الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحل قد يتحول إلى مشكلة.. حرمان الطفل الثالث من الدعم ينذر بكارثة

صدى البلد

رفع الدعم عن الطفل الثالث، فكرة طرحها النائب محمد المسعود، عضو البرلمان، والذي تقدم في شهر يناير من العام الجاري بمقترح لمشروع قانون "تنظيم الأسرة"؛ وذلك بهدف مكافحة الزيادة السكانية، ووضع حلول رادعه لها.

المقترح لاقى قبولا ودعما من بعض النواب منهم أحمد رفعت عضو مجلس النواب عن دائرة قويسنا بالمنوفيه، و النائب محمد أبو المجد المصرى عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب.

الصين فعلتها.. والنتيجة

وضع المقترح عقوبات على الأسر بهدف الحث على تخفيض معدلات الإنجاب؛ ما يؤدي بدوره إلى مكافحة الزيادة السكانية، وهو منهاج اتبعته دول أشهرها الصين منذ عام 1978 وحتى عام 2015 وتتمثل في حرمان الطفل الثاني من كافة الخدمات التي تقدمها الدولة من خدمات تعليمية وصحية فضلا عن حرمانه من حقوق المواطنة مثل حرمانه في الحق في الانتخاب؛ وقد نتج عن هذه السياسة خفض معدلات الإنجاب ولكن ظهرت مشاكل أخرى منها الخلل في النوع الاجتماعي وزيادة أعداد كبار السن مقابل نقص الطاقة الإنتاجية الشابة.


جاء في المقترح الذي تقدم به النائب محمد المسعود برفع الدعم عن الطفل الثالث "وذلك من كل صور الدعم التي تقدمها الدولة"، وقدم النائب مشروع قانون به 13 مادة من ضمن مواده تأسيس مجلس قومى لرعاية الأسر المتميزة؛ الملتزمة بإنجاب طفلين، ومن مهام المجلس اقتراح الحوافز والتيسيرات المادة والمعنوية المشجعه على تنظيم النسل، علاوة على اقتراح التشريعات والقرارات الهادفه للحد من الزيادة السكانية، فضلا عن وضع السياسات الإعلامية والتثقيفية للتوعية بالمشكلة بالتالي الحد منها.
البرلمان والحكومة يرفضان.

نتائج عكسية وآثار جانبية 

من جانبه قال النائب محمد أبوحامد، عضو لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، في تصريحاته ل"صدى البلد" إن المقترح تقدم به كلا من النائبين محمد المسعود وغادة عجمي بهدف حرمان الطفل الثالث من الدعم والحصول على الخدمات الحكومية وعند طرحه للنقاش في لجنة التضامن الاجتماعي تم رفض المقترح من جميع أعضاء اللجنة لأنه غير دستوري وبه تمييز، وعندما تم استطلاع رأي وزارة العدل وباقي الوزارات حصلنا على نفس الرد بأن هذا المقترح غير دستوري لمخالفته لبنود المواد 16 و17 و18 و53 من الدستور".


وأضاف أبوحامد أن حرمان الأطفال من الدعم والحصول على منظومة الخدمات الأخرى سوف ينتج عنه مشاكل أخرى منها التسرب من التعليم وانتشار الأميه وعمالة الأطفال، وانتشار الأمراض نظرا لعدم حصولهم على التطعيمات، وأيضا زيادة معدلات الزواج المبكر، كما أنه قد ينتج عنه عدم تسجيل المواليد بالتالي تكون قواعد البيانات غير دقيقة، وهو ما تم عرضه على النواب المتقدمين بمشروع القانون الذي تم رفضه.

الطفل الرابع مستهدف أيضا 

ولا يعتبر هذا المقترح هو الأول والهادف إلى وضع إجراءات عقابية بهدف خفض معدلات الإنجاب، فقد سبقه مقترح تقدمت به من قبل النائبة غادة عجمي في شهر مايو عام 2017، وتمكنت من جمع توقيعات ما يزيد عن 60 نائبا في البرلمان بهدف رفع الدعم عن الطفل الرابع، سواء في التعليم والصحة وغيرهما.

ولا يعتبر مشروع القانون الذي تم رفضه الأول في سياق التوجه نحو وضع تشريعات تشجع على التزام الأسر بإنجاب طفلين؛ لأن قانون العمل الحالي الذي وافق عليه البرلمان وأقره بموافقة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق، أقر في المادة 91 بعدم استحقاق إجازة الوضع أكثر من مرتين خلال مدة العمل، وذلك بهدف التشجيع على خفض معدلات الإنجاب


إلا أن مقترح وضع إجراءات عقابية على توجه الأسرة لإنجاب ما يزيد عن طفلين أثار رفض عدد من نواب البرلمان ومنهم النائبة جليلة عثمان، والنائب علاء عابد، والذين عبروا عن رأيهم في تصريحات صحفية وحوارات تلفزيونية.

عدد السكان مقابل الإنفاق

وفي المؤتمر الذي نظمه جهاز التعبئة العامة والإحصاء في نهاية شهر سبتمبر من عام 2017 أعلن عن إن عدد المصريين داخل البلاد بلغ 94.8 مليون نسمة، فيما بلغ عددهم بالخارج 9.4 مليون نسمة ليصبح الإجمالي 104.2 مليون نسمة. وبذلك تحتل مصر المرتبة الـ13 من بين الدول الأكثر سكانا على مستوى العالم، وتعد القاهرة هي أكبر محافظات مصر سكانا بإجمالي عدد سكان 9.5 ملايين نسمة.

وفقا للبيان المالى للموازنة العامة للدولة لعام 2017-2018 المقدم للبرلمان من وزارة المالية في شهر مايو عام 2017 فإن المصروفات زادت عن العام المالى 2016/2017 بمبلغ 231 مليارا و236 مليون جنيه 

وبلغت الأجور وتعويضات العاملين فى الموازنة 239 مليارا و555 مليون جنيه بزيادة قدرها بزيادة قدرها 10 مليارات و820 مليونا عن العام المالى 2016/2017 وبلغ بند شراء السلع والخدمات نحو 51 مليارا و565 مليون جنيه فى الموازنة بزيادة 9 مليارات و262 مليون جنيه عن العام المالى السابق 


وأشار البيان أيضا إلى أن بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بلغ فى الموازنة 332 مليارا و727 مليون جنيه بزيادة قدرها 126 مليارا و303 ملايين جنيه عن العام المالى السابق، كما أن دعم الأدوية وألبان الأطفال فى مشروع الموازنة نحو 600 مليون جنيه فيما بلغ دعم شركات المياه نحو مليار جنيها.

التشجيع على عمالة الأطفال

علق دكتور أيمن السيد عبدالوهاب، رئيس تحرير دورية "أحوال مصرية" والخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية قائلا ل"صدى البلد" إن انتهاج المنهج العقابي نحو المشكلة السكانية ليس حل مثالي ولا يمكن أن يكون حل رادع خصوصا في الحالة المصرية، ومن المهم قبل وضع حلول دراسة الوضع ومعرفة من هي الشرائح المستهدفة بهذا الإجراء وهل يمثل نوع من الردع أم لا؟.

وأضاف أن الخبرة السابقة تقول إن الأوقات التي نجحت مصر فيها في خفض معدلات الإنجاب كان مرتبط بأمرين هما زيادة نسبة الوعي وتوفير وسائل تنظيم الأسرة بشكل مجاني على نطاق جغرافي واسع؛ ما نتج عنه تخفيض الإنجاب، بالتالي العقاب لن يكون رادعا.


كما أوضح أن شرائح واسعة من المتسببه في مشكلة الزيادة السكانية لا تستهدف تعليم أبنائها بل تعتبرهم مصدرا لكسب الرزق من خلال دفعهم للعمل في سن مبكرة؛ بالتالي هنا يحقق لهم القانون المقترح هدفهم، لذلك لابد من دراسة أسباب وعوامل الزيادة السكانية في مصر.

وشدد على ضرورة وجود منظومة متكاملة للعمل على قضية الزيادة السكانية والتعامل معها في سياق أنها قضية موارد وليست عبئا.