الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا يتحول الشباب العربي والإسلامي إلى إرهابيين بكل سهولة؟ 2-2


ما هى القوة الجبارة وما هى الظروف القاهرة التي تدفع شابًا عربيًا مسلمًا إلى أن يتحول إلى قنبلة موقوتة تتحرك على الأرض؟ أو انتحاريًا ينتظر توجيهًا معينًا ليفجر نفسه في مدنيين وأبرياء؟ أو تكفيريًا معبأ بشحنة مهولة من الافكار العدوانية والمتطرفة تجاه الجميع؟!

ما هى هذه القوى؟ وما هى الظروف التي دفعت الآلاف من الشباب العربي المسلم للتحول إلى إرهابيين قتلة خلال العقدين الماضيين على وجه الخصوص؟

الحقيقة أنه كانت هناك عوامل عدة ذكرناها من قبل في المقال السابق، مثل الخطاب الإرهابي المعبأ من قبل جحافل الإرهابيين أو بالتحديد شيوخهم الذين وجدوا الفرصة لحشد الأتباع والمريدين عبر طرق عدة، كانت منها المساجد المفتوحة في بعض الأوقات، والاجتماعات السرية للعناصر والتوجه كذلك الى جمهور عريض من الشباب غير الواعي وغير الناضج عبر الانترنت وعبر قنوات تلفزيونية عدة..واستمرار السلطة في يد بعض الديكتاتوريات في العديد من الدول العربية، وكان هذا السبب تحديدا وخصوصا قبل ثورات الربيع العربي سنة 2011 حجة جاهزة طوال الوقت في يد أمراء الارهاب يقنعون بها أتباعهم بضرورة التحرك للتغيير بالعنف داخل المجتمعات العربية.

فتح مصارف تمويل رهيبة للجماعات الكبرى للإرهاب، تغدق بكلتا يديها على عملياته. فالعمليات التفجيرية والإرهابية ينفق عليها ملايين الدولارات ولا تتم هكذا مجانًا، ثم الظروف الاقتصادية القاهرة في العديد من الدول العربية وبالأحرى في معظمها فالكثير من المجتمعات العربية والإسلامية تعيش حد الكفاف والفقر المدقع يضرب قرابة 15 % من المواطنين في العالم العربي أي ما لايقل عن 40 مليون مواطن عربي فقراء.

وفي الجزء الثاني من المقال، نتعرض لباقي الأسباب التي تدفع الشباب العربي المسلم للتحول الى إرهابيين وعناصر لينة مطيعة لأمراء الإرهاب وشيوخ التطرف.

فالإرهابي ابن بيئته ولا يخلق هكذا شيطانيًا..

ووفق الكثير من الدراسات، فإن الإرهاب ظاهرة عميقة لها الكثير من الأسباب السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية.

وتفشي الفساد في غالبية الدول العربية كان سببًا في ثورات واحتجاجات عدة طوال العقود الماضية كما كان واحدًا ضمن أسباب الإرهاب.

ووفق منظمة الشفافية العالمية فإن 6 دول عربية ضمن الـ 10 دول الأكثر فسادًا في العالم ، وهى الصومال السودان وليبيا واليمن والعراق وسوريا وكلها دول تعج بالإرهابيين وخرّجت منهم العشرات. كما جاء ضمن القائمة التي نشرتها منظمة الشفافية الدولية يناير 2017 وجاءت في صدارتها كذلك دولة افغانستان والتي كانت ولا تزال دولة مصدرة للإرهاب.

كما أن الفقر المدقع كان سببا آخر رئيسيا لدفع بعض الشباب المغيب والمخدوع للتحول إلى عناصر إرهابية.

وقد قدر تقرير صادر عن الأمم المتحدة أواخر عام 2017 أن عدد الفقراء فقرًا مدقعًا في 10 بلدان عربية بلغ 38.2 مليون نسمة، بما يمثل 13.4 في المائة من السكان.

كما قدر "التقرير العربي حول الفقر المتعدد الأبعاد" أن نسبة الفقراء في تلك البلدان بلغت 40.6 في المائة من السكان بعدد 116.1 مليون فقير أي الذين لا يجدون حاجاتهم الأساسية ويعانون معاناة شديدة في الحياة..

وكذلك الحال بالنسبة للبطالة فإن الدول العربية، ومع استبعاد الدول الخليجية الثرية هى الأعلى في معدلات البطالة بنسب بشعة ومتوحشة والانسان العاطل عن العامل وخصوصا الشباب في مرحلة الفتوة قنبلة جاهزة للانفجار في أي وقت وسهل الإنقياد إلى عصابة إرهابية أو عصابة مسلحة أو شلة سوء للبلطجة والاجرام أو الاتجار في المخدرات.

أما في مستوى الحريات العامة فإن هناك 5 دول عربية ضمن قائمة الدول العشر الأكثر قمعا للحريات في العالم في 2018 وفقا لتقرير نشرته مؤسسة فريديوم هاوس الأمريكية، ومن الدول التي تنعدم فيها الحريات تمامًا الجزائر والعراق واليمن وهذه أيضا شهدت أحداثا إرهابية كبرى وتخرج منها آلاف الارهابيين.

وبالطبع فالقمع والاستبداد كانا ولا يزالان في مختلف الأدبيات التي درست ظاهرة الإرهاب سببا رئيسيا في تفشيها.

نهب الثروات العربية وتهريب الأموال العربية للخارج بعشرات المليارات من الدولارات سنويا كان سببًا رئيسيًا للارهاب.

فالارهاب هو الطفح الجلدي الذي ظهر علينا نتيجة أمراضنا الأبدية الفساد والفقر والبطالة والنهب.

ووفقا لتقرير منشور لمؤسسة global financial integrity حول نسب تهريب الأموال للخارج وقيمتها وبالتحديد في عام 2014. فإن إجمالي المبالغ التي يتم تهرييها سنويًا من كل الدول العربية وفق التقرير وصلت إلى ما بين 70-100 مليار دولار سنويًا للخارج وبما لايقل أبدا عن 1500 مليار جنيه أي ميزانية دولة مثل مصر يتم تهريبا سنويًا من العالم العربي إلى الخارج وتوضع الأموال بشكل غير شرعي في بنوك أوروبا وأمريكا..

إن تحليلنا للأسباب التي تدفع الشباب العربي المسلم للتحول الى إرهابيين عبر ظروف عدة مجتمعة تهدف الى التوقف أمام أسباب هذه الظاهرة اللعينة والبدء في إيجاد العلاج.

فالارهاب ليس علاجه أمنيا فقط. وكل الدول التي تحارب الارهاب ومنها مصر تعرف في استراتيجيتها أن المواجهة الامنية شىء أساسي مع الإرهاب لكنها ليست كل شىء فهناك مواجهة اقتصادية وإعلامية ودينية ومجتمعية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط