الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب - كيم فى منتجع الدم


يتم هذا اللقاء ويكتمل او لايكتمل فلقاء ترامب وكيم ينتظره العالم بتلهف شديد كما لو كانوا سيشاهدون تصوير فيلم لهيتشكوك وهم يشتاقون لكيفية إخراجه ومشاهدته دون حتى انتظارا لنهاية الفيلم !

فبيراموس يقول لامبراطور روما رومولوس قبل لقائه بامبراطور الجرمان : هل يريد مولاى ان يتقلد سيفه الامبراطورى ؟!

فيرد رومولوس فى روايه فرديريش دورينمات : ايها العزيز بيراموس ان احسن شئ تقطعه بالسيوف الامبراطورية ..هو ان تدعها ملقاة فى اماكنها !

فهل ترك ترامب وكيم سيوفهم فى واشنطن وبيونج يانج ليلتقوا معا فى حدث تاريخى بجزيرة الموت والدم المعروفة باسم " باولو بلاكانج ماتاى " اى جزيرة ما وراء الموت والتى اصبح اسمها اليوم " سنتوسا " اى الهدوء والسلام باللغة الماوية !

فاليوم يشهد العالم على مائدة عامرة بالاطعمة السنغافورية من كبد البط الشهى المحضر على نار قوية وصدور البط المدخن المقدم على قشرة من الفاصوليا والحليب المقرمش واطباق الزلابيات " زيالونباو " لقاء اول قمة بين زعيمين بعد عقود طويلة من العداء الشديد بين البلدين فقد لاينسى ترامب ان كيم جونج اون وصفه : بانه مختل عقليا ومجنون والاكثر هراء ووقح وانه سيتحمل مسؤولية جميع تصريحاته وما قاله ان تصريحات ترامب خلال اعمال القمة ال72 للجمعية العامة للامم المتحدة " اشرس اعلان للحرب فى التاريخ " بينما وصفها وزير خارجية كوريا الشمالية لى يونج ب " نباح كلاب " واكثر من هذا فقد وصف كيم ترامب ايضا بانه " متسلط ورجل عصابات ويلعب بالنار وهو ليس رجلا سياسيا " !

فى حين ان ترامب فى خطابه صرح انه يستطيع تدمير كوريا الشمالية وقال ان النظام الكورى الشمالى يقوم باعمال تعذيب وقمع وقتل لشعبه مضيفا : ان رئيس كوريا الشمالية قام باغتيال شقيقه , بل هدد ترامب بالرد على استفزازت محتملة لكوريا الشمالية ب " النار والغضب " فيما هددت بيونج يانج بضرب جزيرة " جوام " الامريكية فى المحيط الهادى بالصواريخ وفى تصعيد عسكرى اخذت حاملة الطائرات كارل فينسون الاوامر من ترامب بالتوجه الى شبه الجزيرة الكورية فى استعراض للقوة بهدف ردع بيونج يانج للحد من اجراء تجربة نووية اخرى او اطلاق مزيد من الصواريخ وكانت الولايات المتحدة جاهزة بالفعل لاجراء ضربة وقائية بالاسلحة التقليدية رغم نفى البنتاجون لتلك الخطوة مؤكدة " ان سياستها هى عدم مناقشة العمليات المستقبلية او التكهن علنا بالسيناريوهات المحتملة "!

فيما حذرت الصين على لسان وزير خارجيتها وانج بى الولايات المتحدة من ان القوة العسكرية لايمكن ان تحل الوضع فى شبه الجزيرة الكورية خاصة وان قائد جيش كوريا الشمالى كان قد اعلن : انه سيدمر الولايات المتحدة بلا رحمة اذا قررت واشنطن مهاجمة بلاده !

وقد امسك العالم انفاسه اذ كان العالم يقع على حافة اندلاع نزاع نووى لم يشهده العالم منذ ايام " ازمة الكاريبى " ابان عصر الرئيس الامريكى الذى اغتيل جون كيندى والزعيم السوفييتى نيكيتا خروتشوف !

لكن جاءت " دبلوماسية كرة السلة " لتلعب دورا فى "اجهاض هذا التصعيد " وكلمة السر " دينيس رودمان " !!
ورودمان " 56 عاما " الذى لعب دورا فى ترتيب هذا اللقاء هو نجم كرة السلة الامريكى السابق وكانت الرابطة الامريكية لمحترفى كرة السلة ( ان بى ايه ) قد تبرأت من زيارة دينيس رودمان فى يناير 2014 من سفره الى كوريا الشمال عبر مطار بكين وحتى البيت الابيض تحفظ فى التعليق على هذه الزيارة التى تأتى بعد اسابيع من اعلان بيونج يانج باعدام الرئيس الكورى الشمالى لزوج عمته مما اصاب العالم بحالة من الذهول !

لكن رودمان الذى ذهب مع لاعبين سابقين فى رابطة كرة السلة الامريكية للمشاركة فى احتفال بعيد ميلاد كيم جونج اون العاشق لكرة السلة ويقال انه لاعب محترف وصانع العاب !

ومنذ ذلك التاريخ ارتبط رودمان بكيم بصداقة متينه حتى انه كان يردد فى كل احاديثه عبر وسائل الاعلام المختلفة مدافعا عن كيم : انه صديقى وانا احب صديقى !

حتى ان رودمان توسط لدى كيم للافراج عن المواطن الامريكى " كينيت باو " الذى اعتقل فى نوفمبر 2012 وحكم عليه بالاشغال الشاقة لمدة 15 سنة بتهمة " القيام بعمل عدائى " و " محاولة الاطاحة بالحكومة " والمواطن الامريكى المعتقل متزوج زلديه ثلاث اطفال ويعانى من مشاكل صحية بمعتقله وربما ستكون هذه واحدة من مطالب الرئيس الامريكى ترامب على هامش لقائه بكيم !

وهاهو بعد 4 سنوات يكون " رودمان " احد اهم الوسطاء فى هذا اللقاء التاريخى وكانت دبلوماسية " كرة السلة " احد اهم الادوات لهذا اللقاء خاصة وان كيم من " عشاق " كرة السلة الامريكية !

لكن فى نفس الوقت يتوجس كيم جونج اون خيفة ويخشى اغتياله خلال لقائه مع ترامب باستخدام مواد كيميائية سامة وهو الذى اتهم جارته كوريا الجنوبية بانها اعدت مع الولايات المتحدة مخططا لاغتياله بمادة " بيو كيميائه" حتى ان ترامب تعهد بتقديم " حماية " لكيم حال تخليه عن البرنامج النووى !

وكيم الذى تولى زمام الامور بعد وفاة والده كيم يونج ايل بسبب نوبة قلبية عن عمر يناهز 69 عاما فى حين كان كيم " 28 عاما " رغم ان السلطة كانت من حق الاخ الاكبر غير الشقيق كين جونج نام الذى اعتقل فى اليبان بتهمة حمل جوازات سفر مزورة عام 2001 عندما كان يزور ديزنى لاند لكن كيم سارع بقتله مثلما قتل رئيس اركان جيشه !

ودرس كيم فى مدرسة سويسرية ناطقة بالالمانية باسم مستعار هو " باك اون " وهو شخص خجول ويرتبك فى تعاملاته مع الفتيات لكنه شرسا فى ملعب لكرة السلة !

وقد خضع لعدة عمليات تجميل لجعله قريب الشبه من مؤسس كوريا الشمالية جده كيم ايل سونج حتى ان " السونجيزم " كانت احد الايديولوجيات السياسية فى الفكر الشيوعى وهو الذى يكتسب شعبية كبيرة باعتباره مؤسس كوريا الشمالية واذا كان " قصة شعره الناعم الاملس " اصبحت غاية شباب كوريا فقد تحول يوم مولده فى الاول من يناير " من مواليد برج الجدى مثل مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكى " عطلة وعيد قومى !

