الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا تولد الأزمة؟ وكيف تموت؟


الفكرة الأزمة...لا شك أن أى أزمة ناشئة عن فكرة شاءت أن تتحرر من حالة السكون إلى الحركة بعشوائية؛ كى يصعُب التنبؤ بلحظة ميلادها ومراحل نموها وسلوكها، وهنا أود تضييق المنظور وتركيز الفكرة لأتحدث عن الأزمات الناتجة عن فقر البيانات وندرة المعلومات والعوز المعرفى الناتج عنهما.

ماقبل ميلاد الأزمة... مرحلة تجهيز التربة – المستنقع – التى تولد فيه الأزمة وتتابع مسيرتها نحو تحقيق غاياتها وأهدافها الخبيثة، ولكى نتعرف كيف تصل الأزمة لأهدافها وتحقق طموحاتها، لابد من المرور على عدة مراحل.

الميلاد...تُنتج البيئة الأزماتية المواتية أزمات متتالية أخوة فرادى وتوائم من مجتمع الآباء والأمهات غير المنظم فى سياق اجتماعى سوى، فلا عقود مقننة للتزاوج ولا امكانية اثبات نسب إحدى تلك الأزمات لأبوين معينين، ولا يمكن لأى أم التعرف على وليدها من فرط العشوائية وطفرة المواليد، وبهذا يفقد ذلك السياق صفة المجتمع التى ذكرتها أعلاه للمقارنة فقط، وإنما فى تلك الحالة أستطيع أن أصف تلك الظاهرة بمصطلح (ضد مجتمع).

الطفولة والنشأة...الأزمة فى طفولتها تدور فى فلك أبويها كتابع لهم تتغذى وتراقب وتتعلم وتقلد وتكتسب صفات عديدة بالاضافة إلى تلك الموروثة فى جيناتها بالميلاد.

المراهقة... أزمة قلِقة تتخبط تتلمس طريقها، عنيدة، تتبادل مواقعها ما بين السكون والحركة فى عشوائية مفرطة، ودون خطة أو شريط جينى سابق التعريف. 

البلوغ والنضج...مرحلة تتمكن فيها الأزمة من انجاب وانتاج مثيلتها من الأزمات تتربى فى كنفها وتكتسب صفاتها الوراثية من المراوغة والخبث والتخفى بطرق شتى هروبًا من الحل الذى هو بمثابة المضاد الحيوى لها.

الشيخوخة...عند تلك المرحلة تكون وصلت الأزمة لأوج مرحلة الخبرة والدهاء والفعالية وحصد الثمار فى مقابل قمة الفشل للحلول المجابهة ومضادات الأزمات وجهاز المناعة الأزماتى.

الوفاة...فقدان الأزمة لنشاطها وفعاليتها لكن مكوناتها موجودة وفى حالة تفكك وانعدام نشاط، كالإنسان الميت.

الفناء... يختلف طور الفناء فى دورة حياة الأزمة عن الموت فالموت هو فقدان الأزمة نشاطها، فى حين تبقى موادها الخام ومكوناتها مكدسة لارابط عضوى بينها أو حياه تجمعها فى قالب واحد، أما الفناء فيتحقق عندما لايبقى أثر للأزمة أو مسبباتها أو أى خطوة كمحاولة للحل، الإنسان حال تحلل جسده كجزء فى مادة الأرض.

الأزمة ليست كما تبدو لك ...دائما هناك جزء غير مرئى من الأزمة وهى صفة لصيقة بكل أنواع الأزمات، خاصة فى دول العالم النامى؛ بسبب نقص المعرفة اجمالًا، وأخطاء منهجية تحليل البيانات حال توافرها كاملة – أصلًا - فى أغلب الأحوال على سبيل التفصيل.

الأزمة كمركب عضوى...مثل الجسم البشرى تتكون الأزمة عادة من عناصر عدةأهمها مايلى:
البيئة، فالأزمة بنت بيئتها حتمًا تستمد مادتها الخام منها ومغذياتها الأساسية، القيم التى تحرك الأزمة، (المبادئ الأساسية)، سلوك الأزمة، تصاعدية/ تناقصية أى على علاقه طردية أم عكسية مع الزمن، قوى الجذب والطرد الأزماتية، هل تجذب تلك الأزمة أمثالها من الأزمات؟ أم تتنازل عن أجزاء عضوية منها لصالح أزمات أخرى... بمعنى آخر تخلق تكتلات مع مثيلاتها أم تتفكك وتتلاشى مع الزمن.

التكنولوجيا والأزمات... عملت التكنولوجيا على توحيد الأزمات وتنميطها وابطال مفعول الجغرافيا، فمثلا كانت الجرائم فى السابق تأخذ نمطًا مغايرًا فى الريف عنه فى الحضر، إلا أن من مساوئ التكنولوجيا سرعة تداول المفاهيم والأدوات فى كل مجال وكان للجريمة الحظ من تلك السرعة وذاك التداول، فلا أضحى الريف هادئًا كما كان بالأمس القريب ولا المدينة مضيئه كما نرجو ونأمل...فأصبحنا نبحث عن كيفية تأسيس ريف جديد، ومدينة جديدة أيضًا...وأكثر ما أخشاه أن يتم بناؤهم بنفس الأدوات والمفاهيم ولكن بمسميات أكثر حداثه لكن مصدرها واحد...فنعيد الكره ونغلق الدائرة على أنفسنا...فهل إلى خروج من سبيل؟!.

التكلفة والعائد... لا يوجد حل مجانى، فعلى حجم الأزمة تكون تكلفة الحلول، وللحفاظ على حالة انعدام الأزمة يلزم تبنى منهج الحلول الوقائية وهى أكثر كُلفة، وأستطيع القول أنها ليست فى متناول أى من دول العالم الثالث، لأنى ببساطة أستطيع تسميتها (رفاهية حلول)، يستحيل الوصول إليها الآن على الأقل لوجود أولويات أكثر الحاحًا تفرض نفسها على المسرح التنموى وحلولها فى متناولنا أى على أكثر تقدير تحت سقف طوحاتنا.

ثنائية الصراع (الأزمة والحل)...مثل القط والفأر تراوغ الأزمة الحل، ولكل منهما استراتيجيته فى اللعب وتكتيكه وأدواته، إلا أنهم لا غنى لأحدهم عن الآخر فى دنيا البشر، لكن خلق التوزان يكون فى تركيز الجرعة من كليهما.

الأزمة بمنظور فوقى Bird eye... لا يستقيم أثناء حلى لمشكلة الاختناق المرورى وسط القاهرة العاصمة أن أمشى وسط المارة والسيارات بالشارع، لكن ينبغى ويتحتم علي الصعود لنقطة عالية برج القاهرة مثلًا، أو الاستعانة بتصوير من نقاط عالية أو تصوير جوى؛ لإدراك المشكلة والوقوف على حجمها وتأثيرها واستنتاج مسبباتها أو التعرف عليها.

صلاحية الحلول... حتمًا لكل مشكلة حل وهكذا لكل أزمة تحليل وصولًا لتشخيص مثالى أو هو أقرب لحل فعال فى الأخير، لكن يجب توخى الحذر من مدى صلاحية الحلول من خلال التعرف على ماضى الأزمة وحاضرها وبالتبعية استشراف مستقبلها، فينبغى مواكبة ديناميكية الحلول بهدف قطع الطريق على الأزمة أثناء نموها.

الخلاصة: كل بلد سيتشكل مستقبله وفقًا لما يُنتجه عقله الجمعى من حلول واقعية فعالة ومستدامة لكافة المشاكل والأزمات التى تطرق أبوابه، أو تقتحم نوافذه المختلفة، أو تخترق حوائطه عبر الكابلات، أو تفكك نسيجه وتضعف مناعته المجتمعية، أو تجبره على تأجيل الحلول بإقحامه فى أزمات فرعيه، أو ترفع عليه تكلفة الحلول الوقائية قبل كل ماسبق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط