الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البحوث الإسلامية يوضح الميقات المكاني للحج لكل بلاد العالم.. والمفتي السابق: يجب الإحرام منه.. والسهو يستلزم «الذبح»

الحج
الحج

علي جمعة:
شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.. توقيت الإحرام الزماني
من تجاوز الميقات المكاني ولم يحرم وجب عليه «الذبح»
البحوث الإسلامية:
«ذات عرق».. الميقات المكاني لأهل المشرق 
«الجحفة» ميقات أهل المغرب ومصر والسودان 

خص الله سبحانه تعالى الحج بزمان معين ومكان محدد، فجعل زمانه أشهر الحج، قال تعالى: «الحج أشهر معلومات» (البقرة:197)، وجعل مكانه مكة المكرمة البلد الحرام، قال تعالى: «جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس» (المائدة:97).

وأقام الله تعالى مواقيت مكانية ليحرم عندها من قصد البيت حاجًا أو معتمرًا، وقد أوضحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشكل مفصل ومحدد، فجعل لكل جهة من الجهات ميقاتًا للإحرام.. ويرصد «صدى البلد» في هذا التحقيق الميقات المكاني لأهل كل بلد، وكفارة تجازوه.

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الإحرام للحج من الميقات هو أن يُجعَلَ للشيءِ وقتٌ يَختَصُّ به، ثُمَّ تُوُسِّعَ فيه فأُطلِقَ على المكانِ أيضًا.

وأضاف «جمعة» أنه يُطلَقُ على الحَدِّ المُحَدِّدِ للشيءِ، والذي نَقصِدُه في الشَّرعِ بالمواقيتِ أنها: مواضع وأزمنة معيَّنة لعبادة مخصوصة، مشيرًا إلى أنه يجبُ على المسلمِ أن يُحرِمَ من الميقاتِ، فإن جاوَزَ الميقاتَ المكانيَّ فَدى -ذبح شاة-، وإن أَحرَمَ قَبلَ الميقاتِ الزمانيِّ فَدى.

وأوضح المفتي السابق، أن الميقات الزماني: وهو الزَّمَنُ الذي يُحرِمُ فيه الحاجُّ بالحجِّ، وهو شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وليس المُرادُ أنَّ جميعَ هذا الزمنِ الذي ذكروه وقتٌ لجوازِ الإحرام، بل المُرادُ أنَّ بعضَ هذا الزمنَ وقتٌ لجوازِ ابتداءِ الإحرامِ، وهو من شوّال إلى طُلوعِ فجرِ يومِ النَّحرِ، وبعضُه وقتٌ لجوازِ التَّحَلُّلِ، وهو مِن فَجرِ يومِ النَّحرِ.

وأشار إلى أن الميقات المكاني: المُحرِمُ إمّا أن يكونَ آفاقيًا أو ميقاتيًّا أو حَرَمِيًّا، وإذا تَجاوزَ الحاجُّ الميقاتَ المكانيَّ ولم يُحرِم بعدُ فليُحرِم، وعليه شاةٌ جذعةٌ من الضّأنِ أو ثَنِيّة من الماعز، تُذبَحُ وتُوَزَّعُ على فقراءِ الحَرَمِ.

ميقات كل بلد:

وأكد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدد لأهل المدينة المنورة -شمال البيت الحرام- ميقات «ذي الحليفة، والحليفة نبات معروف»، وسمي المكان بـ«ذي الحليفة» لكثرة ذلك النبات فيه؛ وهو أبعد المواقيت عن مكة، إذ يبعد عنها أربعمائة كيلو مترٍ تقريبًا؛ ويعرف اليوم بأبيار علي.

ولفت «الجندي» إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل ميقات أهل المغرب ومصر والسودان وعموم إفريقيا "الجحفة" وهي قرية قديمة جرفها السيل فزالت، وحل بها الوباء الذي دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الله أن ينتقل من المدينة إلى الجحفة في قوله: «اللهم انقل حُمَّاها - أي حُمَّى المدينة - إلى الجحفة» رواه البخاري، لأنها كانت بلاد غير مسلمة، ولما خربت الجحفة وصارت مكانًا غير مناسب للحجاج، اتخذ الناس بدلها ميقات رابغ، ومنه يُحرم الحجيج اليوم، وهو أبعد من الجحفة قليلًا عن مكة، ويبعد عنها مسافة 183 كيلو مترا تقريبًا.

ونوه المفكر الإسلامي، بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خص ميقات أهل الجنوب ومن كان قادمًا من جهتهم «يلملم» وهو اسم لتلك المنطقة، والمكان معروف ويسمى اليوم بـ«السعدية» ويبعد عن مكة مسافة مائة وعشرين كيلو مترًا تقريبًا.

واستطرد: وبيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن ميقات أهل المشرق هو «ذات عرق» وهو لأهل العراق وإيران ومن كان في جهتهم، وسمي بـ«ذات عرق»، لأنه يقع على مقربة من جبل صغير بطول اثنين كيلو متر، ويبعد عن مكة شرقًا مسافة قدرها 100 كيلو متر تقريبًا، وهو اليوم مهجور، لعدم وجود طرق إليه؛ وبجواره «العقيق» وهو واد عظيم، يبعد عن ذات عرق عشرين كيلو مترًا، وعن مكة عشرين ومائة كيلو مترا، منه يحرم الناس اليوم، ويسمى «الضَّريبة».

واعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم- «قرن المنازل» ميقاتًا خاصًا لأهل نجد وهو ويبعد عن مكة 75 كيلو مترًا، ويعرف اليوم بـ«السيل» وهو قريب من الطائف.

ورأى الفقهاء أن من كان موطنه دون هذه المواقيت، فإحرامه من مكانه الذي هو فيه لحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا». متفق عليه.

وبين أن هذه مواقيت لمن يريد العمرة، إلا أهل مكة فميقاتهم أدنى الحل، يخرج من مكة ويحرم من هناك، وأقربه هو «التنعيم» أو مسجد السيدة عائشة -رضي الله عنها-، منبهًا على أن من تجاوز الميقات دون إحرام وجب عليه أن يعود ليحرم منه وإلا وجب عليه دم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.‏

واستكمل: قال الشافعية إن من سلك طريقا لا تنتهي إلى ميقات أحرم من محاذاته، فإن حاذى ميقاتين أحرم من محاذاة أقربهما إليه، فإن استويا في القرب إليه أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة.‏ «وإن لم يحاذ ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة، أي مسافة قصر «حوالى ‏80 كم».