فى حين ان دونالد ترامب من مواليد 14 يونيه وهو من مواليد الجوزاء حيث يتمتع بازدواجية فى المزاج اى انقلاب مزاجه من جيد الى سئ والعكس مثلما حدث فى مؤتمرالدول الصناعية السبع الكبار عندما اعلن عن عدم حضوره واذ به يباغتهم بصورة اربكت الجميع ووترتهم !

وهو دائم القلق والتوتروالتهور و مندفع غالبا ومتهور بالحكم على الاخرين كما انه ملول اى انه يشعر بالملل السريع لذا هناك تخوف من ان ترامب يمكنه ان يترك القمة ويعود الى واشنطن دون ان يستكملها !!

فهو فوضوى مثلم قال عنه قائد الجيش الكورى : انه يثير المشاكل بتغريدات عدائية وهو ماحدث نفس الشئ تجاه مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى حينما قال عبر تويتر : " اتطلع الى تسوية الاتفاقات التجارية غير العادلة مع دول مجموعة السبع " الى هنا كان الكلام جميلا ولكن استطرد فى تغريدته بقوله " اذا لم يحدث ذلك سيكون افضل "!!

وهو ما افزع زعماء الدول الصناعية الكبرى السبع ورغم اهناته لرئيس وزراء كندا " جاستن ترودو " الا انه جلس فى القمة بجواره مازحا !!

قى الوقت الذى طالب فيه بعودة روسيا التى قال عنها غير مستحب وجودها الى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بعد استبعادها بسبب اوكرانيا !

من هنا لا تستبعد الكذب فى اقوال وتصريحات محاميه رودلف جوليانى فى اسرائيل عندما قال : ان كيم جونج اون توسل راكعا على ركبتيه لعقد القمة مع ترامب !!!

لذلك بدأت جينا هاسبل اول امرأة تشغل منصب مديرة الاستخبارات الامريكية المركزية ( سى آى إيه ) وذلك فى تاريخ الولايات المتحدة بعد تعيين مايك بومبيو وزيرا للخارجية وهو اول اختبار لهاسبل خارج الولايات المتحدة وقمة بهذا الحجم و الملابسات التى تحيطها لذا كان اختيار جزيرة سينوتا لسهولة السيطرة عليها امنيا وهى التى كانت يوما قرية للصيد وبعدها تحولت الى قلعة عسكرية لبريطانيا حتى عام 1967 ومنذ عام 1972 تحولت الجزيرة من جزيرة سمعتها الدموية فى القرصنة وسفك الدماء الى واحة للسلام والهدوء وولاية للمرح وهى رابع اكبر الجزر فى حين انها واحده من 63 جزيرة تتألف منها سنغافورة !

توجه ترامب من مقر انعقاد القمة الصناعية الكبرى فى مقاطعة كيبيك بكندا الى سنغافورة على متن طائرته الرئاسية ( الشبح ) على ان تكون فى انتظاره سيارات الليموزين الكاديلاك لينزل بفندق تم اختياره بعناية وهو فندق شانجريلا وهو الفندق الذى يستضيف سنويا قمة امنية دولية وهو يبعد قليلا عن فندق فولرتول الذى اختاره الزعيم الكورى للاقامة به حيث يكلف الجناح الرئاسى مالايقل عن 6 الاف دولار فى الليلة الواحدة بينما يستخدم كيم طائرته الخاصة التى تحمل اسم " تشام ميه 1 " وهى طائرة روسية من طراز " اليوشن62 إم " فى الوقت الذى ترافقه مقاتلات صينيه عند دخوله الاجواء الصينية والبرتوكول تم اعداده بعناية ايضا حتى فى نوع الهديه التى سيقدمها ترامب الى كيم فى حين ان هدية كيم الى ترامب مثلما كشفت عنها الصحافة العالمية اما " عش الغراب " الذى ينتشر بكثرة فى كوريا الشمالية او جرو صغير !

