الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الإصغاء أولا"... شعار اليوم الدولي لمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها

صدى البلد

يحيي العالم بعد غد اليوم الدولي لمكافحة استخدام المخدرات والاتجار غير المشروع بها 2018 تحت شعار "الإصغاء إلى الأطفال والشباب هو الخطوة الأولى لمساعدتهم على نمو صحي وآمن"، وهي مبادرة علمية لزيادة دعم الوقاية من تعاطي العقاقير المخدرة، وبالتالي فهي استثمار فعال في رفاة الأطفال والشباب وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية.

وكشف "التقرير العالمي للمخدرات 2017" أن أكثر من 29.5 مليون شخص يعانون من اضطرابات التعاطي؛ أي نحو 0.6 % من السكان البالغين في العالم، ومنخرطون في تعاطي المخدرات الإشكالي، وعانوا من اضطرابات تعاطي المخدرات، بما في ذلك الارتهان بالمخدرات.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد عقدت دورة استثنائية خاصة حول المخدرات في أبريل 2016.. وقد مثلت هذه الدورة الخاصة علامة بارزة في تحقيق الأهداف المحددة في وثيقة السياسة لعام 2009 "الإعلان السياسي وخطة العمل بشأن التعاون الدولي نحو متكاملة ومتوازنة.. استراتيجية لمواجهة مشكلة المخدرات العالمية "، والتي تحدد الإجراءات التي يتعين على الدول الأعضاء اتخاذها وكذلك الأهداف التي يتعين تحقيقها بحلول عام 2019.

وتوصي الوثيقة الختامية باتخاذ تدابير لمعالجة خفض الطلب والعرض ، وتحسين الوصول إلى الأدوية الخاضعة للرقابة مع منع التحويل.. وتشمل التوصيات أيضا مجالات حقوق الإنسان والشباب والأطفال والنساء والمجتمعات المحلية ؛ التحديات الناشئة ، بما في ذلك المؤثرات النفسانية الجديدة ؛ تعزيز التعاون الدولي ؛ والتنمية البديلة.. ويركز النص الجديد على سياسات وممارسات إصدار الأحكام الوطنية المتسقة للجرائم المتعلقة بالمخدرات ، ويتميز بتركيز قوي على الوقاية والعلاج.

وكانت الجمعية العامة قد قررت بموجب القرار 112/ 42 في ديسمبر 1987، الاحتفال بيوم 26 يونيو يوما دوليا لمكافحة استخدام المخدرات والاتجار غير المشروع بها من أجل تعزيز العمل والتعاون من أجل تحقيق هدف إقامة مجتمع دولي خال من استخدام المخدرات.. ويهدف هذا الاحتفال العالمي، الذي يدعمه كل عام الأفراد والمجتمعات المحلية والمنظمات المختلفة في جميع أنحاء العالم، إلى زيادة الوعي بالمشكلة الرئيسية التي تمثلها المخدرات غير المشروعة في المجتمع.

وأشار أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة ، إلي أن المجتمع الدولي قام في العام الماضي في إطار الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مشكلة المخدرات العالمية، باتخاذ خطوات للتعبئة لعمل جماعي متعدد الأوجه غايته معالجة كافة القضايا المتعلقة بإساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها.. فقد اجتمعت الحكومات لرسم مسار جديد للعمل في المستقبل، عمل أكثر نجاعة وإنسانية لا يترك وراءه أحدًا.. وكانت الدورة الاستثنائية لحظة فاصلة تمخضت عن خطة عمل مفصلة ذات توجه مستقبلي. ومن واجبنا اليوم جميعا أن نفي بالالتزامات التي قطعت بالإجماع للتخفيف من أضرار المخدرات، وأن نسلك نهجا يشجع على المساواة والتنمية المستدامة، وعلى توطيد دعائم السلام والأمن.

وأضاف غوتيريش أنه مع ما يلازم جهود التصدي لهذه المشكلة العالمية من مخاطر وتحديات، يحدوني الأمل، بل أنا مقتنع أننا نسير في الطريق الصحيح، وأننا قادرون، يدًا في يد، على سلك نهج منسق ومتوازن وشامل يفضي إلى حلول مستدامة.. وسيكون ذلك أفضل طريقة ممكنة لتنفيذ توصيات الدورة الاستثنائية، ولإحداث الأثر المنشود في حياة الملايين من الناس في مختلف بقاع العالم.

