أي نظير في الدول العربية.

ألا نحتاج اليوم لهذه المهام الواضحة، أن تكون بيد وزير إعلام قوي قادر على تحقيق تطلعات الوطن.

إننا بحاجة لها أكثر من ذي قبل بعيدًا عن مجالس استشارية لا تسمن ولا تغني من جوع، يتعارك اعضاؤها ليل نهار على المناصب والاختصاصات في حين أن عشرات الآلاف من العاملين في القطاعات والهيئات التابعة لوزارة الاعلام الملغاة يتخبطون. لا يعرفون لهم وزيرا ولا غفيرا ولا توجد رؤية واحدة للتطوير.. أو تحقيق الانطلاقة أو حتى تنفيذ خطة الهيكلة وفق وزير معين ورجل واحد بيده مقدرات وزارة الإعلام.

إن وزارة الإعلام التي ألغيت كانت تضم وللعلم فقط: اتخاد الاذاعة والتلفزيون، وإذاعات محلية بالعشرات وإذاعات خارجية وقنوات فضائية والأقمار الصناعية ومدينة الانتاج الإعلامي والهيئة العامة للاستعلامات. وقطاع الاعلام الداخلي وقطاع الإعلام الخارجي والقنوات الاقليمية والقنوات المتخصصة وغيرها وغيرها. وكل هذه القطاعات فيها الاف الموظفين والاف العاملين والمهندسيين والمديرين.

إن العودة للحق والصواب لن تكون ردة ثورية أو دستورية.

الإعلام في فوضى، وتركة وزارة الإعلام الملغاة تتقاسمها الغربان الضّالة ولا يعرف أحد كبيرا ولا صغيرا ولا مسؤولا يمكن أن يكلمه ولا وزير يمكن أن تؤول المسؤولية له في النهاية أمام الدولة.

أليس من العيب أن تختصر مهمة الرجل الذي يعامل برتبة وزير إعلام، أقصد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في متابعة مسلسلات وكتابة تقارير عنها ورصد الألفاظ الخارجة والمشاهد الساخنة!

إن هذه كانت مهمة قطاع الرقابة داخل التليفزيون، ولم تكن مهمة وزير الإعلام أبدًا.

ويا رئيس الوزراء الجديد د. مصطفى مدبولي. اذا كنتم تريدون نهاية للفوضى الإعلامية داخل قطاعات الاعلام. ورجل واحد تكلمه الدولة وتحدد أمامه المسؤليات والرؤى وتحاسبه، فلتبدأ من الآن اختيار وزير إعلام في حكومتك الجديدة والحديث مع القيادة السياسية في هذا الأمر.

مصر بحاجة إلى وزير إعلام وليس مجالس وهيئات استشارية تسيطر عليها الصراعات ولا تمتلك القرار.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط