الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مروة سعيد تكتب: صناع الأزمات

صدى البلد

فعلتها السيارة مرة أخرى، أحاول إدارتها مرة أخرى فلا تستجيب، أتركها ماكثة مكانها وأفكر في البدائل، الطريق طويل وأحتاج العودة للقاهرة اليوم لظروف العمل، فاليوم آخر أيام العيد الذي قضيته مع عائلة صديقتي في قريتها الصغيرة، ومن المؤكد أن طريق العودة سيكون مزدحم بالراجعين إلى منازلهم بعد قضاء العيد مع ذويهم وأقاربهم.

تفيقني صديقتي على سؤال "هنعمل ايه دلوقتي"، أسألها عن ميكانيكي قريب فترد "لسه بيعيد"، وتقترح "نستنى لبكره"، فأرد "ورايا شغل، لازم أنزل القاهرة النهارده"، فتقول "خلاص تعالي نركب أي مواصلة لحد المركز ومن هناك هنلاقي ميكروباصات مصر"، أوافق فتشير بسرعة لتوك توك مار، نركب سويا حتى المركز، أطلب من السائق الذي لا يتجاوز عمره 15 عاما أن يخفض صوت ما نطلقه عليه أسفا أغنية، فالكلام واللحن غير متناسقين، يخفض الولد الصوت ولا يخفي انزعاجه من طلبي"، تنظر لي قديقتي وتقول "خير ما فعلتي".

نصل إلى وجهتنا، أعطي للسائق خمسة جنيهات، فيواصل اعتراضه "مينفعش كده، عايز خمسة كمان"، أرفض الدفع، فالمشوار لا يستحق ذلك، تنهي الصديقة الخلاف بدفعها المبلغ المطلوب فيأخذه السائق بسرعة ويرحل، أقول لها "ده مش حل"، فترد "طيب هنعمل إيه"، أصف ما فعلته بالسلبية، كان من الأفضل عدم إعطاءه أكثر مما يستحق، شعرت ببعض الهزيمة.

ركبنا الميكروباص، أكتمل العدد المطلوب، أدار السائق السيارة، أندفع قائلا "الأجرة 20 جنيه"، اعترض عجوز "بـ 17 يأ أسطى بعد زيادة البنزين، مكتوب كده في الورقة المعلقة في الموقف"، يطلب منه السائق النزول من السيارة في حالة عدم الدفع، يقوم العجوز بإيجابية وينزل من السيارة، أنزل أنا الأخرى، تتبعني صديقتي وآخرون، ينزل السائق من السيارة ويطلب منا الركوب ثانية لأن الدور عليه ولن تتحرك أي سيارة أخرى قبل أن تتحرك سيارته، تنقسم آراء الركاب بين من يطالبنا بالركوب حتى لا يتأخروا عن مآربهم، نظهر اعتراضنا على استغلال السائق، تحتد المناقشة، يقول العجوز "في الظروف اللي زي دي لازم كلنا نقف جنب بلدنا وجنب بعض، مش نستغل الظروف".

يلاحظنا الشرطي الواقف عند أول بوابة الموقف، يأتي فنحكي له ما حدث، يأخذ السائق معه لتحرير محضر له، يتوسل السائق راغبا في إنهاء الموقف، يطلب بعض الركاب من الشرطي ترك السائق، يصر من نزل من السيارة على أن يأخذ القانون مجراه، أقول لهم أن معاقبة المستغل للأزمات ضرورية ليكون عبرة لأمثاله، تخيلوا لو سكتنا ودفعنا ما يريد، كان ذلك سيصبح الشيء المعتاد.

يأخذ الشرطي السائق لعمل المحضر اللازم، بينما نتحرك نحن لنركب سيارة أخرى، أنظر للعجوز الذي كان أول من أعترض على استغلالنا وأحيه على ما فعله، ليرد "ده واجبنا كلنا، ولو كلنا عملنا كده بلدنا هتتقدم أكيد"، يشجع كلام العجوز صديقتي فتقول "أنا كمان بعد كده مش هبقى سلبية ومش هسمح لحد يستغلني".