الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فائزون.. وفاجرون!


حالة من الذهول والصدمة والإحباط أصابت الجميع من فضيحة مونديال روسيا التى كشفت فشل اتحاد الكرة، و"عُقم" المدرب الأجنبى، واستهتار "عيال" المنتخب الوطنى، وفساد "شلة" السماسرة والتجار فى سوق الرياضة السوداء، فضلا عن "جريمة" انتهاك معسكر اللاعبين بصورة مخزية غير مسبوقة، وإزاء تلك المأساة، كان لابد من البحث عن نماذج إيجابية تمثل "شعاع" نور ونقطة ضوء فى هذا النفق المظلم، صور أخرى تبعث على الاطمئنان إلى أنه مازال فى هذا الشعب طاقات إبداع ورموز انتصار وشهادات تفوق وامتياز تجدد الأمل وتدفعنا إلى التعلق بها لمسح كوارث "الجبلاية" من ذاكرتنا وعدم التردد في رفع المشانق لكل مسئول عن "الأصفار" التى صارت جزءا من تركيبتنا!!

النموذج الأول خرج من قلب الساحة الرياضية في تزامن إلهى مع ماراثون كأس العالم، كما لو أن القدر أراد أن يبلور فضيحة الفراعنة الكروية بإنجازات وأرقام قياسية من نفس الجنس والدم والأرض، فبينما تتوالى الهزائم والخطايا الفنية والأخلاقية على رؤوس لاعبينا "الصغار" داخل وخارج الملعب، يقدم أبطال آخرون ملحمة بديعة في ألعاب البحر المتوسط بإسبانيا فى مختلف اللعبات الفردية والجماعية ليحصدوا في يومين فقط منذ بداية الدورة العالمية ٢٣ ميدالية ذهبية وفضية فى صمت وعمل وإتقان لمهمتهم لرفع علم مصر عاليا شامخا.

والنموذج الثاني يحمله على كتفه الدكتور محمد السيد بدر "٣٩ عاما" ابن الإسكندرية الذى أصبح أول عالم مصرى شاب يتقلد منصب عميد كلية الإعلام بمدينة ميونخ في ألمانيا، بعد منافسة شرسة مع ١٧ أستاذا ألمانيا، حيث برع خلال مشواره الأكاديمى وأبحاثه العلمية فى إنشاء برامج الإعلام المشتركة بين جامعتي وست مينسترر في لندن وماكروميديا في ميونخ، وساهم في إثراء التعاون العلمي والثقافي في مجال الإعلام ومجالات أخرى بين الجامعتين العريقتين.

نموذج ثالث ضربه العالم الشاب الدكتور إسلام خلف، المتخصص فى الهندسة وتكنولوجيا المعلومات
الفائز بميدالية «أوتوهان»، وهى إحدى الجوائز العلمية النادرة، وقد كرَّمته تيريزيا باور وزيرة التعليم والبحث العلمى الألمانية فى احتفال عالمى بمدينة هايدلبيرج تقديرا لجهوده وأبحاثه فى مجال التوصيل الكهربي، لينضم "خلف" إلى قائمة طويلة وعريضة من خيرة عقولنا وأبنائنا النابغين التى تفرزهم لنا الجامعة الألمانية بالقاهرة جيلا بعد جيل!

ثم، هل تتذكرون مريم ملاك زكريا تادروس، من محافظة المنيا، والشهيرة إعلاميا بـ "طالبة الصفر" في الثانوية العامة؟ هي اليوم طالبة متفوقة تحصل على تقدير امتياز في الفرقة الثانية بكلية الصيدلة، بإحدى الجامعات الخاصة، وتتحدى بالعلم والذكاء والنفس القوية كل أباطرة النفاق والضمائر الميتة داخل "كونترولات" التربية والتعليم المشبوهة!

وبمزيد من التنقيب، نستطيع إبراز جواهر أخرى تُبنى بها الأمم وترتقي بها الشعوب شريطة أن تلتفت إليها العيون "المسئولة" الساهرة على تقدم ونهضة أي دولة، عيون ترفض المجاملات الرخيصة ولا تؤمن بمنطق أهل الثقة والولاء والمصالح المشتركة، ومما لا شك فيه أن أى مجتمع يعيش بالفائزين والفاجرين اعترافا بأن الأمر هو "سُنة الحياة" القائمة على الخير والشر، إلا أن درجة عافية المجتمع وقوته ترتبط بمدى القدرة على تحجيم مساحة الفساد واستئصال محترفى العُهر السياسى ولصوص ٥ نجوم، ثم توسيع الرقعة لمن يجيد لغة الإنجاز ويُتقن الفعل ويرفع الرأس، وإذا كنا نطالب بالمحاسبة والقسوة لمعاقبة المقصرين والمتآمرين، فالمطلب مُضاعَف بمكافآة وتقدير الموهوبين والمحترفين، ليحصلوا هُم على الأرقام الفلكية مقابل عطائهم وعرقهم، فضلا عن وسام "النموذج الوطني"، وعمار يا مصر بمن يعشقون ترابك.. ولا يتاجرون باسمك!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط