الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أماني الليثي تكتب: أول من بشر النبي بالرسالة مسيحي

أماني الليثي
أماني الليثي

كعادته خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى غار حراء بمكة المكرمة بعيدًا عن أعين الناس منقطعًا في الغار يعبد الله ويناجيه قبل أن يكون نبيًا.. وفجأة إذا بجبريل -عليه السلام- ينزل عليه على صورة رجل وهو يقول للنبي: اقرأ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف الكتابة ولا القراءة، فخاف وارتعد ورد على الرجل «سيدنا جبريل»: ما أنا بقارئ. 

وإذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه بشدة، ثم يتركه ويقول له: اقرأ، فقال محمد صلي الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، وتكرر ذلك ثلاث مرات.

فقال جبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم}، فكانت هذه الآيات هي أولى الآيات التي نزلت على رسول الله من القرآن الكريم في شهر رمضان ووكان عمره أربعون عامًا حينها، ثم ترك جبريل النبي صلي الله عليه وسلم وانصرف.

عاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعًا فزعا، ثم رقد في فراشه وهو يرتعد، ويطلب من زوجته السيدة خديجة بنت خويلد أن تغطيه قائلا: (زملونى، زملوني) وحكى لها ما رآه وحصل معه في الغار، فطمأنته السيدة خديجة، وقالت له: إن الله لن يخزيك أبدا، إنك لتصل الأرحام وتحمل الضعيف وتُكسب المعدوم...، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قالته السيدة خديجة، زال عنه الخوف واطمأن قلبه.

ثم اصطحبت السيدة خديجة النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به إلى ابن عم لها اسمه «ورقة بن نوفل» وكان ورقة على معرفة وعلم بالديانة المسيحية، بل إن العديد من المصادر تؤكد أنه كان نصراني من أهل الكتاب.

فقالت خديجة بنت خويلد لورقة: يا ابن العم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بالذي حدث في غار حراء وقصته مع الرجل الغريب الذي دخل عليه الغار وهو لا يعرف أنه (جبريل عليه السلام)، فلما سمعه ورقة قال: هذا الناموس الذي كان ينزل على النبي موسى، ثم أخبره ورقة أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره، ويكون بجانبه عندما يعاده ويحاربه قومه، ويُخرجونه من مكة، فلما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال تعجب وسأله قائلا: أو مُخرجيَّ هم؟ فقال له: نعم، لم يأتِ أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ.

وبعد فترة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي فسمع صوتا من السماء عندها رفع وجهه إلى السماء، رأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسًا على كرسي بين الأرض والسماء ، فخاف وارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة وهول المنظر، وأسرع إلى بيته، وطلب من زوجته خديجة أن تغطيه، قائلا: دثروني . دثروني، وإذا بجبريل يتلوا الآيات التي وجهها الله إليه : {يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر}، وفي هذه الآيات تكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.

وتؤكد المصادر وأمهات الكتب الإسلامية أن ورقة بن نوفل هو أحد الأربعة الذين اجتمعوا في يوم احتفال قريش بصنم من أصنامهم وتحدثوا فيما بينهم، واجتمعت كلمتهم على أن قريشًا انحرفت عن دين إبراهيم عليه السلام، وأنه لا معنى لعبادة الأصنام، وانطلقوا يبحثون عن دين إبراهيم الصحيح، وهؤلاء هم: ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل.

فأما ورقة فهو قد تنصر وقرأ ما وجد من كتب الأقدمين فاستقر على النصرانية وكان من علمائها، وأما عثمان بن الحويرث فتنصر وذهب إلى قيصر فأقام عنده حتى هلك، وأما زيد بن نفيل فكان بمكة متمسكًا بما يظن أنه دين إبراهيم الصحيح حتى توفي، وأما عبيد الله بن جحش فأدرك الإسلام وأسلم وهاجر إلى الحبشة بزوجته -أم المؤمنين فيما بعد- رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، فارتد هناك وتنصر إلى أن هلك.

وبعدما أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة كان ورقة شيخًا كبيرًا قد عمي -كما قال الذهبي - فذهبت إليه خديجة فأخبرته بما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وكيف جاءه جبريل عليه السلام كما أخبرها الرسول صلى الله عليه وسلم.

وروى الترمذي عن عائشة قالت: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ورقة فقالت له خديجة: إنه كان صدقك، وإنه مات قبل أن تظهر، فقال: رأيته في المنام وعليه ثياب بيض، ولو كان من أهل النار لرأيت عليه ثيابًا غير ذلك.

وعن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت لورقة جنة أو جنتين.