الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فهمي عمر يروي كواليس تقديمه البيان الأول لثورة يوليو.. صور

صدى البلد

"هنا القاهرة إليكم الآن أولى النشرات الإخبارية، لهذا اليوم نستهله ببيان من القيادة العامة للقوات المسلحة يلقيه مندوب القيادة السيد محمد أنور السادات".. كلمات ألقاها الإعلامي القدير فهمي عمر الرئيس الأسبق للإذاعة المصرية بصوت عميق، في الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الأربعاء الموافق 23 يوليو عام 1952، كمقدمة لبيان ثورة يوليو الذي أذاعه الرئيس الراحل السادات بصوته، معلنًا البيان الأول لمجلس قيادة الثورة آنذاك.

بلهجة صعيدية أصيلة يحكي الرئيس الأسبق للإذاعة المصرية لـ"صدى البلد"، كواليس إلقاء البيان الأول للثورة لكونه المذيع الأوحد، الذي أذاع مقدمة البيان داخل استديوهات الإذاعة المصرية "أنا كنت المذيع اللي كان عليه افتتاح الإذاعة يوم الأربعاء من كل أسبوع، وتصادف أن اليوم ده موافق ليوم الثورة، ولهذا استقبلت بيان الثورة وعشت لحظته المجيدة، الموضوع كان مفاجئا ومش مترتب والصدفة لعبت دورا في إني أكون مقدم أول بيان لقيادة الثورة في نشرة الأخبار الصباحية".

وبحسب "عمر" كانت تعمل الإذاعة المصرية لمدة 12 ساعة في اليوم على فترات متقطعة منذ الساعة 6:30 صباحًا حتى 12 مساءً على مدد منفصلة بمدار اليوم، وكانت توجد محطة إذاعية واحدة بخلاف ما هو الآن.

يتذكر فهمي أنه في الساعة 6:30 من صباح يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1953 انتظر عربة الإذاعة لتوصيله إلى مكان عمله في شارع الشريفين بالقرب من قصر عابدين حيث كان مقر الإذاعة المصرية آنذاك، إلا أنها لم تأت فاضطر إلى ركوب تاكسي للوصول إلى الإذاعة، ليتفاجأ بأعداد غفيرة من قوات الجيش، تحاوط مبنى الإذاعة وقامت بمنعه من دخول مقر الإذاعة، مضيفا، اليوم ده العساكر والضباط كانوا مترصصين في كل حتة، أنا ساعتها قولت في حاجة حصلت في البلد بس مكنتش عارف إيه هي، حاولت أدخل المبنى بس منعوني وقتها لدواعي أمنية وعسكرية".

وفور إيقافه ومنعه من دخول الإذاعة عرف فهمي عمر نفسه إلى الضابط المتواجد بمقر الراديو المصري، ليصطحبه من يده بكل ترحاب إلى مقر الاستديوهات الإذاعية بشارع علوي، التي تحولت إلى مقر رئيسي للبنك الأهلي حاليًا، ليصعد هو ومجموعة من الضباط والعساكر ليجد ضابطا كان يعرفه أغلب الشبان في ذلك الوقت وهو الضابط محمد أنور السادات، "أول ما وصلت استوديوهات الإذاعة لقيت أنور السادات كنا نسمع عنه وإحنا شباب بس مكناش نعرفه شكلًا، سلم علي ورحب بي وطمأني لأني كنت مخضوض من الرتب اللي حواليه، وقلت يا رب هو في إيه النهاردة، لكن قلبي حدثني أن السادات والضابط مجوش وحاصروا الإذاعة، إلا عشان يصححوا الأوضاع ويحققوا مما كان يدور في صدورنا كشعب من إجلاء الإنجليز عن البلد".

وبصوت متحمس وصف رئيس الإذاعة الأسبق حديثه مع الرئيس السادات أحد ضباط الأحرار آنذاك، قائلًا: "السادات بلغني أن عنده بيانات من القوات المسلحة هيذيعها أول ما أفتح الإذاعة الساعة ستة ونص لإلقاء أول بيان لمجلس قيادة الثورة".

دخل فهمي والسادات إلى الاستوديو استعدادًا لإذاعة البيان المرتقب، وكانت المفاجأة أنه في الساعة السادسة ونصف انقطع الإرسال من المحطات في أبو زعبل، بأوامر من الملك ووزير الداخلية مرتضى المراغي ومحافظ القاهرة كامل القاويش، ليبلغ "عمر" ملقى البيان أنور السادات بأنه تم قطع الإرسال عن عمد، ليرفع أنور سماعة الهاتف ويتحدث مع المسئولين في قيادة الثورة، ليعود الإرسال مرة أخرى في الساعة السابعة والنصف صباحًا إلا ثلاث دقائق.

وفي لحظة عودة الإرسال قال السادات لـ"فهمي" المذيع الشاب آنذاك بأن يفتتح البيان قبل إلقائه كأول خبر في نشرة الأخبار الصباحية، وبعد إذاعة مقدمة البيان خرج صوت الرئيس الراحل أنور السادات قويًا معبرًا ليلقي بيانه الشهير لإعلان ثورة الثالث والعشرين من يوليو، بحسب رواية رئيس الإذاعة الأسبق.

وحين أشارت عقارب الساعة نحو الثامنة والنصف صباحًا، أغلق فهمي المحطة الإذاعية، وتوجه إلى مكتبه بمقر الإذاعة بشارع الشريفين ليرى فرحة  عارمة اجتاحت كافة أرجاء القاهرة ووسط المدينة، حيث وزع أصحاب المطاعم والمقاهي الشاي والمأكولات على الجنود المحيطين بمبنى الإذاعة، والجميع كانوا يهتفون تحيا مصر وتحيا الثورة، ليبدأ فصل جديد في تاريخ المصري الحديث، كما وصف الإعلامي فهمي عمر.