الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الحب!


الحب ليس مجرد كلمة ينطق بها اللسان أو تهمس بها الشفاه، ولكنه تفاعل ينقل صاحبه إلى مراتب علا، ينقل صاحبة من الأثرة إلى الإيثار، يصنع حالة من التضحية، تحول بين المحب والأنانية، التي تسيطر على كثير من البشر والكم الأكبر من الناس. 

الحب يجعل هناك هدفا واحدا للمحب، هو سعادة محبوبه، سعادة لا يحدها هذا الفهم الضيق، الذي يظنه من لم يخض تجربة الحب الكاملة، سعادة المحبوب هي الهدف الأسمى والارقى لمن نفث الحب في قلبه حرارته، وبعث الحب في فؤاده نسماته، وعزف الحب في مهجته سيمفونيته الخالدة. 

الحب يحول بين المحب ونواقص البشر، يجعل المحب هو الإنسان الكامل، ذلك المخلوق الذي لم يكن يوما موجودا بين الناس ولا على الارض، ولكنه كان هناك في عالم الروح يسبح، وفي عالم الأنوار يشع، وفي الفضاءات اللانهائية ينشد المطلق، وفي تلك الحدائق الغناءة يشدو لحنا عذبا غير مسبوق ولا ملحوق لأنه لحن الحياة الخاصة غير المكررة ولا الشبيهة لغيرها من الحيوات، والمحب يرجع فضل تلك الحالة لمحبوبه الذي نظمه في العقد الفريد لهؤلاء الهائمين في عوالم اللامحدود وفي الدنا النورانية. 

إن المحب في حالة بذل دائمة وعطاء لا ينقطع، وهذا البذل وذلك العطاء، خالد دوما لأنه من الروح الخالدة يبذل ومن القلب يعطي، والمحب في عطائه وبذله لا ينتظر مقابل، ولا يبغى ثناء، ولا ينشد شكرا، لأنه يجد السعادة، ويحقق وجوده من خلال هذا العطاء، ومن الإحساس بسعادة المحبوب التي هي غايته ومنتهى أمله. 

كم من محب هائم لم يرتبط برابط مادي بمحبوبه، ومع ذلك منح من مهجته وروحه كل ما فيهما من طاقة وحب، كثيرون هم - على مر التاريخ - هؤلاء المحبون الذين راقبوا محبوبهم آملين أن يلمحوا في عينيه سعادة، أو على شفاهه بسمة رضا. 

لم يمنع البعاد المحبين يوما من أن يسعوا بكل ما يملكون من طاقة خلاقة في أن يصبغوا حياة احبائهم بالسعادة والرضا، وذلك فقط لأنهم أحبوا بصدق وبذلوا عن رضا واعطوا من قلب مفعم بآيات الجمال والجلال لمحبوب استحق كل ما هو جميل، واستحق كل ما هو عند المحب من أمل في السعادة نبيل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط