الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حنان نجم تكتب: التكلفة الغارقة (sunken cost)


في علم المال والأعمال هناك مصطلح "التكلفة الغارقة" ، ويقصدون به الخسارة التي تحققت في مشروع ما وأصبحت حاصلة فعلا ولا يمكن تعويضها مهما استمر العمل في المشروع ومهما بذل المستثمرون من وقت ومال، ويكون القرار الصحيح في هذه الحالة هو التوقف عن إضاعة مزيد من الوقت والجهد والمال و"ايقاف الاستثمار".

هل فكرت يوما كم من "التكاليف الغارقة" واجهت وربما مازلت تواجه في حياتك ؟ في عملك؟ في مشاعرك؟ في راحة بالك؟ في علاقاتك مع الاخرين؟ في صحتك ؟ في أولادك؟ في شريك حياتك؟

هل لديك ما يكفي من الجرأة والحكمة أن تتوقف عن عمل اي شيء الآن وتلتفت نحو الخلف وتعيد حساباتك في كل ما استنزف مشاعرك أو صحتك أو شغل بالك وأقلق راحتك النفسية طوال السنين الماضية ودون أن تحصل على تعويض عاطفي أو كسب مشاعر أو رضا عن نفسك أو محبة الآخرين أو صداقتهم..

دعني أوضح لك أكثر بأمثلة من واقع الحياة:
إن كنت تسعى للفت انتباه أو كسب رضا شخص ليكون شريك حياتك ، وتسعى لذلك بكل حب ومشاعر صادقة وبذل اهتمام وتضحية براحة بالك وربما بقلة اهتمام في صحتك ، كل هذا في سبيل "كسب " مشاعر واهتمام وقلب الشخص الآخر .. السؤال الذي عليك أن تسأله لنفسك : إلى أى مدى عليك أن "تستثمر" عواطفك ومشاعرك ببذلها في "مشروع" كسب الطرف الآخر قبل أن يصبح استثمارك العاطفي "تكلفة غارقة"؟

بكل بساطة ، إذا لم يبادلك الطرف الآخر نفس الاهتمام فالمشروع فاشل ، ومزيد من الاستثمار لن يعوضك ماخسرته من وقت واهتمام ومشاعر وحب تجاهه ..والقرار يجب أن يكون "إيقاف الاستثمار".

عندما نقرر شراء بيت أو سيارة نضع لذلك "ميزانية محددة" تناسب قدراتنا على صرفها دون أن تتسبب في "دمارنا" أو إفلاسنا. والأهم أيضا دون أن تكون هذه الميزانية على حساب الجوانب الأخرى المهمة من حياتنا مثل العلاج، التعليم، الأكل والشرب والملابس .

إذا لماذا أيضا لا نضع "ميزانية محددة" من المشاعر والعواطف والاهتمام وننفق هذه الميزانية دون أن تكون على حساب جوانب حياتنا الأخرى ؟
 
ابحث عن "التكلفة الغارقة" في علاقاتك وصداقاتك . إن لم يكن الأصدقاء أصدقاء فعلا فتوقف عن الاستثمار في صداقتهم ، فمن الخطأ أن تعتقد أن مزيدا من الاهتمام بهم سيكسبك صداقتهم .

إن لم يكن شريك حياتك يبادلك نفس الحب والاهتمام والعواطف ، توقف فورا عن استثمار صحتك وقلبك وأعصابك في مشروع "تكلفته غارقة".

إن لم يكن مكان وطبيعة عملك يعطيك التقدير ورضا النفس الذي تستحقه فعلا ، فتوقف عن بذل المزيد من الجهد والتعب في مشروع تكلفته غارقة. 

إن لم تحصل على المردود الذي تستحقه من تضحيتك وصدق تعاملك واحترامك لغيرك ، توقف عن صرف المزيد واعلم جيدا أن لا أمل في تعويض التكلفة الغارقة.