فى حين لم يكشف عن هدية ترامب غير انه تقرر اعداد قائمة المأدب بين الطرفين من الاطعمة السنغافورية التقليدية تجنبا للجدل المحتمل او تجنبا لنظرية المؤامرة ! !

يبقى السؤال الاهم وراء هذا اللقاء التاريخى الذى سيعقد بفندق " كابيلا " المنعزل داخل المنتجع السياحى هل ينتفض هذا اللقاء عن نتائج ملموسة ام ماذا ؟ وهل سيتم عقد لقاءات اخرى بين الزعيمين لاستكمال تلك المفاوضات بعد ان يأمن كيم الى ترامب ويطمئن لنواياه خاصة وان كلمة مستشار الامن القومى الامريكى جون بولتون وهو يصف كيم بالقذافى فى اشارة ان كوريا الشمالية تتبع " نموذج القذافى " فى نزع السلاح النووى رغم رد ووعد ترامب انه لن يحدث هذا الا اذا لم يتمخض هذا اللقاء عن شئ يرضى غرور ترامب قليل التركيز !!؟

ومثلما اوصى مستشاروا ترامب بعدم تقديم اى تنازلات لكوريا الشمالية وان يكون هناك تعهد بنزع سلاح بيونج يانج فى اطار زمنى محدد والقمة (المؤجلة ) تعتبر استعراضا للنصر الدبلوماسى مثلما قال كاتب روسى هو ديمترى ستيفانوفيتش مع الحفاظ على نفوذ الولايات المتحدة فى المنطقة مع تقليل المخاطر والالتزامات فى الوقت الذى يمكن الاتفاق على انشاء آليه جديدة لنزع السلاح النووى تفوق الآليات التقليدية القائمة بما فى ذلك فى التعامل مع الملف النووى الايرانى بينما تحقق هذه القمة بالنسبة لبيونج يانج الكثير من حيث تعزيز وضع كوريا الشمالية مع امكانية الحفاظ على الوضع النووى بشرعنته لفترة مؤقته علاوة على تخفيف حدة التوتر العسكرى فى شبه الجزيرة الكورية علاوة الى دفع النمو الاقتصادى بتخفيض العقوبات او رفعهاوقد تحدث مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكى عن تقديم مساعدات اقتصادية الى بيونج يانج هذا عدا ماسوف يحدث من تخفيض للانفاق والنفقات العسكرىة الباهظه وبالتالى جذب مزيد من الاستثمارات الى هذه المنطقة الغنية .

الكل يضع يده على قلبه خشية من رد فعل ترامب عن اى موقف يسئ فهمه او مفاوضات لا تنم عما يريده فلديه استعداد ان ينسحب و" يضرب كرسى فى الكلوب " مثلما يقول المثل المصرى الدارج عائدا الى واشنطن او يحدث العكس.

فحين التقى رومولوس امبراطور روما وجها لوجه بامبراطور الجرمان اودكور وهو يقول له : انه من الصعب ان يتخيل الانسان ذلك , فقد وصفوا لنا الجرمان بانهم قوم ذوو اجسام ضخمة وعيون زرقاء جامدة وشعر احمر ولكن عندما نظرت اليك ظننت انك احد تجار غلال بيزنطة فى ملابس تنكرية !

ليرد عليه امبراطور الجرمان : وكانت افكارى انا ايضا عنكم ايها الرومان مختلفة , فقد سمعت عن شجاعتكم ولكنك الوحيد الذى لم يهرب لرؤيتى !

فهاهما ترامب رومولوس يعانق كيم اودكور مثلما تنبأ فرديريش دورنيمات حينما قال ولان هناك قنابل ذرية اصبحت حياتنا ممكنة... فالذى تخاف منه اصبح هو سبب حياتنا ..اننا نحتمى من الشمس فى ظل القنابل الذرية والنووية!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط