الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترقب في لبنان انتظارا لتشكيل الحكومة وسط أزمات سياسية

سعد الحريري
سعد الحريري

تشهد لبنان حالة من الترقب السياسي انتظارا لتشكيل الحكومة برئاسة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، والذي يعود إلى بيروت خلال ساعات قليلة بعد إجازة عائلية قضاها في المملكة العربية السعودية عقب مشاركته وعدد من رؤساء وزعماء العالم في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم (مونديال روسيا) .

ويتطلع اللبنانيون إلى سرعة تأليف الحكومة منذ أن تم تكليف الحريري بتشكيلها في 24 مايو الماضي، والتي يطلقون عليها وصف (الحكومة العتيدة) في ظل تعدد الأزمات التي يمر بها لبنان، خاصة الظروف الاقتصادية الضاغطة، وألا تتكرر سيناريوهات قريبة نسبيا تفضي إلى استمرار وضع "تصريف الأعمال" الحالي والذي يشكل حالة من الفراغ الحكومي، بما يعرقل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة داخليا وخارجيا، والتي يمثل تنفيذها أمرا وجوبيا للحصول على المنح الدولية التي تم التعهد بها في مؤتمر (سيدر) لدعم الاقتصاد اللبناني والتي بلغت قيمتها أكثر من 11 مليار دولار.

وعلى الرغم من التأكيدات المستمرة من جانب "الحريري" على حرصه على سرعة تشكيل الحكومة إيمانا منه بأن الظرف اللبناني الحالي لا يحتمل التأخير أو التلكؤ، وأن تمثل فيها جميع القوى والتيارات السياسية في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات النيابية التي جرت مطلع شهر مايو الماضي، غير أن مجموعة من التعقيدات والخلافات السياسية يبدو أنها ستطيل أمد المشاورات الرامية للانتهاء من التشكيل، خلافا لرغبة الحريري.

وأطلت مخاوف أن تطول فترة تشكيل حكومة الحريري الثالثة جراء الأزمات والعقد السياسية التي يشهدها لبنان، لتصل إلى فترات طويلة على غرار ما شهدته عملية تشكيل حكومات سابقة مثل حكومة رئيس الوزراء الأسبق تمام سلام التي استغرق تشكيلها قرابة 11 شهرا، فضلا عن حكومتي "الحريري" نفسه والتي استغرق الأولى تشكيلها 5 شهور، والثانية شهرين ونصف الشهر.

وبدا واضحا أن تعدد الأزمات داخل لبنان سيؤخر عملية التشكيل الحكومي، فلا تزال حصة رئيس الجمهورية بعدد من الوزراء في الحكومة، محل جدال كبير ما بين مؤيد باعتبارها عرفا مستقرا خاصة بعد أن انتزع اتفاق الطائف (وثيقة الوفاق الوطني وتقاسم السلطة في لبنان) العديد من الصلاحيات من منصب الرئيس لصالح منصب رئيس الوزراء، وما بين معارض يراها "بدعة" تخل بالتوازن الطائفي في التمثيل الحكومي.

كما يأتي من بين الأزمات التي لم يتم حسمها حالة عدم الاتفاق المسيحي – المسيحي ممثلة في حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، بسبب الخلاف الكبير بينهما حول عدد الحقائب الوزارية لكل منهما في الحكومة المرتقبة، حيث يرى كل فريق أنه الأحق بعدد وحقائب وزارية معينة، علاوة على الأزمة الأخيرة التي لم تخمد نيرانها بعد، وآخرها بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، على خلفية تباين المواقف من آلية التعامل مع مشكلة النازحين السوريين داخل الأراضي اللبنانية.

ويضاف إلى ملف الأزمات التي تقف أمام تشكيل الحكومة ما يعرف باسم (العقدة الدرزي) في شأن آلية تمثيل الوزراء الذين ينتمون للطائفة الدرزية في الحكومة المقبلة، حيث يتمسك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن يكون تسمية الوزراء الدروز في الحكومة (في الحقائب الثلاثة المخصصة لهم) من خلاله كممثل وحيد للطائفة، في حين يريد التيار الوطني الحر (من خلال تكتل لبنان القوي) تسمية وزير المهجرين بحكومة تصريف الأعمال النائب طلال أرسلان (وهو أحد الزعامات الدرزية) في الحكومة المقبلة، وذلك خصما من الحصة الدرزية بالحكومة.

وتأتي من بين الأزمات القوية التي تعترض التشكيل الحكومي، وإن كانت تأخذ حيزا أقل في الاهتمام السياسي والإعلامي، تمثيل الطائفة السنية، حيث يتمسك تيار المستقبل بحصة الوزراء السنة بالكامل، وسط أحاديث عن إبداء مرونة بالتنازل عن حقيبة وزارية من الحصة السنية لصالح حصة رئيس الجمهورية، مقابل الحصول حقيبة وزارية من الحصة المسيحية لدى الرئيس، في حين يدفع فريق ( 8 آذار ) إلى أن يحصل تكتل للنواب السنة ممن يعارضون تيار المستقبل، على جانب من الحقائب المخصصة للطائفة السنية.

ووسط كل هذه الأزمات والتعقيدات و"التضخم في طلبات القوى السياسية في شأن الحصص الوزارية بالحكومة" يؤكد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تصريحاته المتكررة أنه متفائل بحدوث انفراجات كبيرة وسرعة تشكيل الحكومة، معربا عن تفهمه أن كل طرف يريد أن تميل الكفة لصالحه، وهذا أمر طبيعي ومقبول في المفاوضات، داعيا في نفس الوقت الفرقاء السياسيين إلى إظهار تعاون مرونة أكبر تساهم في ولادة الحكومة.

وسلم "الحريري" قبل نحو أسبوع للرئيس اللبناني ميشال عون، تصوره في شأن كيفية تشكيل الحكومة وتركيبتها وحصص الفرقاء السياسيين فيها، والاتفاق على أن تشمل الحكومة الجديدة الجميع، دون أن يتم الكشف عن عدد الحقائب الوزارية وتمثيل القوى على وجه التحديد، غير أن مشاوراته لا تزال مستمرة للانتهاء من التشكيل بحسب ما أكدته مصادر بتيار المستقبل، والتي تصف الحديث حول وجود تأخير متعمد من جانب "الحريري" بأنه أمر لا ظل له من الحقيقة أو الواقع.