وتعتبر مشكلة تعاطي المخدرات من المشاكل الاجتماعية التي تؤثر على بناء المجتمع وأفراده بما يترتب عليها أثار عدة منها النفسية والصحية، وقد عرفت هذا الأخير تغلل كبير في الدول العربية والغربية، فقد أصبحت خطرًا يهدد المجتمعات وتنذر بالانهيار، فهي آفة المجتمعات التي تدمر الفرد والأسرة وعرفت تزايد كبير في الآونة الأخيرة عبر دول العالم. فهي تكلف الحكومات أكثر من 120 مليار دولار، وترتبط بها جرائم كثيرة، كما تلحق أضرارا بالغة باقتصاديات العديد من الدول مثل تخفيض الإنتاج وهدر أوقات العمل وانحسار الرقعة الزراعية المخصصة للغذاء وتراجع التنمية وتحقيق الاحتياجات الأساسية لذا سنحاول من خلال هذا المقال الطرق إلى الوضع العالمي حول ظاهرة المخدرات وتوضيح أهم الآثار النفسية و الصحية المرتبطة به.

وكشف "التقرير العالمي للمخدرات 2017" الصادر مؤخرا عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن أكثر من 29.5 مليون شخص يعانون من اضطرابات التعاطي؛ أي نحو 0.6 % من السكان البالغين في العالم، ومنخرطون في تعاطي المخدرات الإشكالي، وعانوا من اضطرابات تعاطي المخدرات، بما في ذلك الارتهان بالمخدرات. ويقدم تقرير المخدرات العالمي لعام 2017، لمحة عامة عن العرض والطلب على المواد الأفيونية والكوكايين والقنب والمنشطات الأمفيتامينية والمؤثرات النفسانية الجديدة، فضلا عن تأثيرها على الصحة، مسلطا الضوء على الأدلّة العلمية المتعلقة بالتهاب الكبد الوبائي (C) المسبب لأكبر قدر من الضرر بين متعاطي المخدرات؛ وينظر في زيادة تنويع سوق المخدرات المزدهرة، فضلا عن النماذج التجارية المتغيرة للاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة. وأولى التقرير في توصياته اهتماما بالمنظور الجنساني وأهميته في وضع السياسات العامة والبرامج ذات الصلة بالمخدرات.
وأشار "يوري فيدوتوف" المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلي أن هذا العام نحتفل بمرور 20 عاما على إصدار تقرير المخدرات العالمي، الذي يأتي في وقت قرر فيه المجتمع الدولي المضي قدما من أجل العمل المشترك.. وهناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به لمواجهة الأضرار الكثيرة التي تسببها المخدرات على الصحة والتنمية والسلام والأمن في جميع مناطق العالم. وأضاف فيدوتوف، أن الوثيقة الختامية للدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2016 تتضمن بشأن مشكلة المخدرات العالمية، أكثر من 100 توصية ملموسة للحد من الطلب والعرض.

ويسلط التقرير الضوء على أن المواد الأفيونية أكثر أنواع المخدرات ضررًا؛ إذ يعزى إليها 70 % من الآثار الصحية السلبية المرتبطة باضطرابات تعاطي المخدرات في جميع أنحاء العالم.

ويشير لاحتمالية أن تكون الأخطار الناتجة من المؤثرات النفسانية الجديدة أشد خطورة غير أن سوقها لا تزال صغيرة نسبيا (الفودو – الاستروكس) . ومن بين أكبر المشاكل المرتبطة بتعاطي المخدرات هى تعاطي المخدرات بالحقن، يوجد حوالي ١٢ مليونا يتعاطون المخدرات بالحقن حول العالم، منهم ١.٦ مليون مصابون بفيروس نقص المناعة، و٦.١ مليون مصابون بفيروس الالتهاب الكبدي C، بالإضافة إلى ١.٣ مليون مصابون بفيروس نقص المناعة وفيروس C معا، ويوجد حوالي ٢٢٢ ألف حالة وفاة بسبب فيروس C بين متعاطي المخدرات، وحوالي ٦٠ ألف حالة وفاة بسبب فيروس نقص المناعة، بين متعاطي المخدرات بالحقن.

