الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معالى الوزيرة!


الضجة التى أثارتها مواقع التواصل الاجتماعى حول "أفكار" الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة وقراراتها لم تشغلنى إلي الحد الذى يدفعنى إلي التفكير فى قيمة وأهمية هذه القرارات أو تقييم موقف معالى الوزيرة ورؤيتها فى إصلاح منظومة الصحة الفاشلة والفاسدة فى مجتمعنا المحاصَر بالأمراض والأعطاب فى كل شئ .

وإنما انطلقت من هذا الجدل الواسع إلي نقطة جوهرية فى الموضوع تتمثل فى كيفية وضع استراتيجية دقيقة وسريعة لأزمات المستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء، فضلا عن المأساة الكبرى التى يلعب بطولتها أطباؤنا وطواقم التمريض وموظفى الحسابات والشئون المالية، علما بأن هذه الفئة الأخيرة تنفذ فى صرامة وقسوة تعليمات المسئولين الكبار بجمع المال من جيوب الفقراء وذوى العلل والآلام دون اعتبارات إنسانية .. ولايحصلون رغم ذلك على الخدمة الصحية العادلة!.

لقد طرحت "معالى الوزيرة" فكرة السلام الجمهورى فى أرجاء المستشفيات لترسيخ الانتماء فى نفوس العاملين وتحفيزهم علي تخفيف معاناة المرضى، غير أن ما يزرع الانتماء فى الأساس هو أن يشعر العاملون أولا بالأمان المادى والاجتماعى وهم يمارسون أدوارهم ويؤدون واجبهم - كل فى تخصصه وموقعه - ومن ثم يتعين على الوزارة الإسراع فى إعادة تشكيل كادر الأطباء وتنفيذ آلية لتحسين رواتبهم ومكافآتهم ومضاعفة حوافز الورديات الليلية وحالات الطوارئ والعمليات بما يساعد فى الارتقاء بأدائهم لإنقاذ المرضى وإسعافهم بالصورة الإنسانية والطبية المُثلى.

ثم تعكف الوزارة على تطوير أماكن العلاج التى ضربها الإهمال وترهل المرافق وسوء التنظيم لعقود طويلة ومريرة، ولا يتسنى ذلك إلا برقابة صارمة وصادقة من مفتشى الصحة ذوى الضمائر الحية واليقظة المهنية، ويتم انتقاؤهم وفقا لمعايير وشروط قاسية .. ولا مانع من تمييزهم ماديا ضمانا لنزاهتهم والتزامهم بالقواعد والضوابط المقررة من الوزارة، وسهرهم علي راحة المواطنين ليلا ونهارا .. وأعتقد أن وفرة من الانتماء سنلمسها عندئذ تفوق ما يمكن أن تجنيه أنغام السلام الجمهورى أو كلمات النشيد الوطنى .. أو حتي ألحان أعظم السيمفونيات العالمية!.

وثمة زاوية أخرى فى المشهد ننتظر من معالي الوزيرة الالتفات إليها بعد أن استشرت ظاهرة المستشفيات الاستثمارية وفضائحها وكواليس البزنس المريبة فى غرفها المغلقة، ومن المؤكد أن في الجراب كيانات أخرى ومشروعات صحية كبري تحولت إلى أوكار تربح يسودها "سماسرة موت" و "تجار مرض"، وتلك كارثة طبية وإنسانية بامتياز تقتضى من وزارة الصحة بكل قطاعاتها وكوادرها التدخل والقدرة علي الفعل وتصحيح المسار، حتى وإن كانت لاتملك الوزارة السيطرة الكاملة علي إدارة المستشفيات الخاصة ذات الصبغة الاستثمارية.. فيكفيها شرف المحاولة والجهد الأمين فى تحجيم هذا الورم الخبيث بعد أن صار أكثر خطورة وشراسة من "لوكيميا" القدر!.

- فيا معالي الوزيرة .. تلك روشتة مجانية من عقل وقلب مواطن غيور علي صحة أبناء وطنه وسُمعة بلده .. وأرجو أن تنجحى - مع من حولك - فى صرفها من "صيدليات" الرحمة والمسئولية وشرف مهنة الطب، والمسألة تتوقف على التطبيق الفورى دون عقبات أو أيدٍ مرتعشة .. ووقتها نستطيع أن نستمتع جميعا بلحظات "السلام النفسى والصحى" .. مع "السلام الجمهورى"!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط