الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد سمير تكتب: التافهون والمساكين

صدى البلد

إن سطور التاريخ القديم والحديث لم تخلو أبدا من فكرة التعصب والذي لا يجد تربةً خِصبة إلا في أراضي الجهل، سواء غرور إنتصار أو إنتقام هزيمة تتجسد في همجية شعوب، وهي أوقات لا يترك التعصب فيها عقل غنيّ أو فقير إلا اقتَحَمَه.

ولنا في أنفسنا عبرة و نحن أكثر المجتمعات اليوم تعرضا للغليان والفتنة برغم اننا الأكثر إدعاءًا بإمتلاك الحقيقة والحقيقة أننا تركنا كل الحقائق واحتفظنا فقط بالتعصب، وهو اعتقاد ينبني علي أساس واحد "إما أن تكون معي و إلا فأنت ضدي"، ومن هنا خرج الإنسان الأول لمساحة إنطلقت منها غرائز البقاء الأولي والتي جسدت أكثر النزاعات بدائية ودموية ... فقط لأجل قطعة من اللحم.

في تصوري لم ينجُ الإنسان الأول بجنسه إلا بعد أن انتبه لمساحات من الخيال والإبداع أدرك فيها خواصه العليا مثل الحب الذي أسس مفهوم الأسرة والوطن والذي دفع الإنسان إلي أن يترك كل شئ وكل قطع اللحم من أجل من أحب .. وينطلق من الحب إلي العدل ومنه إلي الرحمة في إنسجام تام مع بيئته عَلَمَه التدوين والإكتشاف فتجلت له الرسالات السماوية تؤكد تلك القيم وتنبه الإنسان لغايته الأصل.. وتسمو به لمساحات أوسع في دوائر الإدراك .. فأصبح يناضل من أجل المبدء والقيمة وتلك هي فرصة الإنسانية لإعمال العقل في مساره الذي خُلِق من أجله ، فيستطيع أن يقبل التعدد الإنساني وتنوع أفكاره ، ليكون جاهزا للمقارنة والتحليل بحثا عن ضالته من الفهم والحكمة ، فرصة لقبول الأخر مهما كان مختلفًا ، لا تدفعنا فقط لاستيعابه بل الي الدفاع عنه والتضحية من أجله إذا لزم الأمر، فرصة انتهزها المسلمون الأوائل حين فقهوا العدل ... إستعابوا فيها القريب والبعيد والمُتَفِق والمختلف، شمس المعاني التي أشرقت في الشرق بينما غابت في مساء الغرب القريب حيث قرارات الحرب المقتصرة علي أهواء الملوك و دوائر القتال التي ترعرعت فيها الغريزة البدائية للشعوب، فهذا يقتل من أجل القبيلة وذاك يقتل من أجل الرب والكل في حقيقته يعبد الذهب.

ثنائية فكرية مقيتة .. صديق إما عدو .. معي إما ضدي .. محب إما كاره ..وليس هنا ثمة فرصة لسيناريو آخر .. ولننظر إلي هذه الأرض التي تحملنا منذ الاف السنين لم تُقصي إنسان دون الأخر الكل قد أكل من هذه الثمرة وشرب من هذا النهر هذا هو الإحتواء سر الإستقرار والبقاء فإذا ما وجد التعصب سبيلا علي ألسنتنا فلا ننزعج وقتها من الدماء التي تسيل رخيصة جدا في سبيل أن كلا منا يظن أن الوطن لعبته .. وتنساق الجموع من سئ لأسوء بألسنة غير واعية تحكي لنا كيف نضحي بكل شئ لنفوز بقطعة اللحم ...