بيد أن التقرير يؤكد أنه على الرغم من التقدم المحرز مؤخرا في علاج التهاب الكبد الوبائي سي، فإنه لا تزال سبل الوصول إليه ضئيلة، نظرا لأن العلاج لا يزال باهظ التكلفة في معظم البلدان.

وتعتبر السجون بيئة عالية المخاطر بين متعاطي المخدرات، ويوجد حول العالم كل يوم حوالي ١٠ ملايين سجين، 1 بين كل 3 تعاطي ولو لمرة واحدة مادة غير مشروعة، ويعتبر تعاطي المخدرات وتعاطي المخدرات بالحقن من الأمور المألوفة في السجون، والمادة الأكثر انتشارا في السجون هى القنب يليها الهيروين.

وكشف التقرير أن النساء والفتيات يمثلن ثلث المتعاطين على الصعيد العالمي، لكنهن يمثلن خمس عدد الخاضعين للعلاج، وأن غالبية المتعاطيات لا يحظين بالعلاج المناسب خشية من الوصمة الاجتماعية ويعانين في صمت. ولفت إلى أن النساء يبدأن التعاطي في سن أكبر من الرجال، لسبب رئيسي؛ ألا وهو تعاطي شريك الحياة للمخدرات، أو للتغلب على صعوبات الحياة وضغوطها.

ويفوق عدد الرجال الذين يتعاطون المخدرات عدد النساء بنسبة الضعف، غير أن النساء بمجرد أن يبدأن في تعاطي المخدرات، وخصوصا المواد الأفيونية والكحول والقنب، تكون الاضطرابات الناتجة عن التعاطي أسرع بكثير جدا من الرجال، وتميل النساء إلى زيادة الجرعة بشكل أكبر من الرجال، والأخطر هو محدودية وقلة الفرصة المتاحة للعلاج أمام النساء، فبين كل 6 من النساء تصاب باضطراب تعاطي المخدرات.

ويشهد سوق المخدرات اتساعا وتنوعا كبير، بالنسبة للمواد الأفيونية شهدت زيادة في إنتاج الأفيون العالمي، ففي عام 2016، زاد الإنتاج العالمي من الأفيون ووصل لأكثر من ٦ آلاف طن، أي بمقدار الثلث مقارنة بالعام السابق، وهو الذي يستخدم في تصنيع الهيروين ، ويعزى ذلك أساسًا إلى إرتفاع غلة خشخاش الأفيون في أفغانستان.

ويشير تقرير مكتب الأمم المتحدة إلى التوسع في سوق الكوكايين، حيث زادت زراعة شجيرة الكوكا في الفترة بين 2013- 2015 بنسبة 30%. وهو ما يعزى أساسًا، إلى زيادة المساحة المزروعة في كولومبيا، وهناك دلائل على زيادته في أكبر سوقين، هما أمريكا الشمالية وأوروبا.

وعن دور الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة ، فحسب تقارير منظمة "اليوروبول" تطلع أكثر من ثلثي عصابات الإجرام المنظم في أكثر من مجال إجرامي، فبالإضافة للإتجار بالمخدرات يوجد أيضا تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر ، وتزييف السلع، إلى جانب أن الإتجار بالمخدرات لم يعد حكرا على عصابات الإتجار المنظم.

ويسلط التقرير الضوء أيضًا على ارتباط المخدرات بالإرهاب والجماعات الإرهابية، كاشفا أنه في عام 2014 قدر بأن جماعات الجريمة المنظمة في جميع أنحاء العالم تحصل ما بين خمس وثلث إيراداتها من بيع المخدرات، موضحا أن بعض الجماعات الإرهابية وليس كلها، تعتمد على أرباح المخدرات. فمن دون العائدات المتأتية من إنتاج المخدرات والاتجار بها، التي تشكل نحو نصف الدخل السنوي لحركة طالبان، ربما لم يكن نطاق الحركة وأثرها كما هما عليه اليوم. وتقع ما نسبته 85 % من زراعة نبات الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون في أفغانستان.